أيام قليلة مرت على تصويت مجلس النواب على التعديل الوزارى الأخير.. الذى شمل ثلاثة عشر وزيراً جديداً.. وشمل أمنيات وآمال المواطنين بتحسُّن ملموس للأداء الحكومى فى تلك الوزارات.. خاصة أن التعديل شمل أهم الوزارات الخدمية التى تمس المواطن.. وأعنى وزارتى التعليم والصحة.
مهمة ثقيلة لا شك فى ذلك تلك التى تنتظر الدكتور خالد عبدالغفار وزير الصحة الجديد.. مهمة كانت قد بدأت منذ عدة أشهر حينما تولى منصب القائم بعمل الوزير.. ولكن أحداً لم يكن يملك تقييم أدائه طوال تلك الفترة، باعتباره لم يكن الوزير المختص بشكل رسمى.. أما الآن وقد حلف يمين الوزارة، واقسم أن يرعى مصالح المواطنين، ويبذل قصارى جهده لخدمة الوطن من خلال موقعه.. فقد أصبح مسئولاً وبشكل كامل عن كل ما يدور فى أروقة تلك الوزارة الحيوية.
ولعل الفترة التى تولى فيها سيادته منصب القائم بعمل الوزير قد مكنته من الاطلاع على مشكلات القطاع الصحى بشكل أكثر دقة ووضوحاً.. الأمر الذى سينعكس على سرعة التغيير الذى ننتظره ونتمناه منه فى هذا الملف.
ولأننى أثق فى اجتهاد السيد الوزير الذى لا يعتبر غريباً عن القطاع الصحى باعتباره أستاذاً بكلية طب الأسنان.. بالإضافة إلى توليه منصب وزير التعليم العالى لفترة ليست بالقصيرة.. كان لزاماً أن نقف بجواره بالدعم والنصح -كلٌّ فى موقعه- للتغلب على مشكلات القطاع المتعدّدة.. والتى يعرفها الجميع.
نعم.. نريد أن نشهد تطويراً ملموساً سريع الخطوات فى مجال الرعاية الصحية.. فلا نرى فى هذا الوطن مريضاً لا يجد مكاناً فى مستشفى حكومى.. أو نجد من لا يثق فى جودة المستشفيات الحكومية.
نريد اهتماماً بكل عناصر المنظومة الطبية التى يأتى الطبيب على رأسها.. نريده أن يتعلم جيداً.. ويمارس ما يتعلمه فى بيئة صحية جيدة.. نريده أن يجد موقعه الذى يستحقه فى نسيج هذا الوطن دون أن يشعر أنه لا مكان له فيه!
نريد تغييراً فى استراتيجية الصحة بالكامل لتحمل شقاً عاجلاً سريع التأثير بجانب خطة ٢٠٣٠ القائمة بالفعل.
ودون انتظار تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل التى تسير فى طريقها المرسوم، ولكنها تحتاج إلى الوقت الذى لا يملكه المريض فى أغلب الأحيان.
نريد مضاعفة لميزانية الصحة.. وتعزيزاً لمواردها الذاتية عن طريق الاستثمار المباشر وغير المباشر فى العملية الصحية كلها فى ظل ظرف اقتصادى قاسٍ على العالم كله.. حتى يمكن استغلال تلك الاستثمارات لرفع كفاءة النظام كله وتحفيز العاملين به.
نريد إعادة هيكلة للخدمات الصحية الحكومية.. وتوزيع جغرافى عادل لها بين المحافظات المختلفة.. ليجد المريض علاجه فى كل مكان وليس فى العاصمة وحدها.
نريد حلاً جذرياً لأزمة نواقص الأدوية التى تكررت وما زالت منذ فترة.. والتى تعصف بكل ما يتم من تطوير.. والتى لن تحل إلا بتوفير ميزانية للأبحاث العلمية للتمكن من تطوير الأبحاث الدوائية، وحل مشكلات قطاع تصنيع الأدوية لتتمكن من تصنيع نسبة معقولة من احتياجات مصر من الدواء.. فلا تقع المنظومة تحت رحمة شركات خاصة لا تبتغى إلا الربح.
إنه الخيار الاستراتيجى الذى لا أرى سواه لنبنى البشر الصالح لإعمار هذا الوطن.. والذى أثق فى توافر القدرة على تحقيقه.. ليبقى توافر الإرادة وحدها هو المطلوب.
تركة ليست بالهينة تلك التى حملها على عاتقه الوزير الجديد.. فالتحديات التى تواجه القطاع الصحى لم تكن هينة يوماً ما.. ولن تتوقف فى اعتقادى أبداً.. ليبقى التحدى الأكبر فيها هو الحفاظ على كل أضلاع المنظومة الصحية وتوفير بيئة عمل مناسبة لهم.. بالإضافة إلى تحقيق الرضا لدى المرضى عن الخدمات المقدمة.. فما أصعبها من معادلة.. أو هكذا أعتقد.