بقلم - محمد صلاح البدرى
البعض يعمل جاهداً ليقدم صورة قاتمة عن الوضع الصحى فى مصر، والبعض الآخر يبذل كل جهده ليصور الأمر وردياً.. وبينهما تضيع الحقيقة التى ينبغى أن نضع يدنا عليها إن أردنا إصلاحاً حقيقياً و تطويراً يصب فى صالح المريض والصحيح على حد سواء!
وإذا كنا ننتقد الكثير مما يحدث فى ذلك القطاع الحيوى، ونرفض الأكثر من القرارات التى لا تخدم العملية الصحية فى هذا الوطن، فينبغى -حتى نكون منصفين- أن نشيد فى الوقت نفسه بما هو جيد بالفعل.
ولعل أفضل خبر تم تداوله بشأن القطاع الصحى منذ زمن هو ذلك البروتوكول الذى تم توقيعه بين وزارتى الصحة والتعليم العالى منذ بضعة أيام ويقضى بأن تقوم وزارة التعليم العالى بتشغيل بعض مستشفيات وزارة الصحة وتدريب الكوادر بها لمدة خمس سنوات على أن تتحمل الوزارة تكلفة الكوادر البشرية التى ستقوم بتشغيل المستشفى وتتحمل وزارة الصحة تكلفة العمالة والمستهلكات والأدوية.
الخبر أسعدنى لعدة أسباب، أولها أنه أمر ننادى به منذ زمن بعيد، فالحياة فى جزر منعزلة ما بين المستشفيات الجامعية بأساتذتها أصحاب الخبرة وبين وزارة الصحة لا يصب فى صالح أحد بكل تأكيد.. ولأن توقيع البروتوكول نفسه قد تم بين مساعد وزير الصحة الشاب المجتهد الدكتور أحمد السبكى مساعد الوزير للرقابة والمتابعة وبين رؤساء الجامعات المكلفة بتشغيل تلك المستشفيات من جانب آخر، فى لفتة جيدة وتجسيد واضح لفكرة تمكين الشباب بالجهاز الإدارى للدولة!
وإذا كان ذلك البروتوكول قد تم لتوفير مستشفيات جامعية تصلح لتدريب طلبة كليات الطب بتلك الجامعات حتى يتم إنشاء مستشفيات جامعية لهم، فأعتقد أن التعاون ينبغى أن يستمر حتى بعد السنوات الخمس.. وتشغيل مستشفيات وزارة الصحة ينبغى ألا يُحرم من الكوادر الجامعية فى كل وقت وكل مكان.
وربما يفتح هذا البروتوكول مرة أخرى فكرة التعاون التام بين وزارتى التعليم العالى والصحة فى مجال الرعاية الصحية.. وتعود مرة أخرى فكرة وجود مظلة واحدة لكل من يقدم الخدمة الصحية فى مصر.. وتعود للحياة فكرة إنشاء المجلس الأعلى للصحة التى نادينا بها مراراً وتم تقديمها فى أكثر من مشروع لتطوير الرعاية الصحية دون أن تلقى قبولاً لسبب لا يعرفه أحد.
لقد كان الاقتراح أن يتم تشكيل مجلس أعلى للصحة برئاسة السيد الرئيس، ويضم وزيرى الصحة والتعليم العالى، كما يضم وزيرى صحة سابقين وأمين المجلس الأعلى للجامعات.. ويكون المجلس مسئولاً عن كل ما يقدم الخدمة الصحية على أرض هذا الوطن أياً كانت تبعيته.
المجلس سيحل الكثير من مشاكل الخلط فى المسئوليات والتبعيات للكيانات الصحية، وسيقدم حلولاً لكل مشاكل الرعاية الصحية بشكل كبير.. فبموجبه سيتم تطعيم المستشفيات العامة بأعضاء هيئة التدريس من الجامعات المختلفة ليقوموا بالتدريب والتعليم الطبى وكذلك تقديم الخدمة الصحية للمواطنين.. وسيحل الكثير من مشاكل التمويل والميزانيات التى تواجه المستشفيات الجامعية.. فإذا علمت أن هناك الكثير من الأجهزة والمعدات «غير المستغلة» بمستشفيات الوزارة بسبب عدم وجود كوادر مدربة لتشغيلها.. وإذا علمت أن العديد من المستشفيات الجامعية تعانى من نقص حاد فى ميزانيات شراء الأجهزة والمعدات ستفهم ما أعنيه.
إن وجود كيان واحد يضم كل مقدمى الخدمة سيحسن بكل تأكيد ما يتم تقديمه، وسيوفر الكثير من الجهد والوقت.. فهل يكون البروتوكول الذى تم توقيعه تمهيداً لهذا الكيان الذى نبحث عنه وننادى به دون جدوى؟!
نقلا عن الوطن القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع