توقيت القاهرة المحلي 08:50:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مواطن أفريقى صحيح!

  مصر اليوم -

مواطن أفريقى صحيح

بقلم - محمد صلاح البدرى

لم يكن لقاءً مرتباً، فقد كان على هامش إحدى الندوات الطبية التى تعقد بانتظام فى جامعات مصر المتعددة، أسمر اللون، يحمل فى ملامحه ما يشى بانتمائه لتلك القارة السوداء التى ننتمى إليها دون أن ندرك أهميتها جيداً.

نظرت إلى بطاقة الهوية المعلقة على صدره لأدرك صحة نظرتى، إنه طبيب نيجيرى شاب من هؤلاء الذين يجوبون العالم بحثاً عن العلم، بدأت معه حواراً بسيطاً على سبيل الترحيب لأدرك من خلاله أننا نخسر الكثير بالابتعاد عن هويتنا الأفريقية!!

لقد بدا متحمساً وهو يخبرنى أنه يحب مصر منذ أن سمع عنها، ودون حتى أن يزورها من قبل، تحدث معى طويلاً عن مصر التى كان يتمنى زيارتها، وأنه انتهز فرصة هذا اللقاء العلمى فقط ليأتى إلى هنا ويحقق أمنيته ويراها.

لقد بدا واضحاً من كلماته أننا نمتلك جمهوراً غفيراً فى تلك القارة، جمهوراً كان يفتقد وجودنا المؤثر الذى فقدناه لعقود دون سبب محدد!!

والواقع أننى معجب حقاً بأن يصبح الاهتمام بأفريقيا خياراً استراتيجياً للنظام فى هذه المرحلة تحديداً، لقد فقدنا ظهيرنا الأسمر لسنوات طويلة وفقدنا معه الهوية الأفريقية التى تتيح لنا قوة ونفوذاً لا يعوضه أى وجود للدولة المصرية فى أى محور آخر.

لقد آمن النظام الحالى منذ البداية بأهمية الالتفات جنوباً، ولمَ لا؟ فأفريقيا هى الامتداد الطبيعى والجغرافى لمصر، والبعد السياسى والأمنى لدولها لا يمكن إغفاله لكل من ينظر إلى المشهد بعمق، إنها الحقيقة التى أدركها «عبدالناصر» ومن بعده «السادات» جيداً وقررا أن يؤمنا الحدود الجنوبية إلى أبعد مدى وبتكلفة تقل كثيراً عن تكلفة التأمين العسكرى، لقد زرعا الانتماء فى قلب كل أفريقى لهذا الوادى الطيب عن طريق البعثات الدراسية وبعثات الأزهر التى تجوب القارة، وخلقا مساحات للتعاون والتنمية بين مصر وتلك الدول التى كانت أسواقها تحتاج لنا بشدة، ولكن يبدو أن من أتى بعده لم يستوعب تلك الحقيقة حتى عاد النظام الحالى ليجدد تلك العلاقات بقوة وعمق!

بجهد دؤوب وحماس لا يفتر يحاول النظام أن يستعيد الدور السياسى لمصر فى القارة الأفريقية، الأمر بدا واضحاً فى كلمة الرئيس فى الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ بضعة أسابيع، ومن قبله فى نموذج محاكاة الاتحاد الأفريقى الذى قام به شباب البرنامج الرئاسى، كما يبدو واضحاً جلياً أيضاً فى أجندة عمل منتدى شباب العالم المزمع عقده بشرم الشيخ بعد أيام قليلة، فقد أعلنت اللجنة المنظمة أن البرنامج سيشتمل على نموذج محاكاة للقمة العربية الأفريقية، كما يشمل البرنامج أكثر من جلسة وورشة عمل تختص بالحاضر الأفريقى والمستقبل المرغوب!

الطريف أننا ما زلنا نمتلك الكثير الذى يمكن تقديمه للقارة السمراء فى سبيل تعزيز الدور المصرى، فلمَ لا نتبنى مشروعاً للكشف وعلاج فيروس سى عبر أنحاء القارة كما نفعل فى مصر الآن؟ لمَ لا يتم الإعلان عبر الاتحاد الأفريقى عن مشروع «مواطن أفريقى صحيح» ويتحول مشروع «١٠٠ مليون صحة» إلى مشروع القارة كلها عبر وزارة الصحة المصرية وعبر اتصالات وزارة الخارجية الناجحة فى نظرى؟

إن مشروعاً كهذا كفيل بأن يزرع الانتماء فى الجنوب أكثر بكثير مما فعلت البعثات الدراسية ويقضى على كل آثار السنوات العجاف التى ابتعدنا فيها عن هويتنا السمراء!

لقد أدرك النظام المصرى أن التنمية تبدأ من خلال تلك القارة السمراء، وأن مسئولية الدولة المصرية نحو الجنوب قد باتت ضرورة يفرضها البعد التاريخى قبل الإقليمى وتدعمها مكانة الدولة وتأثيرها بين مواطنى القارة على كل المستويات، ويبقى أن يستمر العمل فى هذا الاتجاه الذى كنا نفتقده كثيراً.

نقلًا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مواطن أفريقى صحيح مواطن أفريقى صحيح



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon