توقيت القاهرة المحلي 05:23:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفساد الإعلامى

  مصر اليوم -

الفساد الإعلامى

بقلم - علي محمد فخرو

من المواضيع التى تتحدث عنها كثيرا وسائل الإعلام المقروءة والسمعية والبصرية هى مواضيع الفساد السياسى والاقتصادى والمالى والقضائى والإدارى والمجتمعى. لكن من الملاحظ أن تلك الوسائل بالكاد تأتى على ذكر الفساد الإعلامى، مع أن الآثار المترتبة على ممارسة مثل هذا الفساد كبيرة وخطرة للغاية وتمس عقول ونفوس وضمائر وقيم وسلوكيات الملايين من البشر. ومع أن الكثير قد كتب وسجل عن ظاهرة الفساد الإعلامى فى الغرب، إلا أن الموضوع لم يعالج بنفس الجدية والعمق فى بلاد العرب، خصوصا بشأن ارتباطه بمصادر القوة والنفوذ فى الأوساط السياسية والمالية العربية وخدمته لمن يملكونهما.
وبالطبع فإنه من المفروض أن يكون الإعلام شريفا وصادقا وموضوعيا ومنحازا للمصلحة العامة، وبالتالى فى قلب مقاومة ومحاربة ظواهر الفساد، فإذا سمح لنفسه الدخول فى لعبة الفساد فما الذى يبقى للجمهور من مصادر المعرفة المنزهة والأخبار الصادقة ومراقبة أدوات السلطة ونقدها وتوعية الجماهير وتجييشها ضد الفساد والمفسدين؟
ثم إن وجود إعلام بتلك الصفات الذاتية الرفيعة وذلك الالتزام الأخلاقى يزداد ويصبح ذا أهمية وجودية فى المجتمعات العربية التى تكثر فيها ظواهر الفساد فى الكثير من مجالات الحياة المهمة المحورية من مثل الحكومات والبرلمانات والقضاء وحتى بعضا من المؤسسات الدينية الرسمية.
وحتى عندما تحاول بعض وسائل الإعلام أن تلعب دورا فى فضح الفساد، فإن الفساد المستتر عند بعض النافذين فيها يتعامل مع التفاصيل بانتقائية شديدة تظهر فيها الانحيازات والتقييمات المصلحية الشخصية وتقل فيها الجوانب العادلة القانونية والأخلاقية والالتزامات الوطنية والإنسانية.
وفى الآونة الأخيرة بدأ الفساد الإعلامى يتفنن فى تلاعباته، فأصبح يتلاعب بالألفاظ العامة التى كانت منتشرة ليستبدلها بكلمات وتعابير جديدة لكى تبدو حداثية وأكثر انضباطا، بينما هى فى الحقيقة محاولات لإدخال الغموض والمماحكات فى الفكر السياسى والاقتصادى النضالى المنحاز للمصلحة العامة وللجماهير المظلومة. فكلمة خالقى الثروة تحل محل الرأسمالية المستغلة، وسلطة الدولة توصف بالحكومة المنتفخة، وديمقراطية المستهلكين تأخذ مكان ديمقراطية الجماهير، والتفتيش عن عمل يأخذ مكان البطالة. إنها تعابير مؤسسات وفكر النيوليبرالية الرأسمالية العولمية الجشعة.
وفى حين أن التركيز فى الغرب على الجوانب الاقتصادية يجرى التركيز فى بلاد العرب على الجوانب السياسية، من محاولات تشويه ومحو ذاكرة الأمة، سواء بالنسبة لتاريخها أو بالنسبة لنضالاتها الحديثة، ومن تبديل للكلمات ذات الدلالات القومية التوحيدية، فيحل تعبير الشرق الأوسط محل الوطن العربى، ويحل الخلاف الفلسطينى «الإسرائيلى» محل الصراع العربى الصهيونى، وتصبح شعارات متطلبات الأمن نافية أو مقللة من أهمية شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية، ويعلى من شأن الاقتراض العام على حساب الاستقلال الاقتصادى... إلخ. من كلمات وتعابير تكون قاموسا خاصا بعالم الإفساد الفكرى من قبل بعض دوائر الإعلام العربى.
ولذلك فمثلما الحال مع الضوابط القانونية والأخلاقية والمهنية التى توضع لمنع أو ضبط الفساد فى العمل العام والأنشطة الاقتصادية والمالية والتجارية فإن هناك حاجة لوضع ضوابط ومحددات بالغة الوضوح والشدة لمنع الفساد فى الإعلام يقنن تفاصيل ملكية وسائل الإعلام، ويمنع توجيهها لخدمة مصالح نفعية، ويؤكد على وجود قيم وضوابط مهنية للعاملين فى المهنة الإعلامية تمنع الرشوة من خلال الامتيازات والمكافآت والهدايا وتحاسب الخارجين على تلك القيم.
وبالطبع ليس المقصود من وضع تلك الضوابط أن تكون على حساب حرية واستقلالية وموضوعية ووطنية وإنسانية الإعلام. بل العكس هو الصحيح فالمقصود هو حماية الإعلام من محاولات قوى متنفذة هائلة ترمى إلى استعماله كأداة إفساد يصب فى خدمة مصالحها الفئوية الضيقة.
فى الغرب هناك قصص مذهلة يندى لها الجبين عن كبار كتاب صحفيين وعن مقدمى برامج تلفزيونية وإذاعية شهيرة دخلوا فى عوالم الفساد الذممى الإعلامى. لتكن تلك القصص دروسا لنا فى بلاد العرب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفساد الإعلامى الفساد الإعلامى



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon