بقلم:صلاح الغزالي حرب
أولًا.. ارتفاع الأسعار.. إلى متى؟
لم تشهد مصر من قبل ارتفاعا فى أسعار كل السلع الغذائية وغيرها من كل أنواع السلع إلا فى السنوات الأخيرة، وهو من أهم أسباب القلق والغضب بين الناس، وقد كثرت تعهدات الحكومة بالعمل على خفض الأسعار بما يتناسب مع دخول الأغلبية من المواطنين ولكن يبدو أن هناك مافيا تتحكم فى الأسعار مستغلة الأزمة الاقتصادية غير عابئة بأحوال الناس، والأمثلة كثيرة فعن أسعار اللحوم يقول حسين أبوصدام نقيب الفلاحين إن السبب يكمن فى قلة عدد الرؤوس الحيوانية فى مصر والتى تقدر بنحو ٨ ملايين رأس تقريبا بالنسبة لعدد السكان، وذلك لعدم وجود مراع طبيعية واعتماد التغذية على الأعلاف المزروعة أو المصنعة عالية التكاليف، وهو يطالب بتسهيل إجراءات استيراد المستلزمات العلفية وتشجيع المزارعين على صناعتها والعمل بجدية للاستفادة من المخلفات الزراعية فى تصنيع الأعلاف، مع توفير الأدوية البيطرية والتحصينات بكميات كافية وأسعار مناسبة. والرسالة هنا موجهة إلى وزير الزراعة لحل هذه الأزمة وإلى الجهات الرقابية لضبط المستوردين الذين يستوردون بأسعار زهيدة ويتم بيعها على أنها لحوم بلدية، وللأسف تجيز المجازر التابعة لوزارة الزراعة الأختام الحمراء المميزة للحوم مثلها مثل اللحوم المحلية!، بالإضافة إلى انخفاض واردات مصر من الماشية السودانية فى السنوات الأخيرة نتيجة للأزمة السودانية، والمطلوب أن يخرج علينا السيد وزير الزراعة ليشرح كيفية الخروج من هذه الأزمة التى طالت وانتهز البعض من عديمى الضمير الفرصة لرفع الأسعار بلا حدود.
وعن أسعار الأسماك التى بشرتنا الحكومات المتتالية بأنها ستكون غذاء المصريين المفضل، وللأسف ارتفعت أسعارها بجنون رغم كل ما فعلته الحكومة من خلال مشروعات الاستزراع السمكى فضلا عن تنمية وتطوير البحيرات. ويقول د.هانى المنشاوى رئيس شعبة الأسماك بغرفة الصناعات الغذائية إن ارتفاع أسعار العلف هو أحد الأسباب بالإضافة إلى تكلفة الجاز المستخدم فى مراكب الصيد وارتفاع أسعار الكهرباء، ولكن هناك أسباب أخرى غير مفهومة لهذا الارتفاع!، فلا يعقل أن يصل سعر كيلو البلطى إلى ٧٠ جنيها فى المزرعة ويصل للمستهلك بما يزيد على ١٠٠ جنيه مما يوحى بأن المستفيد هم الوسطاء وليس المنتجين. ويقول اللواء الحسينى فرحات رئيس جهاز حماية وتنمية الثروة السمكية إن الجهاز يعانى من عجز يصل إلى ١٢٩ مليون جنيه!، كما أن هناك تأثيرا لقرار وقف الصيد فى البحر الأحمر لمدة ٥ سنوات!!، ويضاف إلى ذلك ضعف الإنتاج من بحيرة ناصر التى تعتبر من أكبر البحيرات فى العالم فقد انخفض الإنتاج من ١٤٠ ألف طن سنويا إلى بضعة وعشرين طنا فقط وهناك تجاوزات ومشاكل تستدعى وضع هيئة مستقلة لإدارة البحيرة. والمعروف أن السوق المحلية تعتمد على المزارع السمكية كمصدر رئيسى بنسبة ٨٠٪ ورغم تزايد إنتاجها فلم تحقق الدولة أهدافها فى مجال الثروة السمكية، وقد تضررت صناعة الاستزراع السمكى فى مصر بعد ارتفاع أسعار الحبوب والعلف المستورد بنسب تصل إلى ٣٠٠٪، والمطلوب هو إلغاء الجمارك على الأعلاف والمواد الخام لدعم المزارع والعمل على توفير الأسماك للمواطنين بأسعار مناسبة قبل الاهتمام بالتصدير.
إن الأمثلة كثيرة عن الارتفاع غير المنضبط للأسعار فى كل مستلزمات الحياة اليومية ولم تنجح النداءات بمراعاة الضمير والحالة الاقتصادية الصعبة وأصبحت السلع ترتفع أسعارها يوميا بلا رادع من ضمير أو قانون، والحل يكمن فى فرض القانون بالحزم والقوة والإعلان عن أسماء عديمى الضمير.. مع تشديد الرقابة فى كل المنافذ التجارية.
ثانيًا.. الفساد الرياضى.. إلى متى؟
تمثل ممارسة الرياضة استثمارا لحياة صحية.. فهى تساهم فى تحقيق التوازن بين الجسد والعقل مما يؤدى إلى تحسين جودة الحياة بشكل عام، كما أنها تساهم فى الوقاية من الأمراض وتقلل أعراض الاكتئاب والقلق وأخيرا فهى تربية للنفوس قبل أن تكون إحرازا للكؤوس كما يظن الكثير من شبابنا.. وعلى الرغم من الجهود المشكورة للدكتور أشرف صبحى إلا أننا فى حاجة ماسة إلى ثورة تصحيحية لمنظومة الرياضة فى مصر بالتعاون مع الوزراء والمحافظين، والأمثلة كثيرة:
١-كرة القدم التى تحتل مكانة عالية عند الغالبية من المصريين أصبحت تدار بالعشوائية والشللية والمحسوبية والمصلحة.. وهناك شبهات كثيرة مثل قضية وفاة اللاعب أحمد رفعت ونحن فى انتظار التحقيق.. وأيضًا هناك ملاعب خالية من الجماهير التى كانت تملأ جنباتها لسنوات طويلة وبغير سبب مقنع بعد استقرار الوضع الأمنى بحمد الله، وعقم غير مفهوم للأشبال والبراعم فى الأندية واستبدال ذلك بلاعبين من خارج مصر بالملايين التى يتقاسمها الوكلاء وأكاديميات، ومراكز للتدريب الخاص تستنزف جيوب المواطنين فى غيبة تامة للرقابة والمتابعة. وباختصار فإن رائحة الفساد بدأت تفوح فى انتظار ثورة تصحيحية تعيد لمصر مكانتها الرياضية.
٢-الطب الرياضى فى أزمة ففى أسابيع قليلة فقدنا اللاعب المصرى الخلوق أحمد رفعت (٣٠ عاما) بعد أن توقف قلبه لفترة طويلة فى إحدى مباريات ناديه مما أدى إلى نقص تركيز الأوكسيجين فى المناطق الحيوية من الجسد وتوفى بعد حوالى ٤ أشهر.. كما توفيت اللاعبة الموهوبة شذى نجم بطلة سباحة نادى طنطا ومنتخب مصر للسباحة والتى توقف قلبها خلال التمرين وبعد فشل إنقاذها فى وحدة الإسعاف للحمام الأوليمبى لفظت أنفاسها الأخيرة فى مستشفى معهد ناصر ولم نسمع تفسيرا لما حدث من اتحاد السباحة!. ومنذ أيام أعلن الاتحاد المصرى لرياضة الكانوى والكاياك فقدان الشاب محمد عمرو مصطفى لاعب نادى الكهرباء وقد تم العثور على قارب ومجراف اللاعب كما تم العثور على جثمانه فى نهر النيل، والمؤسف أن رئيس اتحاد الكانوى علق على هذا الحادث الأليم بقوله (أنا ماعرفش حاجة ونحن كاتحاد لسنا مسؤولين فى هذا الأمر واسألوا النادى عن كيفية الوفاة). وإذا صح ذلك فلا بد من استقالته ومحاسبته مع غيره على الاستهتار بوفاة الشاب. إن هذا أمر خطير يستلزم تدخلا سريعا من وزارة الشباب والرياضة لتطوير منظومة الصحة الرياضية لهؤلاء اللاعبين مع الاستعانة بالخبراء المختصين فى هذا المجال بعيدا عن الهواة، وكذلك استقدام أحدث الأجهزة المستخدمة فى حالات توقف القلب المفاجئة كما نصح بذلك أستاذنا القدير أ.د. شريف مختار رائد علم الحالات الحرجة فى مصر والشرق الأوسط كما يتطلب فحصا طبيا أمينا لكل ممارسى الرياضة وخاصة المحترفين بصورة دورية.
٣- الأخلاق الرياضية
من المفترض أن الرياضة توفر للاعبين قيم اللعب النظيف وروح العمل كفريق واحترام القواعد واحترام الآخرين والتعاون والانضباط والتسامح، وهو للأسف ما لا يتوافر لنا فى مجالات كثيرة فهناك المهزوم الرافض لمصافحة الفائز والذى يلقى بالميدالية على الأرض رافضا للنتيجة وهناك القضايا التى تصل إلى المحكمة نتيجة تصرف غير لائق، ثم هناك المثال الأخير حين تعمدت لاعبة الدراجات أن تؤذى زميلتها فى السباق والذى أدى إلى دخولها المستشفى وإجراء عمليات جراحية ثم يتم ترشيحها من اتحاد الدراجات بعد انتهاء فترة عقوبتها للاشتراك فى الأوليمبياد حتى تدخلت اللجنة الأوليمبية مع ضغط الرأى العام لإصلاح القرار ومنعها من السفر. نحن نحتاج إلى دستور أخلاقى رياضى يخضع له كل من يمارس الرياضة فلا خير فى رياضة تفتقد الأخلاق.
٤- الأندية المصرية
أتذكر جيدا أننا فى الماضى كنا نتسابق فى تشجيع الأندية المصرية فى كل المحافظات (الأهلى والزمالك والاتحاد والأوليمبى وطنطا والمصرى والإسماعيلى وأسوان والترام والمحلة وغيرها)، وكنا نستمتع بتشجيع مواطنى كل محافظة والذين كانوا يملأون جنبات الملعب، ووصل بنا الحال الآن بعد الإعلان عن الاحتراف والذى لا يمارس للأسف كما يطبق فى العالم المتقدم من حولنا، أن دخل رجال الأعمال والشركات إلى الحلبة وشاهدنا الملايين تتدفق على اللاعب المصرى والأجنبى بغير حساب، وتناقص بالطبع عدد المشجعين لهذه الأندية الممولة وتراجع الكثير من المحافظات نتيجة عدم القدرة على المنافسة والمؤسف أن معظم هذه الأندية الجديدة لم تقبل بالأسماء العربية وتحولت إلى اللغة الأجنبية للتباهى، ومنها ناد مصرى قديم باسم نادى كوكاكولا والذى تحول إلى نادى مستقبل وطن!، ثم نادى فيوتشر (بمعنى مستقبل) ثم مودرن فيوتشر أو مودرن سبورت!!. وهناك ناد مصرى قديم تأسس عام ٢٠٠٨ تحت اسم الأسيوطى ثم أصبح اسمه بيراميدز! (بمعنى الأهرامات) وفى الطريق أندية أخرى.. وقد تألمت بشدة عندما قرر نادى بيراميدز أن يرفع أسعار حضور مباراته مع النادى الأهلى حتى وصلت إلى ٥٠٠٠ جنيه للمقصورة (لتقليل عدد مشجعى الأهلى) مما أدى إلى تدخل محمود الخطيب رئيس النادى الأهلى وأيقونة مصر الرياضية واشترى كل مقاعد المشاهدين بالسعر المناسب لها.
مطلوب إعادة الحياة إلى نوادى كل المحافظات والتى تعتبر من أهم مصادر إنتاج اللاعب الموهوب (محمد صلاح كمثال) وكذا الإصرار على احترام اللغة العربية– اللغة الأم– والقضاء على الفساد والإهمال فى المنظومة الرياضية.