ماذا عن التقدم الرهيب فى تكنولوجيا معالجة التلوث والحد من آثار تغيُّر المناخ خاصة على غذاء البشر وحياتهم؟ دعونا نستعرض أهم ملامح تكنولوجيا المستقبل فيما توصل إليه العلم الحديث:
أولاً: التكنولوجيا تنتصر على تغيُّر المناخ بنقل جبال الجليد أو كسَّاحات الجليد وتجفيف البحر المتوسط، فكان التصرف العلمى هكذا:
1- بدأ العالم -مثل دولة الإمارات- فى التفكير فى نقل جبال الجليد المنفصل عن القطب الجنوبى إلى ساحل الإمارات، كى يكون مصدراً لمائة عام من المياه العذبة.
2- وهكذا فكرت روسيا فى القطب الشمالى، ففرضت سطوتها على 200 كم من مساحة هذا القطب، ووضعت عَلَمها وقواعدها وغواصاتها على أهم جزيرة فيه، ولم تكتفِ بهذا، بل بدأت فى فتح الطريق الشمالى عبر المحيط المتجمد من بحر الشمال عند إنجلترا إلى بحر الصين عند الحدود الجنوبية لروسيا.
وعليه، فقد اقترح البروفيسور ريكاد اميدال، المحاضر فى مدرسة كينج لندن حول مشروع المهندس الألمانى هيرمان سورجيل، بردم أجزاء من البحر المتوسط لوصل قارتَى أفريقيا وأوروبا بطرق برية، عبر 3 سدود هى: سدود تقسم البحر المتوسط إلى جزأين، حيث السد الأول فى مضيق الدردنيل، والسد الثانى عبر تونس وصقلية، والسد الثالث عبر مضيق جبل طارق، وبذلك يصبح البحر المتوسط حوضين، حوضاً شرقياً من سد الدردنيل إلى سد تونس وإيطاليا، والحوض الغربى من سد تونس إلى جبل طارق، بحيث يصبح سد «تونس - صقلية» هو الفاصل بين الحوضين، وتقام الكبارى والجسور عبر السدود الثلاثة، وتتولد الكهرباء، وتتولى أوروبا السيطرة الكاملة بسهولة على نقل موارد أفريقيا إليها.
3- تحلية المياه تزيل الخوف من نقص المياه العذبة والجفاف: حيث تنتشر بسرعة البرق محطات تحلية مياه البحر على ضفاف الخليج العربى والبحر الأحمر والبحر المتوسط، لمواجهة نقص الأمطار وبداية الجفاف فى كثير من أجزاء هذه المنطقة شبه الجافة، وهى المنطقة العربية، باستخدام تكنولوجيا الغشاء والفلاتر والطلمبات، بتكلفة تحلية للمتر المكعب للمياه 6 جنيهات، مع العلم أن المتر المكعب من المياه المعدنية المعبأة بـ10 آلاف جنيه، إذاً هى أرخص كثيراً وأسهل كثيراً، لكن ماذا عن إلقاء باقى الأملاح بمياه البحر مرة أخرى أو على الشاطئ، فتزيد ملوحة المياه البحرية أو المياه الجوفية.
4- اصطياد المياه من الجو بالأيونات: أصبح من المتوقع أن يكون كل سطح منزل «إريال الأمطار»، فهو شبيه بإريال التليفزيون، ولكن يصطاد المياه من رطوبة الجو التى تتساقط على لوح على خزان ينتج المياه العذبة.. وهذه تكنولوجيا حصاد الأمطار التى تروِّجها أكبر شركة هولندية فى هذا المجال.
ثانياً: تكنولوجيا الزراعة والغذاء بين أزمة المياه وأزمة المناخ
1- الغذاء مسحوق بودرة: حيث تكفى الإنسان ملعقة بودرة من مسحوق غذائى طوال اليوم، مثل رواد الفضاء. أزمة الغذاء وتكنولوجيا المستقبل حينما تكون الوجبة «بودرة» فى ضوء شح المياه، وقلة المساحات الزراعية الصالحة للغذاء، حيث دأب رواد الفضاء فى رحلاتهم على تناول طعامهم من خضراوات ولحوم فى شكل «بودرة»، حيث لا تسمح مركبة الفضاء سوى بالطعام المضغوط أو المنزوع السوائل «Dehydrated»، وميزة هذا المسحوق أنه سيجعل البشرية تتنازل عن إنتاج الدواجن والماشية، المكلفة مالياً، بينما تكلفة وجبة هذا المسحوق 1٫5 يورو فقط، أى 35 جنيهاً مصرياً لا غير.
2- التليفون المحمول المرشد الزراعى بإنذار للمطر والحر والإعصار والسيول: أصبح التليفون هو المرشد الزراعى الذى ينذر الفلاح بالأمطار والحرارة، فأصبح فى مصر وعدة دول أفريقية نظام الإنذار الزراعى المبكر للمناخ الذى أتشرف أن أكون مسئولاً عن أحد برامجه فى مصر، والفلاح يتلقى رسالة قبل حدوث الظاهرة المناخية بـ5 أيام، أن احذر الرى خلال الفترة القادمة، لأن الحرارة الشديدة تتسبب فى مزيد من بخر المياه، والسيول والأعاصير سوف تقتلع الزرع من جذوره، والمطر بُشرى خير لمن يزرع فى الصحراء، وذلك يربط الفلاح بمحطة الأرصاد الجوية وهو جالس على حافة الحقل الذى يزرعه على بُعد 100 كم.
3- مزرعتك فوق السطح فلا تذهب للسوق: أصبحت 3 - 4 براميل صفيح هى مزرعة تزود الأسرة بالخضراوات والفاكهة اللازمة للمنزل دون الحاجة لزراعة عدد 2 فدان، أو الذهاب للسوق لشراء احتياجاتها، وهذا مشروع آخر أشرف عليه شخصياً فى جنوب مصر، ومن الممكن تصنيع صلصة الطماطم فيها للتجارة، وهكذا انتقل الحقل من خارج المنزل بعدة كيلومترات إلى السطوح.
4- الصوبة الزراعية 200 متر تنتج إنتاج 20 فداناً: هكذا لا يخسر الإنسان من قلة مساحة الأراضى أو قلة مصادر المياه، فالزراعة تحتاج لغطاء بلاستيك وهيكل مواسير تحبس الحرارة، فتزرع محصول الصيف فى الشتاء، وتركب جهاز تكييف فتزرع محصول الشتاء فى الصيف، وتركب شبكة خراطيم لتنقيط المياه فتزرع بمياه بـ5 م ما يستهلك الفدان بـ100 م، وهكذا قررت الحكومة المصرية زراعة 200 ألف صوبة زراعية بديلاً لـ4 ملايين فدان! ونستكمل فى مقال آخر
* أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب