بقلم - محمد صلاح البدرى
تسارعت الابتسامة على وجهى فى حنان ممتزج بالحيرة.. حين سألتنى والدتى عن معنى تلك العلامة التى تسبق ذلك الشعار الذى يظهر على شاشة التلفاز منذ أيام «#١٠٠-مليون-صحة».. إذ كيف سأشرح لجيل انبهر بالتلفاز نفسه وهو طفل معنى كلمة «الهاشتاج»..! ربما بذلت مجهوداً لا بأس به لشرحه لها.. ولكننى متأكد أن الفكرة لم تصل إليها كاملة بعد..! لا بأس..!
ولعله أمر جيد أن يبدأ الإعلام المصرى فى مخاطبة الفئة الأكثر تأثيراً بين جمهوره بلغتهم التى ابتدعوها.. فالشعار المكتوب يشى بأن فكراً جديداً بدأ فى غزو الشاشات.. وبنظرة متفتحة للجيل المقبل من الشباب الذى لا يعرف تقريباً سوى هذه اللغة التى تنتمى إلى العالم الافتراضى فى مواقع التواصل الاجتماعى أكثر من انتمائها إلى أرض الواقع.. ولعل سبب السعادة لا يقتصر على لغة المخاطبة بقدر ما هى بسبب المشروع نفسه.. فالواقع أننى سعيد حقاً بتلك المبادرة الرئاسية التى تحولت إلى واقع ملموس.. وبعملية المسح الشامل لفيروس سى وغيره من الأمراض غير السارية.. تلك العملية التى تعد الأولى من نوعها فى تاريخ وزارة الصحة المصرية.. والأكبر على مستوى العالم كله.. المبادرة لا شك أنها تكتب فصلاً جديداً فى دستور التاريخ الحضارى المصرى.. فإجراء الكشف وتقديم خدمات المتابعة والتقييم بالمجان عبر مراكز العلاج للمواطنين هو أمر يليق بدولة كبيرة تهتم بصحة مواطنيها بشكل راق.. والاستعانة بقاعدة بيانات الناخبين للوصول لجميع المستهدفين من المسح هو أمر ينبغى أن يتم تثمينه بشكل محترم.. ويضيف إلى إنجازات تلك الحكومة الشابة ما يجعلها تقدم نفسها للمواطنين بشكل أكثر قرباً.. المشكلة أنه لسبب ما تصر الحكومة على العمل بشكل منفرد.. فعمليات المسح لم تبدأ بهذه المبادرة وحدها.. أذكر أن مشروعاً كاملاً للكشف عن الإصابة بفيروس سى قد تبنته بعض الجمعيات الأهلية مثل مؤسسة اسمعونا فى الفترة السابقة.. وتمكنوا من الكشف على عدد كبير من المواطنين، عبر حملة حملت اسم «اطمن على نفسك» فى العام الماضى وبدعم من صندوق تحيا مصر.. فلماذا لم تتم الاستعانة بقواعد البيانات الموجودة لدى تلك الجمعيات فى عملية المسح الجديدة؟ لماذا لم يتم التعاون مع الجمعيات الأهلية التى قامت بجهد سابق.. والاستعانة بها فى الوصول للمواطنين غير المقيدين بقواعد البيانات الانتخابية.. إن وجود تلك الجمعيات فى المبادرة سيمكن الحكومة من توفير الجهد والمال لإعادة الكشف عمن تم الكشف عليه فى المبادرات السابقة.. كما أنه سيضمن الوصول لأكبر عدد من المرضى الذين يعيشون على هامش الدولة.. الذين لا تتمكن الحكومة من الوصول لهم فى المعتاد..!
المشكلة الثانية تكمن فى تحفظى على صرف العلاج كاملاً للمصابين فور الكشف عن مرضهم.. فما الضمان أنهم سيتناولون العلاج ولا يقومون ببيعه مثلاً.. أو حتى ما الضمان أنهم سيشفون بالكامل بهذا «الكورس العلاجى» إذا أخذنا فى الاعتبار أن نسب الشفاء لا تصل إلى ١٠٠٪ أبداً؟! كان يمكن الاعتماد على الجمعيات الأهلية فى متابعة المصابين والتأكد من شفائهم.. أو حتى متابعة صرف العلاج لهم بشكل شهرى لضمان عدم تصرفهم فى العلاج!!
إن التوجيه الرئاسى بالتعاون مع الجمعيات الأهلية واضح منذ بداية فترة حكم الرئيس.. وأهمية دورهم فى التكامل مع ما تقدمه الحكومة من خدمات لا يمكن إنكاره.. ويبقى أن يتم التعامل مع ذلك التوجيه بجدية من الجانب التنفيذى للحكومة!!
ربما نأمل أن يتم تدارك الأمر فى الفترة المقبلة.. وأن تتم الاستعانة بهم والتعاون معهم لنحصل على النتائج المرجوة من الحملة.. التى تليق بهذا الوطن!
نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع