توقيت القاهرة المحلي 05:32:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فرص التمويل الذاتى للصحة

  مصر اليوم -

فرص التمويل الذاتى للصحة

بقلم - محمد صلاح البدرى

لا يمكن الحديث حول تطوير الرعاية الصحية دون أن يتطرق النقاش إلى ملف الإنفاق على القطاع الصحى.. فهو حجر الأساس لأى محاولة لتحسين الخدمة وتطويرها.. وأى محاولة لرفع مستوى الخدمة دون النظر بعين الاهتمام إلى المخصّصات المالية للصحة لن تصبح ذات فائدة تُذكر فى اعتقادى.. اللهم إلا بعض محاولات تحسين جودة الخدمة ذاتها.. ولكن بالسعة المنخفضة نفسها التى تعانى منها منذ زمن بعيد.

والثابت أن هناك طفرة واضحة فى الإنفاق على القطاع الصحى من الحكومة المصرية، خاصة بعد أزمة كوفيد التى اجتاحت العالم خلال العامين الماضيين.. فمشروع موازنة العام المالى ٢٠٢٢ - ٢٠٢٣ يرصد زيادة قدرها ١٩.٣ مليار جنيه من الإنفاق المباشر على القطاع الصحى، مقارنة بالعام الماضى، وفقاً للتقسيم الوظيفى للموازنة.. وهو ما يمثل زيادة بنسبة تقترب من ١٨٪ عن الموازنة الماضية.. وهو فى رأيى -وفى ظل الأزمة الاقتصادية العالمية- يعد إنجازاً ينبغى تثمينه.

أسوأ ما يواجه فكرة الإنفاق فى مجال الرعاية الصحية هو عدم وجود عائد اقتصادى له يمكن قياسه مقارنة بالخدمات الأخرى.. فالعائد فى هذه الحالة إنسانى فى المقام الأول.. وقيمته لا يتم رصدها إلا بعد سنوات طويلة وبمعايير مختلفة.

فبنظرة اقتصادية مجردة إلى ما يتم إنفاقه فى مجال الصحة فهى أموال بلا عائد يمكن قياسه أو تقييمه بشكل واضح.. ولكن النظرة الأكثر شمولاً تكشف أن الإنفاق فى هذا الملف أكثر جدوى بكثير من معظم القطاعات الأخرى.. فأزمة فيروس كوفيد أثبتت للعالم كله قيمة وجود نظام صحى ثابت وقوى.. وعبّرت بشكل واضح عن أهمية ما يتم إنفاقه فى مجال الصحة من الحكومات المختلفة.

المشكلة الأساسية أن جزءاً كبيراً من الإنفاق الصحى المباشر يذهب إلى توفير الاحتياجات من الأدوية والأجهزة الطبية والمستهلكات.. الأمر الذى يحول هذا الإنفاق فى الدول التى تعتمد على توفير احتياجاتها الطبية من الخارج مثل مصر إلى مبالغ مخصّصة للاستيراد بشكل أساسى وليس للإنفاق الداخلى.

كل دول العالم الأول نجحت فى أن تنتج نسبة كبيرة من احتياجاتها الصحية والطبية.. الولايات المتحدة الأمريكية ومعها معظم الدول الأوروبية تنتج الدواء والأجهزة الطبية ومستلزمات الرعاية الصحية التى تحتاجها بالكامل محلياً.. بل وتصدّرها إلى الكثير من دول العالم.. لم يتوقف الأمر عند ذلك.. فقد تبعتها الهند التى تعتبر قد نجحت فى تحقيق طفرة فى هذا المجال.. وهذا هو بيت القصيد.

لم يحاول أحد أن يقر خطة استثمارية واضحة لإنتاج المستلزمات الصحية والطبية محلياً بالشكل الذى يعمل على خفض فاتورة الاستيراد إلى الحد الأدنى.. لم يفكر أحد حتى الآن أن يجعل التصنيع فى القطاع الطبى من أجهزة وأدوية أولوية قصوى، باعتبار أن توفير تلك السلع هدف استراتيجى لا يمكن الاستغناء عنه، وفى الوقت نفسه يحمّل الموازنة العامة مبالغ يمكن توفيرها لو توفر بديل محلى مناسب.

إن خطة بهذا الشكل ستنجح فى إعادة جزء كبير من الإنفاق الذى يحدث فى مجال الرعاية الطبية إلى المجتمع مرة أخرى فى صور مختلفة.. ستنجح فى تشغيل مصانع وأيدٍ عاملة مصرية.. ستتمكن خطة واضحة فى هذا الإطار من تحقيق منظومة متكاملة أكثر ثباتاً أمام المتغيرات العالمية.. بل ربما تصبح هى ذاتها مصدراً مهماً وأساسياً لتمويل القطاع الصحى بأكمله فى حال اكتفاء السوق المحلية ومن ثم التصدير.

نحتاج إلى خطة متكاملة لتطوير قطاع الدواء وصناعة الأجهزة الطبية ومستلزمات الرعاية الصحية على أرض هذا الوطن.. نحتاج لإنتاج بعض أو ربما كل ما نستهلكه فى هذا المجال.. على الأقل لتكتمل الدورة الاقتصادية بشكلها التقليدى.. ونكتشف مصدراً للتمويل الذاتى لم يُكتشف بعد.. أو هكذا أعتقد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرص التمويل الذاتى للصحة فرص التمويل الذاتى للصحة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon