توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نفحات من القرآن الكريم

  مصر اليوم -

نفحات من القرآن الكريم

بقلم:صلاح الغزالي حرب

بدأ نزول القرآن الكريم فى اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان من السنة الثالثة عشرة قبل الهجرة النبوية (إنا أنزلناه فى ليلة القدر)، ولم ينزل دفعة واحدة بل نزل متقطعا واستمر نزوله على رسولنا الكريم، عليه الصلاة والسلام، حتى اكتمل 23 عاما وكانت آخر آياته نزولا (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) فى سورة البقرة، ولذلك فإن أفضل ما يمكن أن يفعله المسلم فى هذا الشهر الكريم هو قراءة القرآن وتدبر آياته والتفكر فى معانيه، وسوف أضرب بعض الأمثلة لبعض الآيات الكريمة وأبدأ بآخر ما نزل من القرآن:

1- نزلت هذه الآية قبل وفاة الرسول الكريم ببضعة أيام، ويلاحظ أنها موجهة إلى كل الناس، واليوم المذكور يشير إلى يوم القيامة، وقيل إنه قد يشير إلى يوم الموت، وقد جاءت بعد الآيات التى تتحدث عن خطورة الربا (يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين)، وهى تحذر من أكل الربا ومن يزاول فى الأموال مزاولات محرمة، وتذكر أن هؤلاء سوف يحاسبون أمام الله فيجازى كل واحد منهم بما عمل من خير أو شر دون أن يناله ظلم.. وأتمنى أن تصل هذه الرسالة الإلهية إلى الذين يسعون وراء المال الحرام فى هذه الفترة العصيبة بتخزين الأطنان من الأغذية الضرورية لرفع الأسعار، وأولئك الذين يتاجرون فى العملة لجنى المال الحرام.

2- (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا):

والمقصود هنا أن الإسلام هو دين الوسطية بين الغلو والتقصير، فكلاهما مذموم، ومن أهم الأدلة على ذلك أنه يحترم كل الأديان السماوية الأخرى ويطالب بالإيمان بها (لكم دينكم ولى دين)، وللأسف الشديد فإننا نرى فرقا عديدة تدعى أنها تمثل الإسلام، وهو ما يذكرنا بقول رسولنا الكريم، عليه الصلاة والسلام، محذرا (ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها فى النار إلا واحدة.. قيل من هى يا رسول الله قال (من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابى)، وبالفعل فقد ظهرت فرق ومدارس اختلفت فى التأويل والتفسير، وكان الانقسام الرئيسى بين الإسلام السنى والشيعى والذى كان فى البداية سياسيا أكثر منه دينيا وهناك المعتزلة والماتريدية والأشاعرة والظاهرية والأثرية والإثنى عشرية وغيرها الكثير، فمتى ندرك حقيقة الإسلام السمحة بعيدا عن التفرق والتحزب؟.

3- (يأيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين)، (ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون):

والصبر هو الصمود المستمر على الأشياء المؤلمة نفسيا وتحملها بروح عالية ونفس طيبة دون إظهار ملامح الاستياء والانفعال على الوجه، بحيث لا تكون مرئية أو محسوسة من قبل الآخرين، وهو واجب عند المصائب.. وفى رمضان فإن الصبر هو نصف الصوم، كما قال نبينا الكريم، عليه الصلاة والسلام، مشيرا إلى أن الصبر هو صبر بالله (واصبر وما صبرك إلا بالله)، وفضل الصبر كبير فثوابه لا يحد وأجره لا يعد (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)، كما أن العوض فى الدنيا والخلف فى الآخرة، فأما فى الدنيا فيجعلهم أئمة الهدى، (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) ولهم فى الآخرة الجنة

4- (وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين):

يستدل من هذه الآية بوضوح على أن الحرب فى الإسلام لها بعد دفاعى، حيث إنه يقر بمبدأ الدفاع عن الحق المشروع الذى تعترف به الفطرة الإنسانية لكل الناس، وهو الحق بالعيش بحرية وكرامة، ويلاحظ أن الله سبحانه وتعالى قال (قاتلوا) ولم يقل (اقتلوا) كما أنه قتال فى سبيل الله وليس شيئا آخر، فالله يريد أن يضع حدا لجبروت البشر وليس بنية الاستعلاء من أجل الجاه والمال، فالقتال إذن وسيلة وليس غاية، وإذا ما طبقنا ذلك على ما يحدث هذه الأيام من اعتداء وحشى غير مسبوق على الآلاف من إخوتنا فى فلسطين بأيدٍ صهيونية متوحشة محتلة وبأهداف مستترة بما زوروه من التوراة ومن أجل سرقة أرض فلسطين فإنه يتحتم علينا استخدام كل ما نملك من إمكانات لوضع حد لهذه المجزرة لاسترجاع الحق، وعلى الجانب الآخر من الصورة فإنه يتوجب على علماء المسلمين أن يتدخلوا للتخلص من جماعات الإرهاب التى رفعت راية الإسلام فى عمليات إرهابية للقتل فى أماكن كثيرة من العالم، والتى شوهت صورة الإسلام الحقيقى باسم الإرهاب الإسلامى والدين منهم براء.

5- وصايا لقمان الحكيم:

قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام (إن لقمان كان عبدا كثير التفكر.. حسن الظن.. كثير الصمت.. أحب الله فأحبه الله ومنّ عليه بالحكمة)، ويقال إنه كان من قرية النوبة أسمر الوجه وعاش فى الحقبة التى عاش فيها سيدنا داود عليه السلام، ونال على يده الكثير من العلم والحكمة حتى نال محبة الله سبحانه وتعالى الذى ذكر وصاياه لابنه فى قرآنه الكريم:

1- (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم):

لقمان يحذر ابنه من الشرك بالله ويصفه بالظلم العظيم لأنه يساوى هنا بين الخالق والمخلوق (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).

2- (يا بنى إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن فى صخرة أو فى السموات أو فى الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير):

يقول لقمان إنه لو كانت الحسنة أو السيئة فى صغرها قدر حبة الخردل (بذور صغيرة مستديرة من نباتات الخردل من 1- 2 مليمتر) فى وسط الحجر أو فى أى موضع فى السماوات أو فى الأرض، فإنها لا تغيب عن علم الله وسوف يأتى بها يوم القيامة ليجازى كلا بعمله إن كان خيرا فخير وإن شرا فشر.

3- (يا بنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور):

ينصح لقمان ابنه بالحفاظ على مداومة الصلاة فى أوقاتها وبفعل الخير والابتعاد عن الشر والتحلى بالصبر فى كل المواقف الصعبة، فذلك دليل على العزيمة والإرادة.

4- (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش فى الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور):

ينصح لقمان ابنه بعدم التكبر والتعاظم على الناس بل يقبل عليهم متواضعا مؤنسا مستأنسا، وإذا حدثه أصغرهم يصغ إليه حتى يكمل حديثه فإن الله لا يحب المعجب والفخور بنفسه على غيره.

5- (واقصد فى مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير):

يقول لقمان لابنه تواضع فى مشيك إذا مشيت ولا تستكبر ولا تستعجل واخفض من صوتك واقتصد، فإن أقبح الأصوات صوت الحمير.. أوله زفير وآخره شهيق.

خلاصة القول: ونحن فى شهر القرآن علينا أن نقرأه ونتدبر معانيه ونستخلص منها العبر، وأوجه ندائى إلى السيد وزير التعليم لوضع وصايا لقمان الحكيم ضمن دروس اللغة العربية من أجل زرع القيم والمبادئ الإنسانية المتحضرة فى عقول الشباب.. وكل عام وأنتم بخير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نفحات من القرآن الكريم نفحات من القرآن الكريم



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon