توقيت القاهرة المحلي 22:56:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يحدث للأسف فى المستشفيات الحكومية والجامعية.. لمصلحة مَن؟

  مصر اليوم -

يحدث للأسف فى المستشفيات الحكومية والجامعية لمصلحة مَن

بقلم:صلاح الغزالي حرب

قد أكون مخطئًا.. وأتمنى أن أكون مخطئًا.. ولكن بصفتى طبيبًا وأستاذًا بكلية الطب، وقضيت ما يقرب من خمسين عامًا فى التعامل مع المريض المصرى، أشعر بالقلق الشديد مما يحدث تباعًا فى بعض المستشفيات الحكومية والجامعية، وهى الملاذ الآمن للملايين من المصريين، وللأسف الشديد، فإن القرارات تصدر فجأة، وبغير استشارة أصحاب الشأن، وهم الأطباء والمرضى، وهو ما يتنافى تمامًا مع ما نادى به رئيس الدولة من ضرورة الشفافية والمكاشفة والمصارحة، وتكون الحجة الدائمة هى البحث عن إدارة حديثة لهذه المستشفيات وتحديث بعضها!، ونتناسى ما جاء فى الدستور المصرى فى المادة (١٨): (لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة، التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها، والعمل على رفع كفاءتها، وانتشارها الجغرافى العادل، وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة، لا تقل عن ٣٪ من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجيًّا حتى تتفق مع المعدلات العالمية)، فهل خلت مصر من قيادات لإدارة المستشفيات؟، وأين دعم الدولة للمرافق الصحية؟، وسوف أضرب بعض الأمثلة لما يحدث فى مرافق الصحة.

أولًا.. مستشفى هرمل:

هو مستشفى تابع لأمانة المراكز الطبية المتخصصة فى تشخيص وعلاج الأورام السرطانية، وهرمل هو اسم أطلقه المصريون على الطبيب الإيرلندى، زانك هاربر، الذى جاء إلى مصر فى نهاية القرن الثامن عشر ليقدم خدماته فى مجال الرعاية الصحية، وأسس ذلك المستشفى بمنطقة مصر القديمة بالقاهرة.. وفى عام ٢٠١٤ افتتح د. عادل عدوى، وزير الصحة الأسبق، بحضور المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء الأسبق، هذا المستشفى، الذى يخدم ما يزيد على ٢ مليون مواطن من الطبقة المتوسطة والأقل منها، وخاصة فى مجال الأورام، وفى عام ٢٠١٧، أعلن وزير الصحة الأسبق، د. أحمد عماد- يرحمه الله- عن تحويل المستشفى إلى مركز أورام لمساعدة معهد الأورام القومى وتخفيف العبء عليه.. وفى عام ٢٠١٨، انطلقت مبادرة الرئيس السيسى لدعم صحة المرأة والكشف المبكر عن أورام الثدى وعلاجها، وكان مستشفى هرمل هو مركز الإحالة الرئيسى للمبادرة.. ومنذ أسابيع قليلة، فوجئنا جميعًا بإعلان وزارة الصحة عن اتفاقية تعاون بين المستشفى ومعهد (جوستاف روسى) الفرنسى، وهو أول مركز لمكافحة السرطان فى أوروبا، وثالث أفضل مستشفى سرطان فى العالم، وتشمل الاتفاقية، كما أعلن، خطة تطوير ورفع السعة الاستيعابية للمستشفى، مع توفير أجهزة أشعة وروبوت جراحى، والتى سوف يتم توفيرها من خلال الشركة المصرية (إيليفت هوسبيتال)، ورئيسها، د. طارق محرم، وقالت الوزارة إن المريض المصرى سوف يعالج فى المستشفى على نفقة الدولة!. والتأمين الصحى، مع إنشاء قسم متخصص لعلاج الأطفال، ومنذ أيام، أصدر وزير الصحة قرارًا بتشكيل لجنة برئاسة رئيس أمانة المراكز الطبية المتخصصة تتولى بحث واقتراح ما يلزم بشأن الحفاظ على الحقوق المالية والوظيفية للعاملين بمستشفى هرمل بعد منح الالتزام بإدارة وتشغيل وتطوير المستشفى إلى شركة إليفت لتصبح فرعًا للمركز القومى الفرنسى، على أن ترفع اللجنة نتائج عملها للعرض على السيد الوزير.. وتثور هنا عدة أسئلة:

١- ما موقف السادة الأطباء بالمستشفى، وهم على مستوى عالٍ من الخبرة وعلى دراية بالمريض المصرى؟.

٢- ما موقف الموظفين والعاملين بالمستشفى، وهل تمت مناقشتهم فى هذا الأمر؟.

٣- مَن سيتكفل بمصاريف الأطباء الفرنسيين ومعيشتهم؟.

٤- ما موقف المريض المصرى، الذى اعتاد منذ سنوات طويلة العلاج فى هذا الصرح بمبالغ مالية تناسب ظروفه المعيشية؟.

إننى أتعجب لماذا لم نكتفِ بعقد اتفاقيات لتبادل الخبرات العلمية مع المستشفى الفرنسى، ويتولى القطاع الخاص المصرى التوسعة، وشراء المستلزمات الطبية، كما نص الدستور؟.

ثانيًا.. مستشفى قصر العينى التعليمى الجديد (الفرنساوى):

نشأت كلية طب قصر العينى عام ١٨٢٧ كأول مدرسة طبية بمصر فى عهد محمد على باشا، وتشمل حاليًا عدة مستشفيات فى جميع التخصصات، وقد تم ضمها إلى الجامعة المصرية فى عام ١٩٢٥، وعُين د. ويلسون مديرًا لها، وفى عام ١٩٢٩ عُين د. على باشا إبراهيم عميدًا لها، وأصبح المستشفى قبلة المصريين من كل المحافظات، حيث يتردد ما يقرب من ٢ مليون ونصف المليون مريض عليه سنويًّا، والعلاج فيه كان بالمجان، والتعليم الطبى كان يتم بالمستشفى، مما زاد من درجة المهارة الإكلينيكية لكل مَن تخرج فيه، وكانت مجموعات من الطلبة من كل الجامعات فى الخارج تطلب المشاركة عندنا فى التدريب الإكلينيكى فى فترات الإجازات. وفى عام ١٩٩٥ تم افتتاح المستشفى الجديد بمساعدة مشكورة من فرنسا، وبحضور الرئيس الفرنسى، وللأسف الشديد، أُعلن فى هذا اليوم أن المستشفى لن يكون بالمجان كما اعتدنا، ولكن بأجر نظرًا للتكلفة العالية، وفى أغسطس ٢٠٢٠، أعلن رئيس الجامعة آنذاك، د. محمد الخشت، عن تحويل المستشفى الجديد الفرنساوى من وحدة ذات طابع خاص إلى وحدة للعلاج بأجر، ونقل تبعيته إلى المستشفيات الجامعية، وأصبح علاج كل أعضاء التدريس بالجامعة فى هذا الصرح.. وللأسف الشديد، لم يتم تطوير المستشفى طوال هذه السنوات، وتدهورت أحواله نظرًا لعدم توافر الإمكانيات!، وزيادة أعداد الموظفين بالمستشفى، وقد وصل الأمر إلى حد عدم إمكانية العلاج الكافى بالمستشفى لأطباء قصر العينى وفكر بعض الزملاء فى اللجوء إلى شركات التأمين، وهو أمر يرفضه الكثيرون، وقد بدأت مؤخرًا عملية تطوير للمستشفى بمساعدة من الجامعة وجهات أخرى، وقد علمت من الزميل العزيز أ. د. إيهاب الشيحى، المسؤول النشيط عن المستشفى، أن هناك تقدمًا تدريجيًّا فى التطوير، الذى يحتاج تضافر الدولة والجامعة لإعادة الروح إلى هذا الصرح العظيم، ولكن يبقى السؤال المهم: أين وزير التعليم العالى؟، ولماذا لم يتدخل فى أمر مهم يخص الجامعة وعلاج أعضاء التدريس؟، ولماذا تنتشر الشائعات بأن هناك نية لبيع أو تأجير هذا المستشفى الذى ينتمى إلى جامعة القاهرة، كما أنه فى الأصل أحد أجنحة قصر العينى التعليمية الجديدة؟.

ثالثًا.. مستشفى معهد ناصر:

طلب منى أ. د. سمير فياض، رئيس المؤسسة العلاجية آنذاك- يرحمه الله- أن أسهم فى علاج المرضى فى معهد ناصر فى بداياته حين افتُتح عام ١٩٨٧، واستجبت له سريعًا، وكانت رحلة طويلة وشاقة وجميلة، تعرفت فيها على معدن المريض المصرى من الطبقة المتوسطة ومحدودة الدخل، وكان نصيبى من علاج المريض الواحد بالعيادة جنيهين ونصف الجنيه، ورفضت كل العروض للعمل فى أى مستشفى آخر، وكانت تكفينى الدعوات المخلصة من القلب من المريض.. ثم أنشأت مع تلميذى النجيب فى المعهد، د. عاطف نسيم، أول مركز فى مصر للفحص الشامل لمرضى السكر وكل مَن يطلب الكشف للاطمئنان وكذا للمقبلين على الزواج، ولا يزال المركز يقدم خدماته للمواطن المصرى والعربى من كل مكان، والحمد لله، ومنذ سنوات، كتبت مقالًا فى «المصرى اليوم»، موجهًا إلى الرئيس السيسى للعمل على تطوير هذا الصرح العظيم بعد هذه الرحلة الطويلة، وقد تحقق ما طلبته منذ شهور مع طلب الرئيس تحويله إلى مدينة طبية على مستوى عالٍ، وبالفعل بدأ العمل، ومنذ أيام، أخبرنى المعهد بأن تكلفة الفحص الشامل، والتى كانت قد وصلت إلى ٧٠٠ جنيه للمريض، ارتفعت إلى ٢٠٠٠ جنيه مرة واحدة، وذلك لارتفاع أسعار المواد الكيماوية فى التحاليل وكذا أسعار الأشعة بأنواعها، ومع ذلك فإننى أرجو أن يُعاد النظر فى هذا المبلغ، الذى قد لا يناسب الكثيرين من المرضى، الذين اعتادوا هذا الكشف السنوى لتجنب مضاعفات مرض السكر، بحيث لا يسبب خسائر للمعهد، ولكن يتناسب مع الأسعار الرسمية بلا أرباح، كما أتمنى أن نحافظ على عبارة (معهد ناصر)، التى تذكر بأن هذا الصرح الطبى الكبير من أفكار الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، الذى تُوفى نتيجة مضاعفات مرض السكر، كما أتمنى أن يستمر مركز الفحص الشامل، ويتم توسيعه وتدعيمه لأهميته القصوى لمرضى السكر ولكل إنسان يتابع حالته الصحية.. لقد جاوزت السادسة والسبعين من العمر، وأتمنى أن أغادر الدنيا مطمئنًا على صحة المواطن المصرى، الذى تكفيه مصاعب الحياة التى تحيط به، كما أتمنى ألا تتحقق بعض الشائعات، التى تثير البلبلة حول بيع أو تأجير هذا الصرح المصرى الخالص.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يحدث للأسف فى المستشفيات الحكومية والجامعية لمصلحة مَن يحدث للأسف فى المستشفيات الحكومية والجامعية لمصلحة مَن



GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

‫تكريم مصطفى الفقى‬

GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon