توقيت القاهرة المحلي 08:04:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نفحات من القرآن الكريم

  مصر اليوم -

نفحات من القرآن الكريم

بقلم:صلاح الغزالي حرب

بدأ نزول القرآن الكريم فى اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان من السنة الثالثة عشرة قبل الهجرة النبوية (إنا أنزلناه فى ليلة القدر)، ولم ينزل دفعة واحدة بل نزل متقطعا واستمر نزوله على رسولنا الكريم، عليه الصلاة والسلام، حتى اكتمل 23 عاما وكانت آخر آياته نزولا (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) فى سورة البقرة، ولذلك فإن أفضل ما يمكن أن يفعله المسلم فى هذا الشهر الكريم هو قراءة القرآن وتدبر آياته والتفكر فى معانيه، وسوف أضرب بعض الأمثلة لبعض الآيات الكريمة وأبدأ بآخر ما نزل من القرآن:

1- نزلت هذه الآية قبل وفاة الرسول الكريم ببضعة أيام، ويلاحظ أنها موجهة إلى كل الناس، واليوم المذكور يشير إلى يوم القيامة، وقيل إنه قد يشير إلى يوم الموت، وقد جاءت بعد الآيات التى تتحدث عن خطورة الربا (يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين)، وهى تحذر من أكل الربا ومن يزاول فى الأموال مزاولات محرمة، وتذكر أن هؤلاء سوف يحاسبون أمام الله فيجازى كل واحد منهم بما عمل من خير أو شر دون أن يناله ظلم.. وأتمنى أن تصل هذه الرسالة الإلهية إلى الذين يسعون وراء المال الحرام فى هذه الفترة العصيبة بتخزين الأطنان من الأغذية الضرورية لرفع الأسعار، وأولئك الذين يتاجرون فى العملة لجنى المال الحرام.

2- (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا):

والمقصود هنا أن الإسلام هو دين الوسطية بين الغلو والتقصير، فكلاهما مذموم، ومن أهم الأدلة على ذلك أنه يحترم كل الأديان السماوية الأخرى ويطالب بالإيمان بها (لكم دينكم ولى دين)، وللأسف الشديد فإننا نرى فرقا عديدة تدعى أنها تمثل الإسلام، وهو ما يذكرنا بقول رسولنا الكريم، عليه الصلاة والسلام، محذرا (ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها فى النار إلا واحدة.. قيل من هى يا رسول الله قال (من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابى)، وبالفعل فقد ظهرت فرق ومدارس اختلفت فى التأويل والتفسير، وكان الانقسام الرئيسى بين الإسلام السنى والشيعى والذى كان فى البداية سياسيا أكثر منه دينيا وهناك المعتزلة والماتريدية والأشاعرة والظاهرية والأثرية والإثنى عشرية وغيرها الكثير، فمتى ندرك حقيقة الإسلام السمحة بعيدا عن التفرق والتحزب؟.

3- (يأيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين)، (ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون):

والصبر هو الصمود المستمر على الأشياء المؤلمة نفسيا وتحملها بروح عالية ونفس طيبة دون إظهار ملامح الاستياء والانفعال على الوجه، بحيث لا تكون مرئية أو محسوسة من قبل الآخرين، وهو واجب عند المصائب.. وفى رمضان فإن الصبر هو نصف الصوم، كما قال نبينا الكريم، عليه الصلاة والسلام، مشيرا إلى أن الصبر هو صبر بالله (واصبر وما صبرك إلا بالله)، وفضل الصبر كبير فثوابه لا يحد وأجره لا يعد (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)، كما أن العوض فى الدنيا والخلف فى الآخرة، فأما فى الدنيا فيجعلهم أئمة الهدى، (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) ولهم فى الآخرة الجنة

4- (وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين):

يستدل من هذه الآية بوضوح على أن الحرب فى الإسلام لها بعد دفاعى، حيث إنه يقر بمبدأ الدفاع عن الحق المشروع الذى تعترف به الفطرة الإنسانية لكل الناس، وهو الحق بالعيش بحرية وكرامة، ويلاحظ أن الله سبحانه وتعالى قال (قاتلوا) ولم يقل (اقتلوا) كما أنه قتال فى سبيل الله وليس شيئا آخر، فالله يريد أن يضع حدا لجبروت البشر وليس بنية الاستعلاء من أجل الجاه والمال، فالقتال إذن وسيلة وليس غاية، وإذا ما طبقنا ذلك على ما يحدث هذه الأيام من اعتداء وحشى غير مسبوق على الآلاف من إخوتنا فى فلسطين بأيدٍ صهيونية متوحشة محتلة وبأهداف مستترة بما زوروه من التوراة ومن أجل سرقة أرض فلسطين فإنه يتحتم علينا استخدام كل ما نملك من إمكانات لوضع حد لهذه المجزرة لاسترجاع الحق، وعلى الجانب الآخر من الصورة فإنه يتوجب على علماء المسلمين أن يتدخلوا للتخلص من جماعات الإرهاب التى رفعت راية الإسلام فى عمليات إرهابية للقتل فى أماكن كثيرة من العالم، والتى شوهت صورة الإسلام الحقيقى باسم الإرهاب الإسلامى والدين منهم براء.

5- وصايا لقمان الحكيم:

قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام (إن لقمان كان عبدا كثير التفكر.. حسن الظن.. كثير الصمت.. أحب الله فأحبه الله ومنّ عليه بالحكمة)، ويقال إنه كان من قرية النوبة أسمر الوجه وعاش فى الحقبة التى عاش فيها سيدنا داود عليه السلام، ونال على يده الكثير من العلم والحكمة حتى نال محبة الله سبحانه وتعالى الذى ذكر وصاياه لابنه فى قرآنه الكريم:

1- (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم):

لقمان يحذر ابنه من الشرك بالله ويصفه بالظلم العظيم لأنه يساوى هنا بين الخالق والمخلوق (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).

2- (يا بنى إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن فى صخرة أو فى السموات أو فى الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير):

يقول لقمان إنه لو كانت الحسنة أو السيئة فى صغرها قدر حبة الخردل (بذور صغيرة مستديرة من نباتات الخردل من 1- 2 مليمتر) فى وسط الحجر أو فى أى موضع فى السماوات أو فى الأرض، فإنها لا تغيب عن علم الله وسوف يأتى بها يوم القيامة ليجازى كلا بعمله إن كان خيرا فخير وإن شرا فشر.

3- (يا بنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور):

ينصح لقمان ابنه بالحفاظ على مداومة الصلاة فى أوقاتها وبفعل الخير والابتعاد عن الشر والتحلى بالصبر فى كل المواقف الصعبة، فذلك دليل على العزيمة والإرادة.

4- (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش فى الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور):

ينصح لقمان ابنه بعدم التكبر والتعاظم على الناس بل يقبل عليهم متواضعا مؤنسا مستأنسا، وإذا حدثه أصغرهم يصغ إليه حتى يكمل حديثه فإن الله لا يحب المعجب والفخور بنفسه على غيره.

5- (واقصد فى مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير):

يقول لقمان لابنه تواضع فى مشيك إذا مشيت ولا تستكبر ولا تستعجل واخفض من صوتك واقتصد، فإن أقبح الأصوات صوت الحمير.. أوله زفير وآخره شهيق.

خلاصة القول: ونحن فى شهر القرآن علينا أن نقرأه ونتدبر معانيه ونستخلص منها العبر، وأوجه ندائى إلى السيد وزير التعليم لوضع وصايا لقمان الحكيم ضمن دروس اللغة العربية من أجل زرع القيم والمبادئ الإنسانية المتحضرة فى عقول الشباب.. وكل عام وأنتم بخير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نفحات من القرآن الكريم نفحات من القرآن الكريم



GMT 10:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 10:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 10:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 10:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 10:30 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تصادم الخرائط

GMT 10:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon