بقلم: صلاح الغزالي حرب
فى مقاله الأخير بـ«الوطن»، أثار أستاذنا الكبير د. حمدى السيد قضية هامة أراها جديرة بالمناقشة الصريحة، وهى إصرار بعض الزملاء الأطباء على وصف الأدوية غالية الثمن مع وجود أدوية محلية مماثلة لا تقل عنها كفاءة وفاعلية، وبعيداً عن الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة، فسوف أتحدث تحديداً عن مرض السكر، بحكم التخصص، وهو الذى أثاره أستاذنا الفاضل.
أولاً: هناك بالفعل طفرة كبيرة فى مجال العلاج الدوائى لمرض السكر فى السنوات الأخيرة، وهو ما يشكل -فى نظرى- صعوبة للأطراف الثلاثة، هى: الطبيب قليل الخبرة، والصيدلى، والمريض، وهى كلها -للأسف- غالية الثمن، وإذا تحدَّثنا عن كفاءة هذه الأدوية مقارنةً بالأدوية التقليدية والأقل سعراً والمتاحة منذ سنوات، فأستطيع القول بكل وضوح: إنه لا يوجد فارق ذو مغزى بين المجموعتين فيما يخص خفض معدل السكر بالدم، وهو الهدف الأول من علاج السكر.
ثانياً: الأدوية الحديثة غالية الثمن تتميز من ناحية أخرى على غيرها بقدرتها على الحماية من أمراض القلب، وكذا إيقاف تدهور الكلْيتين، بالإضافة إلى عدم زيادة الوزن، وقد يؤدى بعضها إلى بعض الانخفاض فى الوزن، وأيضاً ندرة حدوث انخفاض خطير فى نسبة السكر، وهى بالتأكيد فوائد جمة يحتاجها مريض السكر.
ثالثاً: نعتمد -نحن أطباء السكر- فى وضع خطة العلاج على قاعدة متفق عليها عالمياً فى السنوات الأخيرة، والتى تتيح للطبيب المعالج اختيار ما يراه مناسباً للمريض طبقاً لحالته العامة، وطول مدة السكر وعمر المريض ووجود مضاعفات للسكر وغيرها من العوامل التى تحدد للطبيب اختيار الدواء المناسب له، وعليه وحده تقع مسئولية الاختيار.
رابعاً: أصدرت اللجنة القومية للسكر منذ سنوات قليلة، ولأول مرة، كُتيباً تمت صياغته بأيدى مجموعة متميزة من أساتذة السكر فى مصر، يحتوى على القواعد الاسترشادية العالمية بعد إجراء بعض التعديلات التى تتوافق مع حالة المريض المصرى الاجتماعية والاقتصادية وعاداته الغذائية، ومنها ضرورة وضع تكلفة الدواء فى الحسبان عند اختيار الدواء، وقد تم بالفعل توزيع هذا الكُتيب على معظم الوحدات الصحية، وأصبح متاحاً على أجهزة الهاتف للأطباء، كما يتناول لأول مرة علاج السكر للصائم المسلم فى شهر رمضان، وكذلك صيام المسيحى على مدار العام.
وفى النهاية، أود التأكيد على أن من أخلاقيات مهنة الطب أن يتناقش الطبيب مع مريضه عند كتابة الدواء، ويوضح له سبب اختياره لهذا الدواء أو ذاك، ويحاول التوفيق بين مصلحة المريض وقدرته على شراء الدواء بقدر الإمكان، طبقاً لمبدأ الفائدة المرجوة والضرر المحتمل، وعلى الجانب الآخر، فإن إيمانى عميق بحق المريض فى الحصول على أفضل دواء متاح، بصرف النظر عن قدرته المادية باعتباره حقاً إنسانياً لا يمكن التنازل عنه، ولن يتحقق ذلك إلا بتطبيق قانون التأمين الصحى الشامل مهما كانت المعوقات.