توقيت القاهرة المحلي 11:13:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فرص التمويل الذاتى للصحة

  مصر اليوم -

فرص التمويل الذاتى للصحة

بقلم - محمد صلاح البدرى

لا يمكن الحديث حول تطوير الرعاية الصحية دون أن يتطرق النقاش إلى ملف الإنفاق على القطاع الصحى.. فهو حجر الأساس لأى محاولة لتحسين الخدمة وتطويرها.. وأى محاولة لرفع مستوى الخدمة دون النظر بعين الاهتمام إلى المخصّصات المالية للصحة لن تصبح ذات فائدة تُذكر فى اعتقادى.. اللهم إلا بعض محاولات تحسين جودة الخدمة ذاتها.. ولكن بالسعة المنخفضة نفسها التى تعانى منها منذ زمن بعيد.

والثابت أن هناك طفرة واضحة فى الإنفاق على القطاع الصحى من الحكومة المصرية، خاصة بعد أزمة كوفيد التى اجتاحت العالم خلال العامين الماضيين.. فمشروع موازنة العام المالى ٢٠٢٢ - ٢٠٢٣ يرصد زيادة قدرها ١٩.٣ مليار جنيه من الإنفاق المباشر على القطاع الصحى، مقارنة بالعام الماضى، وفقاً للتقسيم الوظيفى للموازنة.. وهو ما يمثل زيادة بنسبة تقترب من ١٨٪ عن الموازنة الماضية.. وهو فى رأيى -وفى ظل الأزمة الاقتصادية العالمية- يعد إنجازاً ينبغى تثمينه.

أسوأ ما يواجه فكرة الإنفاق فى مجال الرعاية الصحية هو عدم وجود عائد اقتصادى له يمكن قياسه مقارنة بالخدمات الأخرى.. فالعائد فى هذه الحالة إنسانى فى المقام الأول.. وقيمته لا يتم رصدها إلا بعد سنوات طويلة وبمعايير مختلفة.

فبنظرة اقتصادية مجردة إلى ما يتم إنفاقه فى مجال الصحة فهى أموال بلا عائد يمكن قياسه أو تقييمه بشكل واضح.. ولكن النظرة الأكثر شمولاً تكشف أن الإنفاق فى هذا الملف أكثر جدوى بكثير من معظم القطاعات الأخرى.. فأزمة فيروس كوفيد أثبتت للعالم كله قيمة وجود نظام صحى ثابت وقوى.. وعبّرت بشكل واضح عن أهمية ما يتم إنفاقه فى مجال الصحة من الحكومات المختلفة.

المشكلة الأساسية أن جزءاً كبيراً من الإنفاق الصحى المباشر يذهب إلى توفير الاحتياجات من الأدوية والأجهزة الطبية والمستهلكات.. الأمر الذى يحول هذا الإنفاق فى الدول التى تعتمد على توفير احتياجاتها الطبية من الخارج مثل مصر إلى مبالغ مخصّصة للاستيراد بشكل أساسى وليس للإنفاق الداخلى.

كل دول العالم الأول نجحت فى أن تنتج نسبة كبيرة من احتياجاتها الصحية والطبية.. الولايات المتحدة الأمريكية ومعها معظم الدول الأوروبية تنتج الدواء والأجهزة الطبية ومستلزمات الرعاية الصحية التى تحتاجها بالكامل محلياً.. بل وتصدّرها إلى الكثير من دول العالم.. لم يتوقف الأمر عند ذلك.. فقد تبعتها الهند التى تعتبر قد نجحت فى تحقيق طفرة فى هذا المجال.. وهذا هو بيت القصيد.

لم يحاول أحد أن يقر خطة استثمارية واضحة لإنتاج المستلزمات الصحية والطبية محلياً بالشكل الذى يعمل على خفض فاتورة الاستيراد إلى الحد الأدنى.. لم يفكر أحد حتى الآن أن يجعل التصنيع فى القطاع الطبى من أجهزة وأدوية أولوية قصوى، باعتبار أن توفير تلك السلع هدف استراتيجى لا يمكن الاستغناء عنه، وفى الوقت نفسه يحمّل الموازنة العامة مبالغ يمكن توفيرها لو توفر بديل محلى مناسب.

إن خطة بهذا الشكل ستنجح فى إعادة جزء كبير من الإنفاق الذى يحدث فى مجال الرعاية الطبية إلى المجتمع مرة أخرى فى صور مختلفة.. ستنجح فى تشغيل مصانع وأيدٍ عاملة مصرية.. ستتمكن خطة واضحة فى هذا الإطار من تحقيق منظومة متكاملة أكثر ثباتاً أمام المتغيرات العالمية.. بل ربما تصبح هى ذاتها مصدراً مهماً وأساسياً لتمويل القطاع الصحى بأكمله فى حال اكتفاء السوق المحلية ومن ثم التصدير.

نحتاج إلى خطة متكاملة لتطوير قطاع الدواء وصناعة الأجهزة الطبية ومستلزمات الرعاية الصحية على أرض هذا الوطن.. نحتاج لإنتاج بعض أو ربما كل ما نستهلكه فى هذا المجال.. على الأقل لتكتمل الدورة الاقتصادية بشكلها التقليدى.. ونكتشف مصدراً للتمويل الذاتى لم يُكتشف بعد.. أو هكذا أعتقد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرص التمويل الذاتى للصحة فرص التمويل الذاتى للصحة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon