توقيت القاهرة المحلي 05:05:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

متى نتوقف عن خداع أنفسنا؟

  مصر اليوم -

متى نتوقف عن خداع أنفسنا

بقلم::صلاح الغزالي حرب

 ونحن نستعد لإعلان الجمهورية الجديدة، ونبدأ حوارًا سياسيًّا وطنيًّا مع كل ذى رأى، أرى لزامًا علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا، بعد أن عشنا سنوات طويلة بدأت مع عهد الزعيم الراحل عبدالناصر واستمرت معنا حتى الآن ونحن نرتكن إلى خداع النفس فى كل المجالات وبدرجات مختلفة، وهو ما أدى بنا إلى وضع لا يليق بمصر، ونحن الذين أوقدنا شعلة الحضارة فى هذا العالم منذ آلاف السنين، ويكفى أن نتذكر الإعلام المصرى فى الساعات الأولى من حرب 1967 وما سبقها من عروض للصواريخ القاهر والظافر، ثم وعود الرئيس الراحل أنور السادات، يرحمه الله، بعد نصر أكتوبر العظيم، بالرخاء، بعد الارتماء فى أحضان الولايات المتحدة، مع الانفتاح غير المنضبط، وصولًا إلى فترة ركود طويلة فى عهد الرئيس الراحل حسنى مبارك، يرحمه الله، تحت شعار الاستقرار، الذى وصفته فى أحد مقالاتى بـ«الأهرام» فى ذلك الوقت بأنه ليس استقرارًا، بل هو ركود، وقد يؤدى- بالتعبير الطبى- إلى جلطات فى شرايين مصر.. وهو ما حدث بالفعل مع الأسف.. وللحق، فإن ما يحدث فى مصر منذ تولى الرئيس السيسى المسؤولية لم يحدث من قبل فى تاريخنا الحديث، وهو يعبر عن رغبة قوية فى تحريك المياه الراكدة فى كل شبر من الأرض المصرية، وهو ما نراه بأعيننا، ولا يُنكره إلا جاحد أو غافل، وخاصة إذا تذكرنا أنه تسلم القيادة فى وقت شديد الصعوبة مع الإرهاب الأسود على كل الجبهات.. وكان من الطبيعى والمتوقع أن تحدث أخطاء، وأن تزداد القبضة الأمنية التى أعاقت الممارسة السياسية والرأى الآخر، حتى تحدث الرئيس فى مؤتمر العائلة المصرية، وأخبرنا بأننا فى طريقنا إلى مرحلة جديدة أتمنى أن تكون تتويجًا لما حدث، ونبدأ مرحلة جديدة يشارك فيها الجميع، وخاصة مع الأزمة الاقتصادية الخانقة التى اجتاحت العالم من حولنا.. وسوف أسرد اليوم بعض الأمثلة مما سميته «خداع النفس» لكى نسرع خطانا نحو التقدم المنشود بكل صراحة ووضوح وشفافية.

أولًا.. اختيار القيادات الجامعية:

سبق أن تحدثت عن أهمية استقلال الجامعات وحقها فى اختيار قياداتها، وركزت على ما حدث ويحدث فى اختيار عميد جديد لطب القاهرة، وقد أخبرنى بعض الزملاء من المرشحين لهذا المنصب مؤخرًا أن هناك ضغوطًا لاختيار أسماء بعينها.. وهو ما أتمنى ألا يكون حقيقيا.

ومن هنا، فإننى أحذر من أى تدخل فى أعمال اللجنة لاختيار العميد، والذى يجب أن يتم على أساس الكفاءة والقدرة والأمانة والخبرة وما قدمه أمام اللجنة من اقتراحات وأفكار، فقط من أجل عودة قصر العينى إلى مكانته.. وكى نتوقف عن خداع أنفسنا.

ثانيًا.. الإعلام والحوار الوطنى:

بكل أسف وصراحة، أستطيع القول إن الإعلام المصرى فى ثوبه الحالى لا يعبر عن الشعب المصرى بقدر ما يعبر عما يصدر عن الحكومة من قرارات وإجراءات، وإن دوره فيما يخص الحوار الوطنى لا يزال محدودًا، فمن ناحية نجد أن مقدمى هذه البرامج الحوارية هم نفس الوجوه التى عاصرناها لسنوات طويلة، والذين أصابوا المشاهدين بالملل مع تكرار وجوه الضيوف، مما يستلزم الدفع بوجوه جديدة وفتح الأبواب لإعلاميين متميزين كانوا قد انسحبوا من المشهد رغم كفاءتهم، كما يريد المواطن أن يستمع الى كل ذى رأى شريطة أن يكون موضوعيًّا ومُلِمًّا بكل تفاصيل الموضوع حتى تكون المداخلة مفيدة، كما صرح بذلك الرئيس السيسى، فنحن فى وقت عصيب لا يتحمل المزايدة والخداع، وما أكثر المتخصصين الأمناء والمُحبين للوطن وفى كل المجالات.. فلماذا الإصرار على خداع النفس؟!.

ثالثًا.. مجانية التعليم:

الشعار الذى رفعه عميد الأدب العربى، د. طه حسين، (التعليم كالماء والهواء، حق لكل إنسان) هو شعار لا خلاف عليه مبدئيًّا، ولكننا نعلم جميعًا أن الماء والهواء لابد لهما من جهاز تحكم لضبط ما يحتاجه الإنسان منهما تجنبًا لكوارث صحية، وهو ما نراه الآن بكل وضوح من مجانية مزيفة، حيث سيطرت الدروس الخصوصية على كل درجات التعليم من الحضانة إلى الجامعة، وهى حقيقة مؤسفة ماثلة أمام عيوننا، ويجب ألّا نخدع أنفسنا، وأقترح أن تقتصر المجانية على مرحلة التعليم الأساسى، مع وضع ضوابط صارمة لانضباط المدرسة والمعلم، ومضاعفة العقوبات على أولياء أمور التلاميذ المتغيبين والهاربين من التعليم، أما عن التعليم الجامعى فقد اقترحت سابقًا أن يقتصر فقط على المجتهدين من الطلاب، مع دفع تكلفة المادة التى يرسب فيها الطالب.. كما أقترح ترشيد عدد الطلاب الملتحقين بالجامعة، بحيث تُحدد نسبة 50% على الأقل من الناجحين فى الثانوية العامة للالتحاق بالكليات والمعاهد الفنية، التى زادت فى الفترة الأخيرة، وإعطاء درجة البكالوريوس للخريجين، مع التعاون مع الدول الصديقة، وفى مقدمتها ألمانيا المتميزة فى هذا المجال، وسبقت المشاركة معها فيما سُمى (مبارك كول)، وبهذه المناسبة أطالب بزيادة أعداد الطلاب المصريين المقبولين بكليات الطب الحكومية، والتى تقلصت أمام أعداد كبيرة من الوافدين، الذين يدفعون بالعملة الأجنبية، وهو أمر واقع ومؤسف، ويجب أن يتغير، فهناك كليات طب خاصة وأهلية تكفى الإخوة الوافدين.

رابعًا.. نظام الامتحانات ودور المسؤول:

سنوات طويلة ونحن نُطمئن أولياء أمور التلاميذ على أن الامتحان فى مستوى الطالب المتوسط، فى الوقت الذى ننادى فيه بالجمهورية الجديدة الحديثة، التى لن يبنيها الطالب المتوسط أو الضعيف، فنحن فى حاجة ماسّة إلى المجتهد والمتفوق والمثقف والواعى، وكما قال الرئيس مؤخرًا فإننا نفرح بتخريج الآلاف فى بعض الكليات الجامعية، والذين لا مكان لهم للأسف فى سوق العمل.. ومن ناحية أخرى تعودنا عبر سنوات طويلة على رؤية السيد الوزير أو السيد المحافظ وهو يتفقد سير الامتحانات، وسط التلاميذ المنهمكين فى الإجابة، ومع كل منهم مجموعة من الموظفين والمصورين لاقتناص اللقطة، وسط ارتباك التلميذ، وهو مشهد لا وجود له فى العالم المتقدم.. وهو مثال آخر لخداع النفس والإيهام بأن السيد المسؤول قد اطمأنت نفسه لسير الامتحان ومستوى الامتحان!. وأضف إلى ذلك ظاهرة سيئة لازدحام أولياء الأمور حول المدرسة بحجة الخوف على أبنائهم.. كل ذلك يجب أن يختفى فورًا، وبقوة القانون، ونتوقف عن خداع النفس.

خامسًا.. منظومة الصحة فى مصر:

انزعجت وتعجبت من تصريحات د. خالد عبدالغفار أمام مجلس النواب، والتى أعلن فيها أن منظومة الصحة فى مصر من أفضل الأنظمة فى العالم!، وأن المجلس الصحى المصرى يضعنا على خريطة الصحة العالمية!. كما صرح أمام لجنة الصحة بمجلس النواب بأنه لا توجد دولة تكلف كل الخريجين، ونحن قد نحتاج فقط 50% من أعداد الخريجين للتكليف!، ولن أعلق على تصريحاته، التى تتناقض تمامًا أمام الواقع الصحى الذى نعيشه، ولكنى فقط أُذكره بما فعله د. النبوى المهندس، يرحمه الله، والذى اختاره الزعيم الراحل عبدالناصر وزيرًا للصحة، واستمر فيها 10 أعوام حتى وافته المنية نتيجة سكتة قلبية، والذى اتجه فورًا إلى الريف والصعيد المنسى بإقامة أكثر من 2500 وحدة صحية ومئات المستشفيات العامة والمركزية مع أول برنامج لتنظيم الأسرة فى مصر مع مراكز لشلل الأطفال والقلب وغيرها، والتى امتلأت بالأطباء الجدد للتكليف الإجبارى من أجل رد الجميل إلى الدولة التى قامت بتعليمهم وتجهيزهم قبل أن يتقدموا لدراستهم العليا. ودارت الأيام، وأصبح التكليف اختياريًّا، واختلط الأمر على الطبيب المصرى الشاب المتخرج حديثًا، وتدهورت أحوال الصحة فى ريفنا وصعيدنا، فمتى نتوقف عن خداع النفس؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى نتوقف عن خداع أنفسنا متى نتوقف عن خداع أنفسنا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon