توقيت القاهرة المحلي 09:48:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى فقه التعليم الجامعى..!

  مصر اليوم -

فى فقه التعليم الجامعى

بقلم - محمد صلاح البدرى

إنه الموسم السنوى للتقدم للدراسة بالجامعات المختلفة.. ذلك الوقت الذى يعقب ظهور نتيجة الثانوية العامة وحتى وقت بداية الدراسة بالجامعات.. أعاصره منذ زمن بعيد بصفتى عضواً بهيئة التدريس فى جامعة حكومية.. ولكننى لم أستوعب تلك الحيرة التى يقع فيها هؤلاء الشباب حديثو السن قليلو الخبرة وهم يفاضلون بين الكليات المختلفة إلا بعد أن مارست الحيرة بنفسى وأنا أشترك فى القرار مع ابنتى التى اجتازت امتحان الثانوية هذا العام..!

هى أيام عصيبة.. لا شك فى ذلك لكل الطلبة الجدد.. المستقبل يتم تشكيله الآن.. مجال الدراسة الذى سيستقر عليه الشاب هو ما سيحدد مجالات العمل التى ستتوافر له بعد سنوات قليلة..!!

المشكلة أننى لاحظت أن تخبطاً شديداً يعانى منه هؤلاء الشباب.. فباستثناء البعض منهم الذى قرر منذ زمن بعيد أن يدرس الطب أو الهندسة ونجح فى تحقيق رغبته.. فلا وجود لصورة واضحة للمستقبل فى باقى المجالات.. لا دراسة لأسواق العمل تم نشرها وتوضيحها للطلبة تساعدهم على اختيار المجال الذى يدرسونه ومن ثم يجدون بعده فرصة عمل متاحة.. ولا حتى تعريفاً بالبرامج الدراسية فى الكليات المختلفة.. اللهم إلا فى الجامعات الأهلية والخاصة.. والتى تحرص على وجود ذلك التعريف والبرنامج الدراسى كاملاً على شبكة الإنترنت كنوع من الدعاية.. الأمر الذى جعلنى -وأنا الأستاذ الجامعى- أجد حيرة فى اختيار الكلية المناسبة!!

والحقيقة أنه لا يمكن الحديث عن التعليم الجامعى فى مصر دون أن نؤكد فى بداية الأمر أنه لا ينبغى أن يصبح غاية فى ذاته.. بل هو وسيلة لتأهيل الشباب لأسواق العمل المختلفة.. فالأمر لا يتوقف عند منح الشهادة الجامعية فحسب.. وإنما ينبغى أن يرتبط التعليم فى الجامعات بسوق العمل المحيط.. ويوفر له خريجين مؤهلين للعمل بمعاييره ومتطلباته..!

ستجد تلك الحقيقة واضحة جلية فى دولة مثل ألمانيا التى تطلب أعداداً محددة كل عام فى الكليات المختلفة طبقاً لاحتياجات السوق المحلية.. بينما تتوقف تماماً عن دعم دراسة أى طالب يرغب فى كلية بعينها خارج النسبة المقررة.. ستجد لديهم تلك المصانع العملاقة التى تعقد شراكات مع كليات الهندسة الموجودة هناك.. تدعم أبحاث الطلبة والدراسات العليا.. وتستفيد من نتائجها أولاً بأول..!!

يحكى لى أحد رؤساء الجامعات الأهلية، الذى كان يعمل فى إحدى جامعات الولايات المتحدة من قبل، كيف أن بحثاً قد تم من خلال الجامعة التى يعمل بها أثبت أن سيارات الإسعاف تتأخر عن مواقع الحوادث لمدة تصل إلى دقيقتين بسبب انتظار الإبلاغ عن الحادثة.. الأمر الذى جعل الولاية تقوم بتركيب كاميرات ذكية فى كل طرق الولاية.. تقوم بنفسها بإطلاق إشارة لسيارة الإسعاف الأقرب إلى الموقع إن رصدت حادث سير..!!

إن العملية التعليمية بالجامعات باهظة التكاليف.. الأمر الذى يجعل تكلفة دراسة الطالب الواحد كبيرة بالفعل.. هى حقيقة أدركها العالم كله منذ زمن بعيد.. وأقر على أثرها أنه لا يوجد تعليم جامعى مجانى.. بل هناك منح دراسية للمتفوقين.. بينما يسمح للجميع بدراسة أى مجال طالما نجح فى اجتياز المقررات الدراسية التى يحتاجها لدراسته.. على أن توفر الدولة قروضاً ميسرة طويلة الأمد من البنوك الوطنية لتغطية نفقات الدراسة..!

ما زلنا لا ندرك هذه الحقيقة بالشكل الأمثل.. ولكننى أعتقد أن الوقت قد حان لإدراكها.. بل والتعامل على أساسها..!

إن فقه التعليم الجامعى يقوم فى أساسه على تجهيز متطلبات سوق العمل من خريجين مؤهلين ومدربين على الانخراط فيه بشكل فعال.. وإنتاج الأبحاث العلمية التى تقدم الدعم والمشورة لتلك الأسواق وللمجتمع ككل على أسس علمية واضحة.. والتفكير فى تطوير التعليم الجامعى فى مصر ينبغى أن يقوم على هذه القواعد.. ويخدم تلك الأهداف فى المقام الأول.. أو هكذا أعتقد..!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى فقه التعليم الجامعى فى فقه التعليم الجامعى



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon