أولًا.. ترشيد إنفاق الحكومة:
أخيرًا، وبعد تأخر طويل قامت الحكومة بإصدار عدة قرارات مهمة من أجل تحجيم الأزمة الاقتصادية التى تمر بها بلادنا، ومن بين هذه القرارات قرار شديد الأهمية بإلغاء الإعفاءات من الضرائب والرسوم المقررة لبعض جهات الدولة فى الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية، وهناك قرار آخر مهم من الحكومة بمد خدمة 67 طبيبًا بشريًّا و7 مراقبين صحيين من أعضاء المهن الطبية بوزارة الصحة، لمدة عامين، بعد بلوغهم السن القانونية المقررة لانتهاء الخدمة لاحتياج قطاع الصحة لاستمرار الكوادر المؤهلة، وترجع أهميته إلى أن مصر فى حاجة ماسّة إلى أطبائها، بعد هجرة الكثيرين إلى الخارج، وأطالب وزارة الصحة بالإعلان عن هذا القرار لكل الراغبين فى استكمال عملهم بقدر ما تسمح به حالتهم الصحية والعلمية، وذلك حتى تنجح الدولة فى استعادة المهاجرين، بعد حل كل مشاكلهم التى تعرفها الحكومة جيدًا، والتى حذرنا منها كثيرًا.. وقرار مهم آخر ومطلوب بعدم البدء فى مشروعات جديدة فى العام الحالى، وإعطاء الأولوية للمشروعات التى قاربت على الانتهاء (70% فأكثر).. أما عن قضية الترشيد فهناك أفكار أخرى تم الحديث عنها، وأظنها مهمة، وتحتاج إلى دراستها سريعًا لإقرارها من مجلس الوزراء، ومنها:
1- تعديل نظام السفر للحج والعمرة، بحيث لا يُسمح بالحج لمدة عامين إلا لمَن لم يسبق له الحج، وكذلك الأمر مع العمرة، مع إعادة التذكير بأن هذا ما فعله رسولنا وقدوتنا، عليه الصلاة والسلام.
2- التعامل مع شهر رمضان المبارك بكونه شهرًا للصوم فى المقام الأول وليس شهرًا للمزيد من كميات الطعام وأنواعه، مع حظر تام لاستيراد كل الأطعمة التى اعتدنا استهلاكها فى هذا الشهر، والتى لا تمت بصلة إلى الشهر الكريم، ولكنها فى أغلبها من مخلفات الدولتين الفاطمية والعثمانية.
3- التوقف عن عادة الإعلان عن زيادة المعروض من الأغذية فى شهر الصيام، والتى ترهق الميزانية فى هذه الأوقات الصعبة، فالسلع الأساسية متوافرة، والحمد لله، ولا داعى للتخزين، ولا مجال للتبذير، ولكن الأهم بالفعل هو محاربة الغلاء الفاحش، الذى تقوده عصابة من التجار معدومى الضمير ونهازى الفرص، والاستمرار فى تعقبهم، والإعلان عنهم، وتقديمهم للمحاكمة العسكرية استثناءً فى هذه الأزمة.
ثانيًا.. ترشيد إنفاق المواطن
ونحن فى هذه الأزمة الاقتصادية الحادة ينبغى علينا أن نُعدل من سلوكياتنا فى الأفراح والأحزان، فمن غير المقبول إنفاق الملايين على الأفراح وإعلانات الوفاة!، ومهما كانت الحالة المادية ميسورة، فلابد أن يكون هناك إحساس بالملايين من المواطنين الذين لا يستطيعون حتى التفكير فى مشروع زواج، كما أن هناك ملايين آخرين ينتقلون إلى رحمة الله فى صمت، بغير إعلانات مدفوعة الثمن، ومع يقينى بأن كل إنسان هو حر فى إنفاق ماله، إلا أننى فقط أُذكر بأن الأفضل فى الدنيا والآخرة هو أن يكون الإنفاق فى محله، فالمقبل على الزواج يحتاج المساعدة لتمكينه من ذلك بديلًا عن البذخ والإسراف الذى يُنفق على الأفراح بغير فائدة حقيقية تعود على العروسين، كما أن الذى تُوفى إلى رحمة الله يحتاج إلى الدعاء من المحتاج، الذى يستفيد من زكاة مال المتوفى وصدقاته بدلًا من المال المنفق على الإعلانات الضخمة والفخمة، التى نعايشها يوميًّا بلا أى عائد على المتوفى.. ويبقى التذكير هنا بقوله تعالى فى كتابه الكريم: (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد)، وقوله: (وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل فى كتاب مبين)، وقوله: (إن ربك يبسط الرزق لمَن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرًا بصيرًا)، وقوله: (قل اللهمَّ مالكَ الملك تؤتى الملك مَن تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتُعز مَن تشاء وتُذل مَن تشاء بيدك الخير إنك على كل شىء قدير). صدق الله العظيم.
ثالثًا.. مهزلة كرة القدم:
ما يحدث هذه الأيام فى مجال كرة القدم فى مصر، والتى تُعد من أهم نوافذ الترويح والسعادة للمواطن، وخاصة مع الظروف الصعبة التى يعيشها، هو أمر غير مقبول، ويحتاج لثورة تصحيح سريعة.. وكما نعلم، فقد وصل المنتخب المصرى إلى بطولة كأس العالم 3 مرات فقط!، فى حين أن المصريين مارسوا اللعبة لأول مرة عن طريق مباريات نُظمت بينهم وبين فرق الاحتلال البريطانى لمصر فى عام 1882، ثم نُظمت مسابقات بين طلبة المدارس فى 7 مارس 1914 عن طريق النادى الأهلى على كأس أحمد حشمت باشا، ناظر المعارف، واستمرت هذه البطولة حتى عام 1932.. وكانت المشاركة الأولى بكأس العالم فى عام 1934، وكانت تلك هى الدورة الثانية لهذه الكأس التى بدأت فى 1930، وكانت المشاركة الثانية فى مونديال إيطاليا 1990!، ثم الثالثة والأخيرة للأسف فى مونديال روسيا 2018، ويُعد منتخب مصر هو الأول من خارج الأمريكتين وأوروبا يشارك فى كأس العالم، كما أن المنتخب المصرى يمتلك أطول سلسلة مباريات بدون هزيمة فى كأس أمم إفريقيا، وحملت 24 مباراة!، بالإضافة إلى حصد البطولة 7 مرات و3 مرات متتالية.. ومع هذا التاريخ المشرف نرى مؤخرًا تدهورًا سريعًا فى هذا المجال يستدعى تدخلًا من المسؤولين عن الرياضة وكرة القدم:
1- اتحاد الكرة:
بداية لابد من التأكيد على أن الغالبية العظمى من المواطنين لم يقبلوا الاعتذار الصادر من الاتحاد، بل هم ينتظرون ويطالبون باستقالة هذا الاتحاد باعتباره المسؤول الأول عن هذه المهزلة التى عايشناها جميعًا فى الدورة الإفريقية الأخيرة، فرئيس الاتحاد كان رئيسًا لمنطقة الأقصر لكرة القدم، ونجح فى الانتخابات مدعومًا من المهندس أبوريدة، ومدعومًا من أندية الصعيد، ولم نسمع عن تاريخ له فى ممارسة اللعبة من قبل!، على الرغم من تراجع النتائج وقتها، والخروج من أمم إفريقيا 3 مرات متتالية، كما أن أحد النقاد قد اعترض على نوعية الملابس فى الدورة الأخيرة، والتى لم تتناسب إطلاقًا مع شدة رطوبة الجو وقتها، وظهر ذلك على اللاعبين، كما أنه وافق مع مجلسه على مدرب ليس له تاريخ يليق بمكانة مصر، وبراتب يُقدر بـ600 ألف يورو شهريًّا!!، وعند فسخ عقده حصل على 600 ألف يورو أخرى، بغير التمكن من الحصول على أى بطولة!!، ثم تم ترشيح الكابتن محمد يوسف لقيادة المنتخب لمدة أيام فقط، وبعدها تم الاعتذار له، وترشيح الكابتن حسام حسن مكانه!، فإذا لم يكن هذا هو التخبط، فبماذا نسميه؟، ومَن يتحمل وزر إهانة مصر دوليًّا بهذا الأسلوب من الإدارة؟.
2- اختيار المدرب للمنتخبات الوطنية:
هذه ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة للفشل فى اختيار المدرب المناسب، وإرهاق ميزانية الدولة المرهَقة لسبب واضح، وهو عدم وجود معايير علمية للاختيار يتولاها متخصصون من ذوى الخبرة والكفاءة والأمانة، ولكن الاختيار للأسف يعتمد على عوامل أخرى تستوجب المساءلة.. وأطالب بضرورة فتح التحقيق فى ملابسات اختيار المدربين الأجانب، وتحديد الرواتب، ومحتوى العقد من شروط تحت إشراف هيئة متخصصة وكذلك التحقيق العلنى فى كيفية إنفاق اتحاد الكرة.
3- وزير الرياضة:
أعلم أن وزارة الرياضة لا تتدخل فى أعمال الاتحادات الرياضية، ولكنها فى النهاية اتحادات مصرية تعمل لمصلحة مصر، ومن حقنا وواجبنا أن نراقب ونتابع ما يحدث فيها، وأن نُعدل قانون الرياضة إذا لزم الأمر، ولذلك أطالب بالتحقيق مع المسؤول عن اختيار المدرب الأخير، ومَن المستفيد من الصفقة، ومَن يتحمل الملايين التى أُنفقت هدرًا من أموال الدولة، وكم الغضب والحزن الذى أصاب الملايين، كما أتساءل عن المدربين المصريين، الذين لم يأخذوا حقهم فى السفر إلى الخارج للتعرف على التقدم المذهل فى هذا المجال بدلًا من الاعتماد على ذبح العجل لإزالة النحس من المنتخب!! أو مضاعفة مكافأة التأهل للاعبين!، والتى هى إهانة للاعبين المصريين، كما أتساءل عن عدم اهتمام الأندية بسفر اللاعبين المتميزين إلى الخارج كى يكونوا فى خدمة بلدهم عند الحاجة، وبعد اكتساب الخبرات العالمية- كما فعل اللاعب المتميز محمد صلاح، ولكن بجهده الخاص وذكائه المتقد وإخلاصه لبلده- ثم أتساءل عن الاهتمام بالناشئين فى كل المحافظات، وهو من الأدوار المهمة لوزارة الشباب، التى أعلم أنها تمارسها، ولكنها تحتاج إلى دفعة قوية فى هذا المجال الحيوى بدلًا من دفع الملايين من العملة الأجنبية للاعبين غير المصريين، وخاصة بعد انتشار أندية الشركات الغنية، التى بكل أسف حلت مكان أندية الأقاليم، التى تفتقد الميزانية المطلوبة لهذه المهمة، وهى فى رأيى نكسة حزينة يجب أن ننتبه إليها، فما أكثر الموهوبين من الصغار فى كل المحافظات، والذين لا يملكون وسيلة للتواصل مع الأندية، ويجب أن يكون اختيار لاعبين من الخارج فى أضيق الحدود، وخاصة أن عدد الشباب عندنا
(18- 29 سنة) هو ما يقرب من 22 مليون نسمة، (21% من السكان