بقلم:صلاح الغزالي حرب
الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية هى شركة مساهمة مصرية تعمل فى مجال الخدمات الإعلامية والدعاية والإعلان، وقد أنشئت فى عام ٢٠١٦ وهى تمتلك الكثير من القنوات التليفزيونية ومحطات الراديو وعدة مؤسسات صحفية ومواقع إخبارية وشركات إنتاج وتوزيع سينمائى ودرامى وشركات أخرى، وقد عشنا جميعا فى الفترة الأخيرة أجواء أحدث أعمالها وهى فعاليات مهرجان العلمين الجديدة والتى بعثت الروح فى مدينة العلمين وهى إحدى مدن محافظة مطروح والتى دارت على أرضها معركة العلمين التى تعد أشهر معارك الحرب العالمية الثانية بين دول الحلفاء ودول المحور، ونتمنى أن تكون هذه المهرجانات فى هذه المدينة التى تضم مدافن ونصبا تذكارية ومتحفا يخلد ذكرى ضحايا تلك المعركة من مختلف جنسيات العالم حافزا لوضع المدينة على قمة المقاصد السياحية العالمية فى المستقبل القريب.. وقد جاءت فكرة هذه الرسالة بعد قرار مجلس إدارة الشركة بالإجماع وقف البرنامج الذى يقدمه حارس المرمى السابق أحمد شوبير وجاء فيه أن مخالفة القواعد المهنية وسياسات المحتوى الخاصة بالشركة أمر غير مقبول، وأكد أن احترام الرأى العام المصرى فى مقدمة أولويات الشركة وأن الفوضى فى قطاع الإعلام الرياضى تستلزم مواجهة حاسمة حرصا على حق المواطن المصرى فى إعلام رياضى يحترم الحقيقة ويتوخى الصدق.. كما أكدت الشركة حرصها على أن تقدم كوادرها إعلاما مهنيا يحترم المشاهد وأنها لن تتوانى عن ردع كل من يحيد عن المعايير المهنية التى تلتزم بها منذ بداية تأسيسها.. وقد سعدت كثيرا بإقامة منتدى الإعلام الرياضى مؤخرا والذى جمع المتخصصين فى هذا المجال والذى أكد على عنصر المهنية والتى بالتأكيد لا تخص المجال الرياضى وحده وهو ما شجعنى اليوم على عرض بعض ملاحظاتى على أحوال الإعلام المصرى الحالية، خاصة القنوات التى تبث خارج نطاق القانون المصرى.
أولا.. دور المذيع:
تحت عنوان (المذيع الواعظ) كتب أد أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية والعميد السابق لكلية الآداب جامعة القاهرة والذى تعرفت عليه عندما كان وكيلا للكلية فى الاجتماع الدورى لوكلاء الكليات، وهو قامة كبيرة فى علم الاجتماع وكان عضوا فى الاتحاد الدولى لعلم الاجتماع- مقالا مهما جاء فيه «أن المذيع هو أشبه بالآلة الناقلة التى يديرها رجال آخرون من المخرجين والمصورين والمنتجين.. إلخ، ويشترط أن يكون ملما بالكثير من المعارف والمعلومات التى تتصل بالموضوعات التى يتم تناولها فى الحوارات التى يدخل فيها وهذا لا يعنى أن شخصيته تتنحى تماما فهذه الشخصية تكون حاضرة فيما تملكه من مهارة فى استخدام لغة الجسد وفى إدارة الحوار بذكاء، وفى التحدث فى حدود الموضوع المطروح وعدم الخروج عن آداب اللياقة العامة فى الحديث وعدم الاستعلاء وعدم استخدام النجومية». وقد سعدت كثيرا بهذا المقال العلمى الهام الذى يكشف الكثير من الثغرات التى نراها من بعض المذيعين، وقد حفزنى ذلك لاقتراح ندوات تثقيفية مهنية واجتماعية تحت إشراف أساتذة الاجتماع والإعلام، فهناك من تصرخ أو يصرخ فى وجه المشاهدين وهناك من يتحدث بلهجة مدرس الفصل الذى يتحدث إلى تلامذته!، ومنهم من يدلى بآراء فى الكثير من التخصصات بغير علم أو ثقافة والأمثلة كثيرة، كما أن طول مدة البرامج تؤدى إلى الدخول فى مواضيع أخرى لا تفيد المشاهدين والأمر يحتاج إلى مراجعة وتدقيق فى الاختيار.. ويضاف إلى ذلك، أتمنى أن توضع معايير محددة لمظهر المذيع والمذيعة والالتزام باللغة العربية البسيطة كما كنا نشاهد منذ سنوات من كبار المذيعين والمذيعات احتراما للمهنة وللقناة وللمشاهد.
ثانيًا.. اختيار الضيوف:
فوجئت فى الأسابيع الأخيرة بعدة قنوات تليفزيونية تستضيف سيدة وصفت بأنها خبيرة الطاقة!، وقد تحدثت بإسهاب عن ضرورة الاهتمام باختيار اسم المولود باعتبار أن الأسماء تنقسم إلى نارى ومائى وترابى وهوائى!، وقالت إن لكل حرف من الاسم ذبذبة خاصة!، وأصل ذلك يرجع إلى عصر قدماء المصريين! وقد أثبت العلم ذلك كله!، ولذلك هناك أسماء تعنى الشقاء وغيرها تعنى النجاح وغير ذلك كثير!. وأعطت أمثلة ومنها سميحة وسماحة تعنى التضحيات! كما أن أدهم وهمام وهمت (تقفل الدنيا)!، واسم نعمة يفضل أن يكون نعمات! واسم آية يكون آيات! واسم مريم وماريام يعنى طفولة صعبة، وغير ذلك كثير.. والأكثر إثارة أن هذه السيدة قالت إنها قد جاءها ملك من السماء وهى نائمة وقال إن الله اختار لها اسم (سندس) بدلا من اسمها الحقيقى!،
وفى لقاء آخر تحدثت عمن يخرج من الحمام وهو يلبس (الشبشب) ويتجول به فى أنحاء البيت فهو ينشر طاقة الشر فى بيته!!. والسؤال الملح الآن هو: من سمح لهذه السيدة بأن تتجول بين القنوات لنشر هذه الشطحات؟، بل وتصر المذيعة أن تفتح الباب للمشاهدين للتحدث عن أسمائهم، وكيف يمكن أن يغيروها تجنبا لأى مشاكل!، ووصل الأمر إلى دراسة اسم الأم الذى يجب أن يتغير أحيانا لضمان الراحة والسعادة!!، فأين الرقابة على المحتوى؟، ولمصلحة من نشر هذا الهراء؟، وهل نحن نبحث عما يشغلنا عن صعوبة المعيشة؟.. وهناك أيضا برامج تتحدث عن تفسير الأحلام والتى تجذب الكثيرين الذين ضاقت بهم الدنيا ويبحثون عمن يبشرهم بالخير؟!. عندى ثقة كبيرة فى أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يمكنه تنقية الشوائب التى تصيب بعض البرامج فمصر تستعد للجمهورية الثانية بالعمل والجد وليس بالشعوذة والهيافة وضياع الوقت.
ثالثا.. البرامج الطبية:
معظم البرامج الطبية هى للأسف برامج مدفوعة الثمن وهو ما يتنافى مع أخلاقيات مهنة الطب، خاصة مع وضع عنوان الطبيب المتحدث وعنوان عيادته أو مستشفاه ورقم هاتفه وأحيانا التجول معه علانية فى مكان عمله!، وقد طالبت كثيرا بضرورة تدخل نقابة الأطباء واشتراط موافقة النقابة مع توضيح شهادات تخصص المتحدث من أجل احترام المهنة وتقديرها وحماية المشاهد من الدجل والنصب الطبى، وقد تصادف أن شاهدت برنامجا طبيا بإحدى القنوات يتحدث فيه الضيف عن أهمية استخدام الأوكسجين النشيط والبلازما مع الجيلاتين للمساعدة فى تخفيض نسبة السكر المرتفع بغير الحاجة إلى أدوية السكر المتفق عليها عالميا؛ بحجة أن ذلك يؤدى إلى شحن بطارية البنكرياس!!، مع إحضار بعض المرضى للتحدث عن هذه المعجزة التى أنقذتهم من مرض السكر!!، وهناك برامج كثيرة تركز على كيفية تخفيض الوزن باستخدام علاجات مجهولة المصدر ترسل إلى المريض فى منزله بأثمان باهظة وما عليه إلا التواصل مع سكرتارية السيدة صاحبة المكان التى تتولى هذه العملية، وقد تأكدت أنها تظهر فى أكثر من برنامج ومعها أيضا بعض الأفراد يتحدثون عن المعجزة التى أدت إلى خفض وزنهم!!.
وكما فعلنا مع البرامج الرياضية فإننى أطالب النقابة بأن تكون هى الجهة المسؤولة عن اختيار الطبيب المناسب بعد وضع خطة علمية وأمينة للبرامج الطبية التى يحتاج إليها المريض المصرى، بالإضافة إلى نشر الثقافة الصحية طوال العام بعد اختيار الأطباء المتخصصين بلا إشارة إلى عناوينهم وهواتفهم احتراما لميثاق العمل الطبى.
رابعا.. البرامج الحوارية:
كان قرارا حكيما ومطلوبا ذلك الذى اتخذته الشركة المتحدة للإعلام بألا تزيد مدة البرامج الحوارية على ٩٠ دقيقة فقط حرصا على التجديد والابتكار، وأتفق تماما مع ما كتبه الصحفى المتميز عبد العظيم الباسل فى الأهرام تعليقا على هذا القرار قائلا إن عددا من مقدمى هذه البرامج أصبحوا يميلون لرؤاهم بعيدا عن الموضوعية والحياد بل تطوع بعضهم لتبنى وجهة نظر ضد أخرى أو أخذه الهوى لتأييد رأى ورفض آخر كناشط سياسى وليس صاحب رسالة تفرض الأمانة فى الطرح والعرض.. أما انتهاك السمعة الشخصية فحدث ولا حرج من جانب البعض عند تناول أسرار النجوم أو حياتهم الأسرية والتوسع فى متابعة أخبار الزواج والطلاق فى مخالفة لمواثيق الشرف الصحفية، وختم مقاله قائلا: «نحن نريد مقدمى برامج على درجة كبيرة من الوعى والالتزام بتعزيز رسالة الإعلام الوطنى وليسوا نشطاء يتبنون رؤيتهم الخاصة». وأنا بدورى أتمنى من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أن يراجع هذه البرامج من أجل إعلام يليق بمصر الجديدة.
وسوف أستكمل إن شاء الله الملاحظات فى المقال القادم.