توقيت القاهرة المحلي 10:46:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا عن وحدة الفعل؟

  مصر اليوم -

ماذا عن وحدة الفعل

بقلم - علي محمد فخرو

أهم ما تحقق أثناء زيارة الرئيس الأمريكى الأخيرة، بالنسبة لنا كعرب وليس كما تلوكه ألسن وسائل الإعلام الأمريكية الرسمية أو حتى تدعوه وسائل الإعلام اليمينية الصهيونية، هو أنه إذا تحققت وحدة / مجموعة صغيرة من الأقطار العربية، فإن الإرادة السياسية القومية تبدأ بالتعبير عن نفسها، حتى ولو بصورة متواضعة.

فى هذه المرة كانت الإرادة لفظية، بمعنى أنها لم تقبل التعبيرات السياسية التى تبجح بايدن أمام جمهوره بأنه سيفرض قبولها لا من قبل الأطراف المجتمعة فى جدة فقط وإنما أيضا توسعة قبولها من قبل أقطار عربية لم تدع إلى ذلك الاجتماع، تمهيدا لقبولها مستقبلا من قبل الشعوب العربية كتعابير ثقافية سياسية حديثة تحل محل الكثير من التعابير القومية العروبية والكثير من الشعارات الجماهيرية التى رددتها عبر عشرات السنين حناجر الملايين من أبناء الأمة العربية.. شعارات مناهضة لأى وجود أو تطبيع مع القوى الاستعمارية ــ الصهيونية فى أى شبر من وطن العرب برمته.

نحن هنا لن نكون معنيين بقبول أو رفض أو نقد ذلك الفيض الهائل مما قيل أو كتب بشأن مدح ذلك المشهد أو ذم ذلك التعبير فهذه وتلك جزئيات لن تقدم أو تؤخر بالنسبة للجحيم الذى تعيشه حاليا أمتنا العربية. فليست معاركنا ثأرية فى نوع المصافحات أو عرض الابتسامات وليست مشكلتنا فى مقدار الفراغ الذى سيحدثه الانسحاب الأمريكى مما يسميه الشرق الأوسط، وليست مهمتنا القومية فى تخفيض أسعار الطاقة فى بلدان أوروبا. إنما مهمتنا أن نكسب الحرب، وليست المعارك المتناثرة المؤقتة التى تؤدى بصورة قاطعة ونهائية إلى دحر العدوان الاستعمارى الذى شنته أمريكا على الأقصى عبر عشرات السنين من أجل منع قيام وحدتنا العربية الشاملة أو من أجل استغلالنا اقتصاديا حتى نخاع العظم، ومن أجل إبقائنا ضعفاء عسكريا، ومن أجل إبقائنا فى صراع طائفى وقبلى عبثى دائم، وبالتالى إبقاؤنا متخلفون علميا وتكنولوجيا، وبالطبع إلى دحر الأداة الوظيفية الصهيونية التى تنفذ تلك الأهداف والرغبات الأمريكية من أجل نفسها وأحلامها وأساطيرها، ومن أجل الحصول على بلايين الدولارات الأمريكية.

كسب تلك المعركة منذ بضعة أيام من خلال توحيد الإرادة اللفظية يحتاج إذن، إن أردنا كسب الحرب الشاملة، إلى الانتقال إلى إرادة الفعل العربية: تخطيطا وتوحيدا تدريجيا تراكميا وتنفيذا مشتركا يعلو على المصالح الجزئية والسيادة القطرية المفتعلة فى حقول الاقتصاد والمال والسياسة القومية المستقلة وفى حقول الصناعة والزراعة والخدمات الاجتماعية. قائمة طويلة ليس مجال ذكرها هنا.

كل حديث أو ادعاء عن قدرة هذا القطر العربى أو ذاك، مهما كانت ثروته أو كان حجمه أو كان تعداد سكانه، هو حديث وادعاء تدحضه عشرات الأسباب وعشرات التجارب التاريخية فى شتى أرجاء المعمورة.

وبكل حديث عن الأهمية القصوى والفاعلية القومية للتجميع والتوحيد تثبته تجارب التجميع والتوحيد فى قارات أمريكا وأوروبا وآسيا، حيث قامت وحدات أو تجمعات قادت إلى المنعة والتقدم.

لنحاول تصور الولايات المتحدة الأمريكية وهى عبارة عن خمسين قطرا بدلا من وحدتها الفيدرالية، ولنتصور أوروبا وهى عبارة عن أربعة وعشرين قطرا بدلا من وحدتها الاقتصادية والأمنية والسياسية الجزئية، ولنتصور روسيا أو الصين أو أفريقيا الجنوبية أو البرازيل أو الهند دون تكتلهم فى تشابك وتعاضد اقتصادى مشترك. لنحاول فعل ذلك لنرى مقدار ضعف وضياع وعدم استقلال كل وحدة من تلك التجمعات وبالتالى مقدار تخلفها فى كثير من مناحى الحياة.

موضوع الوحدة العربية إذن هو فى قلب كسب حربنا مع الاستعمار الغربى ــ الصهيونى الذى أنهكنا ومزقنا ودمر مدننا وأوصل ملاييننا إلى منافى الهجرة والضياع والموت غرقا فى البحار. ومن يريد أن يرشح نفسه أو قطره لقيادة أمته فى أتون تلك الحرب التى قد تحتاج إلى خوض عشرات المعارك قبل ربحها، فعليه أن يقبل بحمل مسئولية ذلك السلاح القومى العروبى الفعال فكرا وثقافة جماهيرية وشعارات سياسية رسمية وشعبية وتحريكا لقوى كل المؤسسات الإقليمية القومية من مثل الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامى والمجالس الوحدوية فى الخليج العربى وفى المغرب العربى.

إنها سلاح مطلوب لخوض حرب وجود.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا عن وحدة الفعل ماذا عن وحدة الفعل



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon