توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

على هامش الحوار الوطنى.. مطلوب إجابات قاطعة

  مصر اليوم -

على هامش الحوار الوطنى مطلوب إجابات قاطعة

بقلم - صلاح الغزالي حرب

بعد أن استتب الأمن فى ربوع البلاد ودارت عجلة العمران فى كل أرجاء مصر وبعد أن أطلق رئيس الدولة الدعوة إلى حوار سياسى شامل، أرى أننا فى حاجة ماسة لحسم الكثير من القضايا والموضوعات الحيوية التى تعاملت معها الدولة على مدى سنوات طويلة بسياسة مسك العصا من المنتصف والتأجيل والتسويف، وهو ما لا يجب أن نراه فى الجمهورية الجديدة.. وإليكم بعض الأمثلة للأسئلة المعلقة:

السؤال الأول.. هل مصر دولة مدنية أم دينية؟

إذا رجعنا إلى الدستور المصرى وتحديدًا المادة الأولى منه نجد أنه ينص على أن جمهورية مصر العربية نظامها جمهورى ديمقراطى، يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون (وهو ما يعنى بكل وضوح أنها دولة مدنية وليست دينية ولا عسكرية) وتقوم فكرة هذه الدولة على المساواة فى الحقوق والواجبات واحترام المبادئ الأخلاقية.. ورغم هذا الوضوح، فإن التيارات الدينية الموجهة سياسيًا بقيادة جماعة الإخوان المنحلة، حاولت أن تنفرد بالسلطة والهيمنة على مؤسسات الدولة وتأسيس دولة دينية لإدارة شؤون الدنيا بسلطة الدين أو بتوظيفه كستار يخدم السلطة.

فى حين أن هذا الخلط بين شؤون الدنيا وشؤون الدين لم تعرفه الحضارة الإسلامية فى أوج تألقها، بل كان ذلك شائعًا فى عصور الظلام الأوروبية ولم تنهض الحضارة الأوروبية إلا بعد أن ثارت على هيمنة الدين على شؤون الدنيا.. ومن ناحية أخرى فقد جاء فى المادة 53 من الدستور أن المواطنين لدى القانون سواء وهو متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة ولا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى أو الجغرافى أو لأى سبب آخر.. التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون.

من هذا كله، يمكن القول إن مصر دولة مدنية ولا يجب أن يكون هناك خلط بين الدين والسياسة، فالدين ثابت والسياسة متقلبة والدين مقدس والسياسة مدنسة وبراجماتية وميكيافيلية، فلا دين فى السياسة ولا سياسة فى الدين، كما أن الإسلام دين وليس دولة، لأن الإسلام جاء للقضاء على الدولة الدينية.

كما أن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، الذى لقب بالصادق الأمين قبل البعثة، كانت تصرفاته بعد بعثته تتميز بالحكمة والحنكة السياسية التى وضحت عند إعلان صلح الحديبية وعند الاستماع لأصحابه فى الكثير من القضايا، ومنها غزوة الخندق وغيرها، ولم يظهر لفظ الدولة إلا عند ظهور الدولة الأموية والعباسية وغيرهما والتى تشير إلى الأسرة الحاكمة.

وكذلك فإنه من المعروف أن الإسلام لا يعرف رجل الدين، فهذا مصطلح غربى وإنما هناك علماء بشؤون الإسلام، وهذا أيضًا ليس حكرًا على أحد، بل يمكن أن يكتسبه أى مسلم مجتهد فى فهم دينه، كما أنهم غير معصومين من الخطأ، والعلاقة فى الإسلام بين العبد وربه علاقة مباشرة (وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب)..

من أجل ذلك، أطالب بتفعيل مبدأ مدنية الدولة على كافة المستويات وبقوة القانون، فلا داعى لخانة الديانة فى كل بيانات المواطن المصرى، كما يجب إعادة تفعيل العمل بالقانون الذى يحظر وجود إشارات أو علامات دينية على جميع السيارات، كما أطالب بمنع ما تسمى الجلسات العرفية فيما يخص إهانة أحد المواطنين بسبب دينه، وإنما يترك هذا للقانون الذى يجب أن يكون حازما فى كل الحوادث المشابهة التى انتشرت مؤخرًا بسبب التطرف السلفى المقيت، فنحن كمسلمين جميعًا سلفيون بمعنى أننا نحترم كل السلف الصالح، ولكن لا نقدسه، ونحن اليوم فى حاجة ماسة إلى تحجيم هذا التعصب بسيف القانون وعدم الاعتراف بأى حزب يقوم على أساس دينى مسلمًا كان أم مسيحيًا..

السؤال الثانى.. متى يظهر إلى النور قانون الأحوال الشخصية؟

فى فبراير من عام 2021، أحال مجلس الوزراء مقترحا متكاملا لقانون الأحوال الشخصية، تسبب تسريبه إلى وسائل الإعلام فى عاصفة من الانتقادات، ما أدى إلى سحب مشروع القانون، ووعد الرئيس السيسى بأن يكون القانون الجديد متوازنًا ويحمى الأسرة المصرية، وقد صرح رئيس الأغلبية فى البرلمان بأن هذا المشروع المقترح به 37 مادة يشوبها عدم الدستورية.. والمعروف أن نسبة الطلاق فى مصر الآن أصبحت تزيد على 40%، كما أن المرأة المطلقة مطلوب منها هى إثبات دخل مطلقها لتحديد النفقة، بالإضافة إلى ترك الولاية التعليمية إلى الأب أو أقاربه الذكور! وغيرها من المشكلات التى أحالت حياة المطلقة إلى جحيم مع التضرر البالغ الواقع عليها وعلى الأطفال..

وقد أعلنت د. مايا مرسى، رئيسة المجلس القومى للمرأة، أن المجلس قد انتهى مؤخرا من إعداد مجموعة من المحددات والمتطلبات التى يحرص على تضمينها وتحقيقها من أجل خروج قانون جديد للأحوال االشخصية، يتسم بالعدالة والاتزان والموضوعية، ما يؤدى إلى استقرار الأسرة المصرية وحماية الوطن والأجيال القادمة.

ومن بين هذه المتطلبات الأولوية لمراعاة المصلحة الفضلى للطفل فيما يتخذ حياله من إجراءات قانونية أو إدارية، والتأكيد على الأهلية القانونية للمرأة مع حماية الحقوق والحريات المقررة دستوريًا لها وضمان حصولها عليها وتوثيق الزواج والطلاق قانونيًا لحسم المشاكل والحقوق المترتبة عليه للزوجين ومعالجة الإشكاليات والجوانب الإجرائية فى قضايا الأسرة.

وكذلك النص على الحق فى الكد والسعاية والتأكيد على الذمة المالية للزوجين، مع المطالبة بأن تكون السن القانونية للزواج للرجل والمرأة هو 18 عامًا، وإلغاء أحكام الطاعة، والحفاظ على مادة الخلع بنصها الحالى فى القانون، واشتراط الزوجة عدم الزواج بأخرى فى عقد الزواج الذى يعتبر قرينة على وقوع الضرر ما لم تكن تعلم به ورضيت بإقرارها أو بانقضاء أجل محدد، وتقضى لها المحكمة بالتطليق طلقة بائنة..

من أجل ذلك كله، أطالب الحكومة بسرعة إصدار هذا القانون، لكى تتوقف المهازل والمآسى التى تعيشها الأسرة المصرية، كما أوجه النداء إلى المؤسسة الدينية الإسلامية فى مصر بأن تتذكر وتذكّر الجميع بأن الله سبحانه وتعالى قد أراد من خلال آياته أن تكون الأسرة فى الإسلام أسرة هادئة متماسكة قوية قائمة على المحبة والمودة والاحترام المتبادل والحفاظ على الحقوق، ويكفينا هنا قوله تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة.

إن ذلك لآيات لقوم يتفكرون)، فنحن خلقنا جميعًا من نفس واحدة، ولا أفضلية لأحد على الآخر، كما أن الإسلام السمح أرسى مبدأً مهمًا وهو الإمساك بالمعروف أو التسريح بالإحسان، فمتى نتفكر كما أمرنا الله سبحانه وتعالى؟ ولماذا يتمسك البعض بمفاهيم قديمة وبالية وتسىء إلى الإسلام وخاصة ممن ينتمون إلى التيار السلفى المتشدد؟..

قبل أن نتحاور ولكى ينجح الحوار الوطنى، ينبغى أن تجيب الدولة إجابة قاطعة وبغير تردد عن هذه الأسئلة.. وغيرها من أسئلة مشابهة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على هامش الحوار الوطنى مطلوب إجابات قاطعة على هامش الحوار الوطنى مطلوب إجابات قاطعة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 05:37 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

جوليا روتفيلد تكشف للفتيات دليل ارتداء ملابس الحفلات

GMT 17:06 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق مبتكرة لوضع المناكير الأحمر

GMT 20:57 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

فيليب لام يصف قضية مونديال 2006 بالكارثة الشخصية لبيكنباور
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon