بقلم - مجدى علام
التغير المناخى فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:
يشير التغير المناخى فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى التغيرات المناخية التى تطرأ على تلك المنطقة وإلى الاستجابة اللاحقة لها واستراتيجيات التكيف معها والتخفيف من آثارها. فى عام 2018 انبعث من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 3.2 مليار طن من غاز ثانى أكسيد الكربون، وأنتجت ما نسبته 8.7% من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى العالمية، على الرغم من أن نسبة سكان تلك المناطق لا تتجاوز 6% من سكان العالم، تأتى هذه الانبعاثات فى غالب الأحيان من قطاع الطاقة، وهو جزء لا يتجزأ من اقتصادات العديد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك بسبب احتياطات النفط والغاز الطبيعى الكبيرة الموجودة فى تلك المناطق، تنظر منظمة الأمم المتحدة والبنك الدولى ومنظمة الصحة العالمية إلى مشكلة التغير المناخى باعتبارها واحدة من أكبر التحديات التى تواجه العالم فى القرن الحادى والعشرين، لما تحمله من تأثيرات غير مسبوقة على النظم الطبيعية لكوكب الأرض، وتُعد التغيرات الشديدة فى درجات الحرارة، والتغيرات فى مستوى سطح البحر، والتحول فى أنماط هطول الأمطار، وزيادة وتيرة حدوث الظواهر الجوية المتطرفة بعضاً من الآثار الرئيسية للتغير المناخى، كما حددتها اللجنة الدولية للتغيرات المناخية.
تُعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا معرّضة بشكل خاص لمثل هذه التأثيرات بسبب بيئتها الجافة وشبه القاحلة، وتواجه تحديات مناخية عديدة، كتراجع المعدل السنوى للهطول المطرى وارتفاع درجات الحرارة وجفاف التربة، ومن المتوقع أن تتفاقم الظروف المناخية التى تزيد فرصة حدوث مثل هذه الظواهر فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال القرن الحادى والعشرين، ومن المتوقع كذلك أن تصبح بعض أجزاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مناطق غير صالحة للسكن قبل حلول عام 2100 فى حال لم تتراجع انبعاثات الغازات الدفيئة فيها بشكل كبير، ومن المتوقع أيضاً أن يضيف التغير المناخى ضغطاً كبيراً على الموارد المائية والزراعية النادرة بالأصل فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الأمر الذى يهدد الأمن القومى والاستقرار السياسى فى جميع البلدان المشمولة، لذلك انخرطت بعض دول المنطقة فى قضية تغير المناخ على المستوى الدولى، من خلال انضمامها لاتفاقيات البيئة، كاتفاق باريس للمناخ.
اعتمدت بعض الدول أيضاً بعض السياسات الخاصة بمواجهة التغير المناخى فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع التركيز على تطوير قطاع الطاقات المتجددة.
الانبعاثات: حددت اللجنة الدولية للتغيرات المناخية، مع الغالبية العظمى من علماء المناخ، انبعاثات الغازات الدفيئة التى ينتجها البشر على أنها المسبب الرئيسى للتغير المناخى، تضاعفت انبعاثات الغازات الدفيئة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى العقود الثلاثة الماضية أكثر من ثلاثة أضعاف، ويرتفع متوسط حصة كل فرد من الانبعاثات فى تلك المنطقة عن المتوسط العالمى، وتتربع العديد من دول الشرق الأوسط فى المراكز العشرة الأولى بقائمة الدول حسب انبعاثات ثانى أكسيد الكربون للفرد، من الممكن القول بأن دولتين اثنتين هما المسئولتان بالمقام الأول عن المستويات المرتفعة لانبعاثات الغازات الدفيئة فى هذه المنطقة، وهما المملكة العربية السعودية وإيران، يحتل هذان البلدان المركزين التاسع والسابع فى قائمة الدول الأكثر إنتاجاً لغاز ثانى أكسيد الكربون فى العالم، وينتج البلدان معاً ما نسبته 40% من انبعاثات الغاز فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
التأثيرات الحالية والمتوقعة للتغير المناخى على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:
توقعت اللجنة الدولية للتغيرات المناخية أن يرتفع متوسط درجات الحرارة العالمية أكثر من 1.5 درجة فى نهاية القرن الحادى والعشرين، واعتبرت اللجنة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بؤرة ساخنة لتغيرات درجات الحرارة فى المستقبل القريب بسبب ظروفها البيئية القاحلة، من المتوقع أن تكون معدلات الاحترار خلال أشهر فصل الشتاء منخفضة، بالمقابل تشير نفس التوقعات إلى حدوث ازدياد فى درجات حرارة فصل الصيف بشكل كبير، من المتوقع أيضاً أن يؤثر تزايد درجات الحرارة على خفض معدلات الهطولات المطرية وما يرتبط بها من استنزاف لرطوبة التربة، والحد من التبريد التبخيرى، نتيجة لذلك، من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة القصوى وأن يزداد تواترها فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفقاً لدراسة نشرها معهد ماكس بلانك للكيمياء عام 2016، عدد الأيام الحارة للغاية فى الفترة ما بين سبعينيات القرن العشرين والوقت الذى نُشر فيه التقرير، تتوقع الدراسة حدوث موجات حر مدتها 80 يوماً بحلول عام 2050، و118 يوماً بحلول عام 2100، ومن المتوقع أن تتسبب الارتفاعات فى درجات الحرارة فى زيادة عدد العواصف الرملية المرتبطة بفترات الجفاف الطويلة، وستجعل من أجزاء كبيرة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أماكن غير قابلة للسكن، كان متوسط درجات الحرارة خلال أكثر الأيام حرارة فى السنوات الثلاثين الماضية 43 درجة مئوية، توقع الكيميائى الهولندى المتخصص بالغلاف الجوى يوهانس ليليفيلد أن تصل درجة الحرارة القصوى إلى 50 درجة مئوية، وذلك وفقاً للسيناريوهات المناخية الحالية التى وضعتها اللجنة الدولية للتغيرات المناخية، كما أشار يوهانس ليفيليد إلى أنه من المتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة فى الصيف بنسبة تصل إلى 7% فى جميع مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبنسبة تصل إلى 10% فى المناطق شديدة التحضر، اعتُبرت درجات الحرارة العالية تهديداً لصحة الإنسان، إذ تزيد من فرص تعرض الأفراد للإرهاق والنوبات القلبية والوفاة، وتوقع عالم المناخ على أحمد عليبور أن يتضاعف معدل الوفيات المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عشرين مرة بحلول نهاية القرن، مقارنة مع مثيله فى الوقت الحالى.