توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إلى من يهمه الأمر.. من أجل إصلاح المنظومة الصحية فى مصر

  مصر اليوم -

إلى من يهمه الأمر من أجل إصلاح المنظومة الصحية فى مصر

بقلم - صلاح الغزالي حرب

أستطيع القول، بكل صراحة وأسف، إن المنظومة الصحية فى مصر باتت مهترئة، وتحتاج إلى ثورة إصلاحية تشمل كل عناصر الصحة، ولا تكتفى فقط بالمبادرات الرئاسية الصحية، التى كانت بمثابة إنقاذ سريع وإصلاح ما يمكن إصلاحه لتجنب حدوث انهيار وشيك لهذه المنظومة، ومما زاد الأمر سوءا ما كنت قد أشرت إليه، أكثر من مرة، عن هجرة شباب الأطباء الكارثية إلى الخارج، التى أدت إلى أن يكون هناك 5 أطباء فقط لكل 10 آلاف نسمة، بعد أن كانوا 11 طبيبا فى عام 2014 فى حين أن منظمة الصحة العالمية تقترح 45 طبيبا وممرضا لكل 10 آلاف نسمة!.. وقد وصلتنى رسالة مهمة حول هذا الموضوع من الصديق العزيز أ. د أسامة حمدى، ابن المنصورة، والأستاذ بجامعة هارفارد، والمهموم دوما بقضايا الصحة فى بلده الأم، وقد عرض فيها نماذج متميزة من الأنظمة الصحية العالمية التى عاشها وعاينها بنفسه فى زياراته المتكررة لبلدان العالم، وإلى نص الرسالة:
(من المعروف أن نهضة الأمم المتقدمة ترتكز على نظام صحى متكامل وأمان صحى متقن.. ولذا لا تدخر هذه الدول جهدا فى تطوير أنظمتها الصحية والصرف عليها بسخاء، ويشكل الطبيب الجيد أهم عناصرها، وقد أدركت هذه الدول المثلث المثالى الذى يخرج لها أفضل الأطباء، وهو يتكون من ثلاثة أضلاع:

الأول هو التعليم الطبى الحديث المتقن الذى يتطلب فى البداية الاختيار الصائب لطالب الطب الذى لا يجب أن يعتمد فقط على مجموعه فى الثانوية العامة، بل يجب أن يكون هناك اختبار قبول يختبر قدراته العلمية والنفسية على ممارسة هذه المهنة شديدة الخصوصية، بالإضافة إلى العودة إلى السنة الإعدادية التى كان معمولا بها منذ سنوات طويلة لإعداده بالمواد العلمية المؤهلة لدراسة الطب، كما يجب أن يبدأ التدريب الإكلينيكى منذ اليوم الدراسى الأول، معتمدا على الفهم والإدراك والتحليل السليم وليس الحفظ والتلقين.

والضلع الثانى هو التدريب المستمر وفق خطة محددة فى مستشفيات مجهزة جيدا، وتفعيل عمل اللجان القومية المتخصصة.. ثم يأتى الضلع الثالث وهو توفير المناخ الملائم لعمل الطبيب، وبأجر يتناسب مع مهمته الثقيلة، وبما يضمن له ولأسرته الحياة الكريمة ويغنيه عن البحث عن عمل آخر أو طريق آخر للتربح..

وسوف أتحدث عن بعض أمثلة المنظومة الصحية المتميزة التى عايشتها فى بعض البلاد:

1- فى كوستاريكا: نجحت كوستاريكا، فى أمريكا الوسطى، فى تطبيق أفضل النظم الطبية فى الأمريكيتين لدرجة سفر أكثر من 800 ألف من المرضى فى الولايات المتحدة سنويا للعلاج هناك، وقد بدأ هذا النظام منذ عام 1949 بإدارة هيئة للتأمين الصحى الوطنى تمتلك جميع المستشفيات الحكومية والجامعية، ويعتمد النظام على دفع جميع العاملين بالدولة والقطاع الخاص بمقتضى القانون 7- 11% من الدخل الشهرى إلى الهيئة، وبالنسبة للطبقات الفقيرة تدفع الدولة الحد الأدنى «7%» بالنيابة عنها.. والكشف والفحوصات والعلاج كلها بالمجان، بما فيها علاج الأسنان والعيون، وتحدد الهيئة طبيب رعاية أولية لكل مواطن، ويحدد له نسبة من المرضى حسب تعداد السكان، ولا يمكن للمريض العرض على الإخصائى أو الاستشارى دون تحويل من هذا الطبيب.. كما تدير الهيئة نظام تأمين خاصا، يسمح للمريض باختيار طبيبه ويغطى 80% من أجر الكشف فى العيادات والمستشفيات الخاصة.

2- فى سنغافورة: هو من أفضل الأنظمة الطبية التى رأيتها بعينى وفيه يدفع المواطن 18- 20% من دخله الشهرى، وتدفع جهة عمله مبلغا مماثلا تماما فى صندوق خاص باسم المواطن ويقسم إلى 3 أجزاء: جزء للعلاج الطبى وآخر يستخدم كادخار يستعمله لدفع مقدمات السكن أو فروق العلاج، والجزء الثالث هو فقط للمعاش، ولا يمكن الصرف منه، وبذلك تفرغت الدولة بميزانية الصحة لبناء مستشفيات على أعلى مستوى وتركتها لقطاع خاص محترف يديرها كمؤسسات غير هادفة للربح، وجميع المستشفيات مقسمة إلى أنواع حسب مقدرة المواطن، لكن العلاج فيها ومرتبات الأطباء تأتى مباشرة من صناديق المرضى التأمينية بفاتورة كالقطاع الخاص تماما.. ولا يدفع المريض ثمن السرير واستخدام الأجهزة، لكنه يدفع مصاريف الخدمة العلاجية من صندوق الادخار الخاص به.. وبالنسبة للفئات المحتاجة وغير القادرة تدفع الدولة النسبة المقررة للعلاج فى حدها الأدنى «18%».. وقد نجحت سنغافورة نجاحا هائلا رغم ابتعاد نظامها عن النظام الاشتراكى فى إدارة المنظومة كما فى أوروبا.

3- فى تايوان: النظام الذى تتبعه تايوان فريد من نوعه، حيث يجمع بين النظام الاشتراكى الصينى والنظام الحر الغربى، لكنه يخفف بشدة من تكلفة الدواء، ويحقق العدالة بصورة فريدة، حيث يدفع كل مواطن 6% من دخله، ويدفع صاحب العمل 6% أخرى، ويصرف هذا المال كله على الجميع، بمن فيهم من غير القادرين، وتحصل شركة تأمين حكومية هذه المبالغ وتضعها فى حسابها البنكى، وليس فى حساب الدولة.. وفى نفس الوقت تقوم الدولة ببناء المستشفيات الحكومية الضخمة التى تديرها شركات متخصصة فى الإدارة، فى حين يبنى القطاع الخاص مستشفياته.. ولا يسمح للطبيب بفتح عيادات خاصة ويذهب المريض إلى أى طبيب ولا يحتاج إلى تحويل من الطبيب العام، ويقدم المستشفى- حكومى أو خاص- فاتورة الحساب مباشرة لشركة التأمين التى تدفع الحساب، وتساوم شركة التأمين مصنعى الأدوية على سعر منخفض جدا لأنها وحدها المتحكمة فى الشراء، ويتميز هذا النظام بتحقيق العدالة الاجتماعية وتحقيق العدالة والمساواة بين الأطباء، مع منع العيادات الخاصة والعلاج التجارى وتضارب المصالح، والجميل فى الموضوع هو الفصل المالى التام بين شركة التأمين والدولة.. وقد وجدت الأطباء والمرضى سعداء جدا بهذا النظام المحكم).

انتهى خطاب أخى الكريم د. أسامة حمدى، الذى أحيله بدورى إلى كل من يهمه أمر الصحة فى مصر، وأطالب بعقد مؤتمر موسع يحضره المتخصصون فى الإدارة الصحية وأساتذة الطب وممثلو نقابة الأطباء لوضع سياسة واضحة الملامح لنظام صحى بأهداف محددة، مع الاستعانة بأطبائنا فى الخارج المهمومين بالقضية.. فمشكلاتنا معروفة، وهى تشمل تعليم وتدريب الأطباء، وخلق بيئة مناسبة ولائقة لعمل الطبيب، وتعدد أنواع المستشفيات من حكومية وجامعية وعسكرية وغيرها، واعتماد المريض المصرى مرغما على المستشفيات والعيادات الخاصة، برغم التكلفة الباهظة وعدم إحكام الرقابة عليها، وكذلك مشكلات التمريض المزمنة والنظام الصيدلى وتجارة الدواء والخدمات الصحية بالريف والصعيد، وتدنى الثقافة الصحية وانعدام ثقافة الكشف الدورى، وطبيب الأسرة، وغيرها من المشكلات التى تحول دون حصول المريض المصرى على حقه من الصحة كما كفله له الدستور.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إلى من يهمه الأمر من أجل إصلاح المنظومة الصحية فى مصر إلى من يهمه الأمر من أجل إصلاح المنظومة الصحية فى مصر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 05:37 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

جوليا روتفيلد تكشف للفتيات دليل ارتداء ملابس الحفلات

GMT 17:06 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق مبتكرة لوضع المناكير الأحمر

GMT 20:57 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

فيليب لام يصف قضية مونديال 2006 بالكارثة الشخصية لبيكنباور
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon