بقلم - صلاح الغزالي حرب
أولا.. عن تطوير قصر العينى:
فى 8 إبريل من عام 2016 وقّع الرئيس السيسى على اتفاقية قرض مشروع تطوير مستشفى قصر العينى بين الحكومة المصرية، ممثلة فى وزارة التعاون الدولى، والصندوق السعودى للتنمية بمبلغ 450 مليون ريال سعودى (120 مليون دولار أمريكى) باعتبار أن هذا المستشفى هو أول مدرسة طبية عربية أنشئت عام 1837 فى عهد محمد على باشا، وكان القرض بشروط ميسرة على 20 عاما قابلة للتمديد وبفائدة أقل من 1% قيمة المصروفات الإدارية وبإعفاء من السداد خلال 5 سنوات ويهدف القرض إلى تطوير البنية الأساسية والأجهزة والتنمية البشرية، وتم الاتفاق على أن القرض سيغطى 37% من الإنشاءات والتجديد و100% من الأجهزة الطبية و100% من الفرش الطبى، حيث تبلغ قيمة السرير 120 ألف جنيه و150 ألف جنيه بالعناية المركزة كما يغطى 100% من طاقة المستشفى، حيث تبلغ قيمة فاتورة الكهرباء سنويا حوالى 40 مليون جنيه.. وتم وضع خطة لمدة 4 سنوات لإتمام التطوير على مراحل، على أن تبدأ بتطوير سدس المستشفى.. وفى مايو 2021 صرح د. محمد الخشت، رئيس جامعة القاهرة، بأن مشروع التطوير قد بدأ يخرج من حيز التصميم الورقى إلى حيز التنظيم الفعلى، وأكد أن المشروع وصل إلى خطواته النهائية للتنفيذ لاختيار استشارى المشروع، ومنذ أسابيع قليلة أخبرنى أخى العزيز د. فتحى خضير، العميد الأسبق لطب القاهرة والمسؤول عن متابعة المشروع، بأنه تم عمل كل الرسومات المطلوبة التى استغرقت حوالى عامين ووصلنا إلى مرحلة البدء فى العمل..
ويثور هنا السؤال المهم: إذا كان من المفترض أن يتم التطوير خلال 4 سنوات فما السر وراء التأخر 8 سنوات ولم يبدأ بعد اختيار استشارى المشروع؟! ولماذا هذا التباطؤ المريب، والكل يعلم أن متوسط أعداد المرضى الذين يلجأون إلى قصر العينى سنويا يتراوح بين 2 و2.5 مليون مواطن ويبلغ عدد الأسرة بها 5620 سريرا وسيتجاوز 6 آلاف قريبا، وهو أكبر عدد أسرة فى كل مستشفيات العالم، باستثناء الصين، كما قال د. خضير، ويضم هذا الصرح 17 مستشفى منها 3 للأطفال والرابعة تحت الإنشاء، وتتكفل الدولة بـ80% من الميزانية، بالإضافة إلى 20% من التبرعات..
ندائى إلى السيد وزير التعليم العالى والسيد رئيس الجامعة وإلى الجهات الرقابية لبحث أسباب هذا التأخير الذى بالقطع يؤثر سلبا على صحة الأغلبية من المصريين غير القادرين (ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء)..
ثانيا.. تطوير معهد ناصر:
سبق أن كتبت مقالا فى 12 ابريل عام 2022 بعنوان (قصتى مع معهد ناصر وتحية واجبة للرئيس السيسى) تحدثت فيها عن رحلتى فى هذا المعهد والتى بدأت منذ أكثر من 30 عاما تلبية لدعوة من الراحل العظيم د. سمير فياض، رئيس المؤسسة العلاجية آنذاك، وتفرغت سنوات طويلة للكشف على الآلاف من المترددين على المعهد، وأغلبيتهم من محدودى الدخل، وكنت أتقاضى 2.5 جنيه عن كل مريض، وكانت من أجمل سنوات عمرى فى الممارسة الطبية وبدأت التفكير فى إنشاء أول مركز فى مصر للفحص الشامل لمرضى السكر، الذى تم افتتاحه عام 1998 والذى يمارس عمله حتى الآن لخدمة المريض المصرى وغيرها من البلاد العربية.. ومع مرور الزمن، ولأسباب كثيرة، فقد المعهد الكثير من رونقه، وتدهورت بعض مرافقه، ومن بين الأسباب قصور الميزانية وعدم الاهتمام الكافى من وزارة الصحة بعد انتهاء فترة الوزير الأسبق د. إسماعيل سلام، الذى احتضن هذا المعهد وقال لى يوما إنه يضع المعهد فى قمة اهتماماته، وهو ما يستحق بالفعل أن يشكر عليه.. وعن تحيتى للرئيس السيسى فهى واجبة بعد أن طالبت فى مقالى المسؤولين عن الصندوق السيادى بمراجعة قرار ضم المبنى المجاور للمعهد للصندوق، ورجوت العمل على ضمه للمعهد على أن يُخصص جزء منه كمركز متقدم ومتكامل يخدم مرضى السكر، وكذا مركز متخصص لأبحاث هذا المرض بالتعاون مع جامعة هارفارد ومركز جوزلين لأبحاث وعلاج هذا المرض، وقد رحب الصديق العزيز أ. د أسامة حمدى، أستاذ السكر فى هارفارد، بهذا الأمر مع استغلال جزء من المبنى للسياحة العلاجية، كما كان يحلم د. إسماعيل سلام، ومن هنا كانت سعادتى بقرار الرئيس السيسى بتحويل هذا المعهد إلى مدينة طبية متكاملة، واليوم أضع بعض الاقتراحات حول هذا التطوير أمام السيد الرئيس:
1- فكرة إنشاء هذا المعهد جاءت من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر كما أخبرنى بذلك الصديق الراحل الكريم د. الصاوى حبيب، الطبيب الخاص للزعيم فى هذه الحقبة، وكان هدفه الاهتمام بمريض السكر والذى عانى منه كثيرا الرئيس عبدالناصر فى زمن كان علاج هذا المرض فيه محدودا، وزاد من صعوبة الأمر كثرة التدخين، وبالطبع كان ذلك كله من الأسباب الرئيسية لوفاته.. ولذلك فإن الرئيس الراحل الكريم أنور السادات عندما وضع أساس هذا المعهد فى 5 نوفمبر 1970 أصر على كتابة الآتى (بأمر كريم من القائد الخالد جمال عبدالناصر فى الذكرى الأربعين لوفاته).. ومن أجل ذلك أتمنى أن يظل اسم الزعيم الراحل على المدينة الطبية المزمع إنشاؤها إن شاء الله.
2- هذا المعهد منذ أيامه الأولى كان الملاذ الآمن للغالبية العظمى من المصريين ومن كل الطبقات، وأتمنى أن يستمر كذلك، وكان كل العاملين فيه من أطباء على أعلى مستوى مع هيئة تمريض بإشراف كليات التمريض ومدرسة خاصة بالمعهد وغيرهم من مقدمى الخدمة يعملون بكل جهد وأمانة وبأسعار فى متناول الجميع، بالإضافة إلى أجنحة خاصة للميسورين ومركز خاص لفحص المرأة على أعلى مستوى تم إنشاؤه بمساعدة قرينة الرئيس الراحل حسنى مبارك.. ومع إدراكى التام بالأحوال الاقتصادية العالمية وانعكاسها على مصر فاننى أتمنى ألا يكون ذلك عقبة أمام استمرار علاج المواطن المصرى البسيط مع ضرورة الإسراع بتطبيق التأمين الصحى الشامل والذى أقترح دمجه مع التأمين الصحى الحالى لمصلحة الجميع.
ثالثا.. المبادرات الرئاسية:
أستطيع القول بأن المبادرات الرئاسية فى المجال الصحى كانت هى الملاذ الوحيد للمريض المصرى فى السنوات الأخيرة وهدفها هو رفع كفاءة ومستوى الخدمة المقدمة له، وقد استهدفت كافة الفئات من الأطفال وحتى كبار السن، لكن يبقى السؤال معلقا: أين دور وزارة الصحة؟ فعلى سبيل المثال فإن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار للعمليات الجراحية والتى تمت بحمد الله يجعلنا نتساءل: ولماذا كان هذا التأخير الذى كان من المحتمل أن يؤدى إلى الوفاة؟ وإذا لم تكن الميزانية غير كافية فلماذا لم تتحرك الوزارة؟ وهناك أيضا مبادرة 100 مليون صحة للكشف المبكر عن الأمراض السارية والتى نجحت بالفعل، والتى من المفترض أن تكون مهمة الطب الوقائى بالوزارة؟، ومبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية والتى أوضحها المتحدث باسم وزارة الصحة بأن يتوجه المواطن إلى الوحدة الصحية ويملأ استبيانا إلكترونيا يتضمن عددا من الأسئلة حول الأعراض المرضية لجميع الأورام التى تشملها المبادرة، ويتم من خلال نتيجة الاستبيان معرفة المرض المستهدف الكشف عنه لدى المواطن، وبعدها يتم تحويله إلى المستشفى لإجراء الأشعة والفحوصات المعملية.. وعلى حد علمى فإن مرض السرطان وصف بأنه خبيث لعدم وجود أعراض واضحة تكشف عنه إلا فى المراحل المتقدمة، فلا معنى لهذه الاستبيانات.. كما أن هناك لجنة قومية منذ سنوات طويلة تختص بالأمراض السرطانية، تضم أساتذة متخصصين فى هذا المجال، وتلك هى مهمتهم، كما أن هناك لجانا قومية فى التخصصات الأخرى، وللأسف تم إهمالها من وزراء الصحة بعد انتهاء ولاية الصديق العزيز د. عادل العدوى للوزارة، وأتذكر هنا عندما كنت رئيسا للجنة القومية لمرض السكر أن سألت الوزيرة السابقة د. هالة زايد عن اقتراحاتنا للكشف المبكر عن السكر ومطالبنا الخاصة بهذا المرض من الوزارة، واختلفت معها، فرفضت وقدمت استقالتى من رئاسة اللجنة القومية وأصبحت معظم اللجان فى مهب الريح!.
كل الشكر والتقدير لاهتمام الرئاسة بالوضع الصحى، لكن أين دور وزارة الصحة؟