تحدثت في المقال السابق (من أجل مجتمع أفضل) عن أحوال الشارع المصرى وأزمة المرور المستحكمة وعن بعض متاعب المدن الجديدة، وقبلها تحدثت عن دفتر أحوال صحة المصريين. واليوم، أستكمل السلسلة بالتحدث عن الزيادة غير المبررة في الأسعار وأحوال الرياضة في مصر.
أولًا.. ارتفاع الأسعار:
سبق أن تكلمت- أنا وكثيرون غيرى- عن ظاهرة الارتفاع المستمر غير المسبوق، الذي أصاب كل ما يمكن شراؤه!، وأستطيع القول بكل صراحة إن الحكومة لم تتعامل بالسرعة والقوة والحزم اللازم مع أزمة بهذا الحجم، فقد اعتمدت في البداية على حسن النية وعلى ضمائر السادة التجار، في الوقت الذي عانى فيه ولا يزال يعانى كل مواطن من نار الأسعار، التي بررها السيد علاء عز، الأمين العام للغرف التجارية، قائلًا إن هناك قلة دائمًا مثل أي قطاع في الدولة هي التي تسىء استخدام واستغلال الظروف، ونصح المواطنين بمقاطعة المحال والسلع التي ترفع الأسعار عن الحد المعروف! في حين أكد رئيس الوزراء في البداية أنه حريص على متابعة مبادرة خفض الأسعار الغذائية، التي تتبناها الحكومة بالشراكة مع القطاع الخاص لمجابهة ارتفاع الأسعار، ولكن، وكما هو متوقع، لم تتراجع الأسعار، مما جعله يعلن مؤخرًا عن تخفيض أسعار 7 سلع استراتيجية بنسبة 15- 25%، وبحسب نص المادة 71 من قانون حماية المستهلك الصادر عام 2018، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تتجاوز 2 مليون جنيه أو ما يعادل قيمة البضاعة موضوع الجريمة كل مَن حبس المنتجات الاستراتيجية المُعَدّة للبيع عن التداول بإخفائها أو عدم طرحها للبيع أو الامتناع عن بيعها.
ومنذ أيام، قال المتحدث باسم مجلس الوزراء إن أزمة ارتفاع معدل التضخم وزيادة الأسعار مستمرة، على أن تتحسن المؤشرات في عام 2025، وقال عن تعويم الجنيه إن ذلك يعود اختصاصه إلى البنك المركزى، وإن هناك زيارة هذا الشهر لصندوق النقد الدولى.. ولا أدرى حقيقة معنى ما قاله المتحدث بأنه لا توجد تسعيرة جبرية على التجار، والدولة ملتزمة بآليات السوق وحرية السوق، وهو نفس ما ردده السيد وزير التموين أكثر من مرة، وعندى هنا تساؤل.. هل ما نراه اليوم هو حرية السوق أم فوضى السوق؟!، وعندما يقرر السيد النائب العام المحترم أن يُعيد إلى الدولة 567 طنًّا من البصل الذي أخفاه بعض التجار، الذين اعتمدت الحكومة على ضمائرهم، ناهيك عن أطنان الأرز والسكر من قبل، فكيف يُفترض أن تتعامل معهم الدولة؟، وهل تكفى تلك العقوبات؟. لقد سبق أن قلت إنه لا مفر من أقصى درجات الحزم مع سارقى أقوات الشعب وأغنياء الحروب، وأقطع بأن إعدام واحد فقط من المتعمدين لهذا الجرم (حرمان المواطنين من الطعام) سيكون عبرة لغيره، ولن تتكرر.. وإن التسعيرة الجبرية المؤقتة ضرورة مُلِحّة في هذه الظروف الطارئة من أجل الحفاظ على السلم الاجتماعى، الذي اهتز بشدة.. وأترك الأمر لمَن بيده الأمر.. وإذا انتقلنا إلى سوق السمك فسوف نجد ارتفاعًا غير مبرر لأسعاره، في الوقت الذي يشهد فيه الاستزراع المائى المصرى تطورًا سريعًا في حجم المشروعات الجديدة مؤخرًا، كما يبلغ الإنتاج السنوى في مصر حوالى 2 مليون طن بنسبة اكتفاء ذاتى 85%، ويقول المتخصصون إن سبب الغلاء يرجع إلى ارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة بنسب تصل إلى 300%، ويتطلب الأمر سرعة إلغاء الجمارك عليها وعلى المواد الخام أو إنتاجها محليًّا، كما يجب العمل على تطهير المياه التي تعتمد عليها المزارع السمكية، وهو أمر غير عسير.
وتبقى ملاحظتان.. الأولى خاصة باقتراح من الرئيس السيسى، منذ سنوات، بتفعيل مبدأ من الحقل إلى المستهلك، وتشجيع الشباب على استخدام سيارات خاصة لنقل المنتجات الزراعية إلى حيث المستهلك مباشرة، والثانية خاصة بضرورة تفعيل وتشجيع أسواق الجملة في كل محافظة، مما يقلل من تكلفة المنتج، ويخلص المواطن من الوسطاء ونهازى الفرص.. وأعود وأكرر أن هذا كله متاح وميسر.. فقط بالاختيار السليم للوزير ومعاونيه، ومصر مليئة بالكفاءات.
ثانيًا.. عن أحوال الرياضة في مصر:
من المؤسف والمؤلم أننا في مصر لا نعطى للرياضة حقها من الاهتمام، الذي يكاد ينحصر في المسابقات المحلية والدولية، في حين أن ممارسة الرياضة بكافة أشكالها من أهم الطرق الفعالة لضمان الحفاظ على الصحة البدنية والعقلية للإنسان، فهى تقلل من نسبة الدهون بالدم، مع زيادة الكتلة العضلية، والحفاظ على الوزن، كما تساعد على النوم والتخلص من الأرق، وتنشط الدورة الدموية، وتزيد من قوة الجهاز المناعى وكفاءة القلب وتقوية الرئتين، وعلى الجانب النفسى ثبت أن الرياضة تساعد في إطلاق هورمونات الدوبامين والسيروتين، مما يقلل من احتمالات الإصابة بالاكتئاب بنسبة تقارب 30%، كما أنها تُكسب الفرد فيتامين د، خاصة عند ممارستها في الهواء الطلق، حيث يحصل الجسم عليه من الشمس مباشرة، وعلى المستوى الشخصى فهى تساعد على اكتساب الصفات الحسنة، مثل الصدق والتواضع والاحترام ومهارات القيادة وتعزيز روح المنافسة وغيرها.. وننتقل الآن إلى حال الرياضة المصرية:
1) مع تراجع دور المدرسة في عملية التعليم بالاعتماد على الأوكار الخصوصية، تراجعت بقوة ممارسة الرياضة بالمدرسة، والتى من المفترض أنها تساعد بشكل إيجابى في تطوير القدرات العقلية والتحصيل الدراسى لدى الطلاب ووقايتهم من الإصابة بالأمراض الناتجة عن قلة الحركة، كما تساعد في الاستغناء عن التدخين، الذي تسرب للأسف إلى المدارس والجامعات.. وندائى إلى مسؤولى التعليم والرياضة بأن يسارعوا إلى الاهتمام الجاد بالنشاط الرياضى في كل المدارس والجامعات وإعادة الأهمية إلى حصة التربية الرياضية، ووضع درجات للمتميزين في أي من أنواع الرياضة، وإضافتها إلى المجموع الكلى.. وحيث إن معظم مدارسنا تفتقد الملاعب الرياضية، فيمكن الاستعانة بالنوادى الرياضية ومراكز الشباب في كل المحافظات بالتنسيق معها.
2) مطلوب الاهتمام الجاد بكل مراكز الشباب والصالات الرياضية، التي انتشرت بكثرة مريبة يجب أن تسترعى انتباه وزارة الشباب إلى مراقبة تلك الأماكن ومتابعة ما يقدم فيها والتأكد من صلاحية كل مَن يعملون فيها وما إذا كانوا يحملون تراخيص معتمدة لممارسة المهنة وكذلك التأكد من المكملات الغذائية وغيرها من المواد التي توصف للشباب من أجل زيادة أحجام عضلاتهم في غيبة تامة للرقابة الصحية.
3) أتفق تمامًا مع رأى د. عبدالمنعم عمارة، محافظ الإسماعيلية، وزير الرياضة الأسبق، في رفضه قانون الرياضة الحالى، الذي يحرم الوزارة من المتابعة وتصحيح ما يحدث في المجال الرياضى والاتحادات الرياضية، وقد جاءتنى رسالة غاضبة من بعض أولياء أمور الشباب بخصوص التفرقة في المعاملة الرياضية الخاصة بالمسابقات بين شباب نادى الصيد المصرى بالدقى وفرعه الآخر في القطامية بالطريق الدائرى، بالإضافة إلى الإهمال الواضح والسيئ للطريق المؤدى إلى نادى صيد القطامية، والذى لا يليق بهذا النادى العريق، ويحتاج إلى تدخل سريع من رئيس النادى.
4) لا أدرى مَن المسؤول عن فكرة إجراء المباريات المصرية المهمة والمؤثرة خارج البلاد!!، وحرمان المواطن المصرى من مشاهدة هذه المباريات في استاد القاهرة الدولى، وهو الأول من نوعه ذو المعايير الأوليمبية في الشرق الأوسط وإفريقيا، وافتتحه الرئيس عبدالناصر في احتفالات يوليو عام 1960؟، ومَن المستفيد من هذا التصرف؟!، وما سر تقليص أعداد المشاهدين حتى الآن في ملاعبنا، في الوقت الذي تنعم فيه بلادنا بالأمن، وهو ما يضر بشدة بسمعتنا الرياضية وكذلك إيرادات المباريات؟.
5) مطلوب، وبشدة، التركيز على الأخلاق الرياضية، فلا خير في رياضة بلا أخلاق، ويكفى مثالًا لذلك ما رأيناه مؤخرًا بين فريقين يلعبان المباراة النهائية، ورفض اللاعبين تسلم الميداليات الفضية من وزير الرياضة وغيره من المسؤولين، في وجود المدرب ورئيس النادى، وكنت أتوقع سحب الميداليات، وتوقيع عقوبات رادعة على هذا التصرف المنافى تمامًا لأخلاقيات الرياضى، ناهيك عن التصرفات غير اللائقة من بعض اللاعبين تجاه الحكام وغيرها من التصرفات.
خلاصة القول.. الاختيار السليم لكل المسؤولين في كل المجالات هو الحل