توقيت القاهرة المحلي 11:26:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا خاصية ولا قدسية لتعبير عام

  مصر اليوم -

لا خاصية ولا قدسية لتعبير عام

بقلم - علي محمد فخرو

من الضرورى إجراء حديث هادئ موضوعى فيما بين شعوب الأمة العربية وبين الشعب الألمانى الصديق بشأن سوء الفهم الذى حدث وأثار ضجة كبيرة أثناء زيارة رئيس الشعب الفلسطينى العربى. ولن نقبل دخول أى جهة أخرى، تحت أى ادعاء أو مبرر، فى هذا النقاش الودى فيما بين الأمتين.
إذا كنا نحن العرب قد استعملنا مرارا المقارنة فيما بين الديموقراطية الألمانية والممارسات الديموقراطية فى مختلف بلاد العرب، وقارنا أحداثا كثيرة فى التاريخ الألمانى بأحداث فى تاريخنا، وقارنا توجهات وأفكار فلسفية ألمانية بما طرحه الفلاسفة العرب عبر العصور، ولم يصدر أى اعتراض ألمانى على مثل تلك المقارنات ومئات أخرى غيرها، فلماذا يعترض بعض الألمان على استعمال كلمة الهولوكوست كتعبير عام موجود ومعرف فى القواميس وكتب التاريخ؟
فالتعريف يقول بأنها قتل للمدنيين والمدنيات، وعلى الأخص قتل النازيين لليهود، ولا يقول إنها حكر على حادثة تاريخية معينة فقط من هنا يشير بعض القواميس إلى أنها كلمة متقاربة فى معناها لكلمات مثل الإبادة أو المذبحة أو القتل الجماعى أو الجحيم وغيرها من كلمات كثيرة أخرى.
وإذن فمحاولة البعض لجعل هذه الكلمة لها خاصية شبه مقدسة تمس فقط حادثة تاريخية فيما بين جزء من الشعب الألمانى وجزء من شعب واحد آخر، بينما فى الحقيقة مست أجزاء مدنية من شعوب أوروبية عدة، يبدو نوعا من التعنت اللغوى والتاريخى الذى لا يليق بشعب عظيم عقلانى كالشعب الألمانى الذى نكن له كل الاحترام.
هذا من ناحية الجانب اللغوى، فإذا انتقلنا إلى منهجية التطبيق لهذه الكلمة، فإن حرق مدن أو أحياء أو جماعات بشتى صنوف الحرق قد حدث مرارا فى التاريخ الإنسانى. ولذا فإن ممارسة الإبادة أو الهولوكوست كانت وستظل بأشكال ومصادر متنوعة. فمثلا، ألم يكن استعمال الأمريكيين لسلاح النابالم لحرق الأخضر واليابس وساكنيها فى فيتنام نوعا من الإبادة الهولوكوستية؟
ثم من قال إن الحرق فى الأفران، على بشاعته وإجراميته، أكثر إيلاما وعذابا من نشر الأمراض الفتاكة القاتلة بين قبائل الهنود الحمر الذى استعمله الجنس الأبيض الأوروبى عند غزوه للقارة الأمريكية؟ ألم ينته ذلك الاستعمار الإبادى البشع بقتل عشرات الملايين من الأطفال والنساء وكبار السن والشباب من الشعوب الهندية الحمراء؟ هل حقا أننا لا نستطيع أن نسمى كل ذلك بالهولوكوست الأمريكى تجاه تلك الشعوب؟
وهنا دعنا نعرج على ما وصفه الرئيس الفلسطينى بالهولوكوست تجاه الشعب الفلسطينى العربى. ألم يكن قتل كل الأطفال والنساء والكبار من شعب دير ياسين وتهجير من نجا منهم مشيا على الأقدام نوعا من المذبحة أى الإبادة الهولوكوستية؟ هل أن عدم استعمال الأفران يجعلها معركة صراعية عادية وليست إبادة جماعية؟ هل القتل الممنهج لأطفال ونساء وكبار وشباب فلسطين عبر سبعين سنة، تحت شتى الذرائع الأمنية المفتعلة، لا تصدق عليه كلمة إبادة هولوكوستية؟ فقط لأنه يحدث رويدا رويدا (بالقطارة كما يقول المثل العربى) ولم يحدث خلال بضع سنوات كما حدث فى ألمانيا النازية والدول الأوروبية المحتلة؟
هل إبادة ستة ملايين أو مليونين كما كان يؤكد المفكر والمؤرخ الفرنسى غارودى هى وحدها التى تحتكر كلمة الهولوكوست أما إذا كانت الإبادة لعشرات الملايين، كما حدث للهنود الحمر فى قارة أمريكا، أو عشرات الألوف كما حدث للشعب الفلسطينى، فإن كلمة الهولوكوست لا تنطبق على ذلك الجرم الذى لا يقل فى بشاعته عما فعله النازيون؟.
نحن نتفهم حساسية الشعب الألمانى وشعورهم بالذنب تجاه ما فعله النازيون الألمان بالعديد من شعوب أوروبا، ولكننا لا نتفهم الإصرار على احتكار كلمة الولوكوست وغضبهم الشديد عند وصف قتل الآخرين الممنهج بالهولوكوست. إن ممارسة الهولوكوست تجاه أى جماعة وأى مجتمع، مهما كان كبيرا أو صغيرا، يجب أن لا تكون حكرا على أحد، وكفانا القدسية التى يستعملها محتلو فلسطين لتبرير احتلالهم لفلسطين وتهجير أهلها وقتل وسجن كل من يقاوم ذلك الاحتلال.
نحن نربأ بالشعب الألمانى الصديق أن يسمح لنفسه بأن يجر إلى تلك الهلوسات الدينية التى تستعمل لإبادة الشعب الفلسطينى خطوة خطوة وقطرة قطرة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا خاصية ولا قدسية لتعبير عام لا خاصية ولا قدسية لتعبير عام



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon