توقيت القاهرة المحلي 12:48:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا خاصية ولا قدسية لتعبير عام

  مصر اليوم -

لا خاصية ولا قدسية لتعبير عام

بقلم - علي محمد فخرو

من الضرورى إجراء حديث هادئ موضوعى فيما بين شعوب الأمة العربية وبين الشعب الألمانى الصديق بشأن سوء الفهم الذى حدث وأثار ضجة كبيرة أثناء زيارة رئيس الشعب الفلسطينى العربى. ولن نقبل دخول أى جهة أخرى، تحت أى ادعاء أو مبرر، فى هذا النقاش الودى فيما بين الأمتين.
إذا كنا نحن العرب قد استعملنا مرارا المقارنة فيما بين الديموقراطية الألمانية والممارسات الديموقراطية فى مختلف بلاد العرب، وقارنا أحداثا كثيرة فى التاريخ الألمانى بأحداث فى تاريخنا، وقارنا توجهات وأفكار فلسفية ألمانية بما طرحه الفلاسفة العرب عبر العصور، ولم يصدر أى اعتراض ألمانى على مثل تلك المقارنات ومئات أخرى غيرها، فلماذا يعترض بعض الألمان على استعمال كلمة الهولوكوست كتعبير عام موجود ومعرف فى القواميس وكتب التاريخ؟
فالتعريف يقول بأنها قتل للمدنيين والمدنيات، وعلى الأخص قتل النازيين لليهود، ولا يقول إنها حكر على حادثة تاريخية معينة فقط من هنا يشير بعض القواميس إلى أنها كلمة متقاربة فى معناها لكلمات مثل الإبادة أو المذبحة أو القتل الجماعى أو الجحيم وغيرها من كلمات كثيرة أخرى.
وإذن فمحاولة البعض لجعل هذه الكلمة لها خاصية شبه مقدسة تمس فقط حادثة تاريخية فيما بين جزء من الشعب الألمانى وجزء من شعب واحد آخر، بينما فى الحقيقة مست أجزاء مدنية من شعوب أوروبية عدة، يبدو نوعا من التعنت اللغوى والتاريخى الذى لا يليق بشعب عظيم عقلانى كالشعب الألمانى الذى نكن له كل الاحترام.
هذا من ناحية الجانب اللغوى، فإذا انتقلنا إلى منهجية التطبيق لهذه الكلمة، فإن حرق مدن أو أحياء أو جماعات بشتى صنوف الحرق قد حدث مرارا فى التاريخ الإنسانى. ولذا فإن ممارسة الإبادة أو الهولوكوست كانت وستظل بأشكال ومصادر متنوعة. فمثلا، ألم يكن استعمال الأمريكيين لسلاح النابالم لحرق الأخضر واليابس وساكنيها فى فيتنام نوعا من الإبادة الهولوكوستية؟
ثم من قال إن الحرق فى الأفران، على بشاعته وإجراميته، أكثر إيلاما وعذابا من نشر الأمراض الفتاكة القاتلة بين قبائل الهنود الحمر الذى استعمله الجنس الأبيض الأوروبى عند غزوه للقارة الأمريكية؟ ألم ينته ذلك الاستعمار الإبادى البشع بقتل عشرات الملايين من الأطفال والنساء وكبار السن والشباب من الشعوب الهندية الحمراء؟ هل حقا أننا لا نستطيع أن نسمى كل ذلك بالهولوكوست الأمريكى تجاه تلك الشعوب؟
وهنا دعنا نعرج على ما وصفه الرئيس الفلسطينى بالهولوكوست تجاه الشعب الفلسطينى العربى. ألم يكن قتل كل الأطفال والنساء والكبار من شعب دير ياسين وتهجير من نجا منهم مشيا على الأقدام نوعا من المذبحة أى الإبادة الهولوكوستية؟ هل أن عدم استعمال الأفران يجعلها معركة صراعية عادية وليست إبادة جماعية؟ هل القتل الممنهج لأطفال ونساء وكبار وشباب فلسطين عبر سبعين سنة، تحت شتى الذرائع الأمنية المفتعلة، لا تصدق عليه كلمة إبادة هولوكوستية؟ فقط لأنه يحدث رويدا رويدا (بالقطارة كما يقول المثل العربى) ولم يحدث خلال بضع سنوات كما حدث فى ألمانيا النازية والدول الأوروبية المحتلة؟
هل إبادة ستة ملايين أو مليونين كما كان يؤكد المفكر والمؤرخ الفرنسى غارودى هى وحدها التى تحتكر كلمة الهولوكوست أما إذا كانت الإبادة لعشرات الملايين، كما حدث للهنود الحمر فى قارة أمريكا، أو عشرات الألوف كما حدث للشعب الفلسطينى، فإن كلمة الهولوكوست لا تنطبق على ذلك الجرم الذى لا يقل فى بشاعته عما فعله النازيون؟.
نحن نتفهم حساسية الشعب الألمانى وشعورهم بالذنب تجاه ما فعله النازيون الألمان بالعديد من شعوب أوروبا، ولكننا لا نتفهم الإصرار على احتكار كلمة الولوكوست وغضبهم الشديد عند وصف قتل الآخرين الممنهج بالهولوكوست. إن ممارسة الهولوكوست تجاه أى جماعة وأى مجتمع، مهما كان كبيرا أو صغيرا، يجب أن لا تكون حكرا على أحد، وكفانا القدسية التى يستعملها محتلو فلسطين لتبرير احتلالهم لفلسطين وتهجير أهلها وقتل وسجن كل من يقاوم ذلك الاحتلال.
نحن نربأ بالشعب الألمانى الصديق أن يسمح لنفسه بأن يجر إلى تلك الهلوسات الدينية التى تستعمل لإبادة الشعب الفلسطينى خطوة خطوة وقطرة قطرة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا خاصية ولا قدسية لتعبير عام لا خاصية ولا قدسية لتعبير عام



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon