بقلم: محمد صلاح البدرى
بعض الأخبار التى نقرأها فى الصحف كل يوم أو نسمع عنها فى وسائل الإعلام المختلفة يمكنك بواسطتها أن تستوعب ما يجرى حولك من تغيير.. ويمكنك بسهولة أن تتلمس فيها ملامح الوطن الجديد الذى يتم بناؤه كل يوم.. بل كل لحظة.. ففى ظل كل المشاكل التى تحيط بالمنظومة الطبية فى هذا الوطن.. تبدو لنا تلك الأنباء حول تقييم القوى البشرية التى تتخرج فى كليات المنظومة الطبية وإعادة تحديد الأعداد بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل.. تبدو كبارقة أمل من الحكومة.. لنبدأ عهداً جديداً من التخطيط الاستراتيجى السليم فى هذه المنظومة التى عانت كثيراً.. ففى ظل تواتر الأنباء حول زيادة فى أعداد المقبولين بكليات الطب هذا العام وانخفاض فى أعداد المقبولين بكليات الصيدلة وطب الأسنان.. يبدو جلياً أن هناك من يحسب الأعداد المطلوبة.. ويحاول توفيرها كما هو متبع فى معظم دول العالم المتحضر.. والواقع أن التخطيط الفعال للموارد البشرية هو الخطوة الأولى المطلوبة للتخطيط السليم.. والبداية الحقيقية للتعامل مع المشاكل المزمنة.. التى يأتى على رأسها حساب القوى البشرية.. المشكلة هنا هى أن زيادة أعداد المقبولين بكلية الطب قد يأتى على حساب التعليم الطبى السليم.. فكليات الطب بمصر تعانى منذ فترة من التكدس فى أعداد الطلاب.. الأمر الذى يمنع أى تعليم طبى حقيقى يهدف إلى إكساب المهارات الإكلينيكية.. بالإضافة إلى عدم تحديد التكلفة الحقيقية لتعليم الطالب.. وتباين مستوى الخريجين بين الكليات المختلفة بسبب عدم وجود توحيد قياسى لمستوى الخريجين.. كل ما سبق هو مشاكل موجودة بالفعل.. وزيادة عدد المقبولين بكليات الطب دون وضع حلول لتلك المشاكل سيؤدى إلى تفاقمها.. وسيهدم أى نوع من التخطيط الاستراتيجى الذى تسعى إليه الحكومة.. وعلى الرغم من الخطوات الهامة والجيدة التى اتخذها القائمون على التعليم الطبى مؤخراً فى النظام الجديد لكليات الطب.. بالإضافة إلى نظام تجديد ترخيص مزاولة المهنة للأطباء.. الذى لم يتم تطبيقه حتى الآن لسبب لا أعرفه.. إلا أن التوجيه بإنشاء كليات جديدة -حكومية وخاصة على السواء- بات ضرورياً لاستيعاب تلك الأعداد.. وتحسين التعليم الطبى فى مجمله.. الفكرة أن إنشاء كليات جديدة للطب ليس أمراً سهلاً بأى حال.. فكلية الطب دون غيرها من الكليات لا يمكن إنشاؤها أو استقبال طلبة بها دون وجود مستشفى جامعى يمكن للطلبة فيه الحصول على التدريب الذى يحتاجونه.. ويمكنهم من استكمال دراستهم بالأقسام الإكلينيكية به.. وهو أمر ليس بالهين بالطبع.. وتكلفة إنشاء مستشفى جامعى تختلف اختلافاً جذرياً عن تكلفة إنشاء كلية.. الأمر الذى يجعل الكثير من الجامعات الخاصة تحجم عن إنشاء كليات للطب البشرى.. ويجعلها تتجه لكليات الأسنان والصيدلة.. أعتقد أن اقتراحاً أن يتم التعاقد مع بعض مستشفيات وزارة الصحة لتقوم بهذا الدور للجامعات الخاصة.. على أن يتم التعاقد بين وزارة الصحة والجامعة لتتحمل الأخيرة تكلفة تجديدها وتجهيزها بالأجهزة المطلوبة.. مقابل أن يتم تدريب الطلبة بها فى المرحلة الإكلينيكية.. الأمر سيوفر الكثير من المطلوب للبنية التحتية لمستشفى جامعى.. وسيوفر لوزارة الصحة تمويلاً جيداً لتجديد وتجهيز مستشفياتها.. وسيخفف من التكدس الموجود بين طلبة الطب.. ويسمح للجامعات الخاصة بأن تنشئ كليات جديدة.. الاقتراح بين يدى المسئولين عن هذا الملف لدراسته وتقييم نتائجه.. التى أرجو كما يرجو الجميع أن تسهم فى تطوير تلك المنظومة الحيوية.. أو هكذا أعتقد!