توقيت القاهرة المحلي 08:04:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

منظومة التعليم فى مهب الريح.. والتعديلات الجديدة مرفوضة

  مصر اليوم -

منظومة التعليم فى مهب الريح والتعديلات الجديدة مرفوضة

بقلم:صلاح الغزالي حرب

فى البداية، يجب أن نتذكر معًا المادة ١٩ من الدستور المصرى، والتى تنص على الآتى: (التعليم حق لكل مواطن هدفه بناء الشخصية المصرية والحفاظ على الهوية الوطنية وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار وترسيخ القيم الحضارية والروحية وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه فى مناهج التعليم ووسائله وتوفيره وفقًا لمعايير الجودة العالمية والتعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية وفقًا للقانون وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن ٤٪ من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها)..

وأتصور أن كل وزير للتعليم يعرف معنى ومغزى ما تحمله هذه المادة من الدستور.. وللأسف الشديد فإن النظام التعليمى فى مصر بكل عناصره ومستوياته يعانى من المشكلات والتحديات منذ سنوات طويلة، فهناك نقص خطير فى أعداد المدرسين يبلغ نحو ٤٥٠ ألف مدرس مع إهمال تطوير كليات التربية التى تهدف إلى إعداد المعلمين إعدادًا مهنيًا متميزًا كما أن رواتب المعلمين المتدنية والتى لا تتناسب مع أهمية المعلم حرضت المعلمين على اللجوء إلى الدروس الخصوصية من أجل حياة كريمة، بالإضافة إلى قلة المدارس حيث نحتاج إلى ما يزيد على ٢٥٠ ألف فصل جديد بعد ارتفاع أعداد التلاميذ فى بعض الفصول إلى أرقام غير مسبوقة تعوق عملية التعليم مع ضعف الإمكانيات والوسائل العلمية فى الكثير من المدارس، ناهيك عن مناهج التعليم التى لم تنته الوزارة من مراجعتها بعد أن أصبحت الكتب التعليمية الخاصة هى المرجع المناسب للطلاب ثم تبقى الفجوة الكبيرة بين محتويات المناهج ومتطلبات سوق العمل.. وقد أدى ذلك كله إلى وضع مصر فى مؤشرات التنافسية العالمية الصادرة عن المنتدى الاقتصادى بين ١٣٧ دولة فى المركز ٩٣.

وعلى الرغم من تعاقب الوزراء الذين شغلوا منصب وزارة التعليم فإنه وعلى الرغم من وجود استراتيجية موحدة ومتفق عليها لتطوير التعليم أدت التغيرات الوزارية المختلفة إلى ما نحن فيه للأسف الشديد وأصبحت مراكز الدروس الخصوصية هى المسؤولة عن تعليم الطلاب، وأصبحت معظم المدارس خالية منهم، خاصة فى عام الثانوية العامة، وأصبحنا نرى مراكز ضخمة يتجمع فيها المئات والآلاف من الطلاب تحت نظر الدولة وقبول أولياء الأمور رغمًا عنهم والذين يتحملون أعباء مادية كبيرة من أجل تعليم أبنائهم كما أصبحنا نرى إعلانات فى الميادين وعلى صفحات التواصل الاجتماعى لمن يقوم بالتدريس فى هذه المراكز والذين اكتنزوا الملايين من جيوب المصريين عنوة فى غيبة القانون.

ومنذ أسابيع قليلة تم اختيار محمد أحمد عبداللطيف وزيرًا للتربية والتعليم وهو حاصل على بكالوريوس سياحة وفنادق وماجستير فى تطوير التعليم من جامعة لورنس بأمريكا ودكتوراه بنظام التعليم عن بعد فى إدارة وتطوير التعليم جامعة كرديف سيتى وكان يشغل منصب المدير التنفيذى لمجموعة نرمين إسماعيل فى القاهرة الجديدة، ومنذ أيام قليلة قدم لنا الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، وزير التعليم على الهواء فى التليفزيون، وقال فى المقدمة إن الحكومة لن تضع استراتيجية جديدة لتطوير التعليم ولكن سيتم تطبيق خطة لمعالجة التحديات (معروف أن هذه الاستراتيجية الخاصة بالتعليم قبل الجامعى قد أعلنت تحت عنوان رؤية مصر ٢٠٣٠ !!).. ثم تحدث السيد وزير التعليم وكشف عن خطة جديدة مفاجئة للتعليم قبل الجامعى تستدعى المناقشة الجادة من كل المتخصصين.

١- أصدر الوزير قرارًا برقم (٢) بتاريخ ١٢ أغسطس يؤكد ضرورة مكافحة ظاهرة الدروس الخصوصية واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المخالفين! لا سيما المتغيبين عن المدرسة من المعلمين وغير الملتزمين بتواجدهم بالحصص المقررة عليهم مع اتخاذ كافة التدابير اللازمة تجاه من يمارس المهنة دون وجه حق! لاسيما ممن هم فى إجازات بدون راتب أو إجازات طويلة ويمارسون التدريس فى مراكز خاصة واتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم! والسؤال هنا: كيف تتحرك الدولة وهى تعلم أوجه النقص فى العملية التعليمية التى ذكرتها فى المقدمة كما أن أولياء الأمور قد يئسوا من عدم قدرة المدرسة على القيام بدورها؟

٢- أعلن الوزير عن إعادة امتحانات الصف الأول والثانى والثالث الابتدائى (تحريرى وشفهى) من ١٠٠ درجة وهو ما يتناقض تمامًا مع القرارات السابقة للدكتور طارق شوقى ود. رضا حجازى، ومع ما جاء فى المشروع القومى لتطوير التعليم قبل الجامعى والذى نص على إلغاء الامتحانات فى هذه الصفوف واستبدالها بتطبيقات تقيس قدرات الطلاب، أما الصفوف من الرابع حتى السادس الابتدائى فلن تؤثر الامتحانات فى نجاح أو رسوب الطالب وإنما تهدف لقياس مستوى التحصيل الدراسى لكل طالب من دون درجات بل بتقديرات (ممتاز- جيد جدًا- جيد- مقبول- ضعيف) وهو الذى يطبق فى دول العالم المتقدمة.

٣- أعلن الوزير عن إلغاء تدريس اللغة الثانية لطلاب الصف الأول الإعدادى فى المدارس الحكومية فقط !! وهو أمر مرفوض تمامًا ويتعارض مع العدالة الاجتماعية فإتقان اللغات أمر شديد الأهمية لكل الطلاب فى كل المدارس بلا استثناء كما أن جعل اللغة الأجنبية الثانية مادة نجاح ورسوب تقليل لأهمية إتقان اللغة.

٤- لا مساس بمادتى التاريخ والجغرافيا، فتاريخ مصر يدرسه معظم طلاب العالم بشغف كما أن موقع مصر على الخريطة له أهمية كبرى فى العالم من حولنا (الجغرافيا) شريطة أن يتولى وضع المنهج أساتذة متخصصون بما يتناسب مع الطالب المصرى الذى يفخر بتاريخ بلده.

٥- مبادئ الفلسفة وعلم النفس والمنطق ضرورة للجميع من أجل تحفيز العقل على التفكير النقدى وتساعد على تطوير قدراتهم على التحليل كما تساعد على فهم الوجود والمعرفة والأخلاق والجمال ومعرفة حقيقة الإنسان وغيرها مما ينير العقل والفلسفة هى أم العلوم.

٦- القول بأن اختصار المواد هو من أجل تخفيف العبء على الطالب وأسرته لا يتفق أبدًا مع ما نرجوه من تنمية الإنسان المصرى، وإعمال العقل واللحاق بركب الحضارة الذى سبقنا بعد أن كنا سادة العالم يحفزنا على السعى للفلاح وليس فقط النجاح.

٧- التعليم الفنى وعلوم البرمجة والتكنولوجيا الحديثة وغيرها يجب أن تكون فى مقدمة الأولويات وبما تواكب سوق العمل وأطالب منذ سنوات بضرورة تحديد أعداد من تحتاجهم الدولة لاستكمال الدراسة الجامعية وكذلك أعداد من يلتحقون بالتعليم الفنى بعد الإعدادية وبعد الثانوية مع تهيئة البيئة المناسبة لهذا التعليم بالتعاون مع الهيئات الدولية ومشاركة رجال الأعمال وأقترح الاكتفاء بما يوازى ٤٠٪ من الحاصلين على الثانوية للالتحاق بالجامعة و٦٠٪ للتعليم الفنى.

٨- ناديت كثيرًا بضرورة عمل امتحان قدرات لكل الكليات لاختيار الأنسب لكل تخصص وتمثل نتيجة هذا الامتحان ٦٠٪ من الدرجة مع ٤٠٪ من درجة الثانوية العامة حتى نقلل من القلق والهلع الذى يغمر أولياء الأمور من امتحان الثانوية العامة.

أطالب الحكومة بأن تعيد قراءة المادة ١٩ من الدستور المصرى وتضع الأولوية لتنفيذ ما جاء فيها فلا تقدم ولا نجاح من غير تعليم سليم، كما أطالب وزير التعليم بأن يسارع بعقد اجتماع موسع يضم كبار المتخصصين فى التعليم والتربية قبل تنفيذ اقتراحاته وبما يتفق مع استراتيجية التعليم التى سبق إعدادها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منظومة التعليم فى مهب الريح والتعديلات الجديدة مرفوضة منظومة التعليم فى مهب الريح والتعديلات الجديدة مرفوضة



GMT 10:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 10:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 10:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 10:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 10:30 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تصادم الخرائط

GMT 10:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon