توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مواطن أفريقى صحيح!

  مصر اليوم -

مواطن أفريقى صحيح

بقلم - محمد صلاح البدرى

لم يكن لقاءً مرتباً، فقد كان على هامش إحدى الندوات الطبية التى تعقد بانتظام فى جامعات مصر المتعددة، أسمر اللون، يحمل فى ملامحه ما يشى بانتمائه لتلك القارة السوداء التى ننتمى إليها دون أن ندرك أهميتها جيداً.

نظرت إلى بطاقة الهوية المعلقة على صدره لأدرك صحة نظرتى، إنه طبيب نيجيرى شاب من هؤلاء الذين يجوبون العالم بحثاً عن العلم، بدأت معه حواراً بسيطاً على سبيل الترحيب لأدرك من خلاله أننا نخسر الكثير بالابتعاد عن هويتنا الأفريقية!!

لقد بدا متحمساً وهو يخبرنى أنه يحب مصر منذ أن سمع عنها، ودون حتى أن يزورها من قبل، تحدث معى طويلاً عن مصر التى كان يتمنى زيارتها، وأنه انتهز فرصة هذا اللقاء العلمى فقط ليأتى إلى هنا ويحقق أمنيته ويراها.

لقد بدا واضحاً من كلماته أننا نمتلك جمهوراً غفيراً فى تلك القارة، جمهوراً كان يفتقد وجودنا المؤثر الذى فقدناه لعقود دون سبب محدد!!

والواقع أننى معجب حقاً بأن يصبح الاهتمام بأفريقيا خياراً استراتيجياً للنظام فى هذه المرحلة تحديداً، لقد فقدنا ظهيرنا الأسمر لسنوات طويلة وفقدنا معه الهوية الأفريقية التى تتيح لنا قوة ونفوذاً لا يعوضه أى وجود للدولة المصرية فى أى محور آخر.

لقد آمن النظام الحالى منذ البداية بأهمية الالتفات جنوباً، ولمَ لا؟ فأفريقيا هى الامتداد الطبيعى والجغرافى لمصر، والبعد السياسى والأمنى لدولها لا يمكن إغفاله لكل من ينظر إلى المشهد بعمق، إنها الحقيقة التى أدركها «عبدالناصر» ومن بعده «السادات» جيداً وقررا أن يؤمنا الحدود الجنوبية إلى أبعد مدى وبتكلفة تقل كثيراً عن تكلفة التأمين العسكرى، لقد زرعا الانتماء فى قلب كل أفريقى لهذا الوادى الطيب عن طريق البعثات الدراسية وبعثات الأزهر التى تجوب القارة، وخلقا مساحات للتعاون والتنمية بين مصر وتلك الدول التى كانت أسواقها تحتاج لنا بشدة، ولكن يبدو أن من أتى بعده لم يستوعب تلك الحقيقة حتى عاد النظام الحالى ليجدد تلك العلاقات بقوة وعمق!

بجهد دؤوب وحماس لا يفتر يحاول النظام أن يستعيد الدور السياسى لمصر فى القارة الأفريقية، الأمر بدا واضحاً فى كلمة الرئيس فى الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ بضعة أسابيع، ومن قبله فى نموذج محاكاة الاتحاد الأفريقى الذى قام به شباب البرنامج الرئاسى، كما يبدو واضحاً جلياً أيضاً فى أجندة عمل منتدى شباب العالم المزمع عقده بشرم الشيخ بعد أيام قليلة، فقد أعلنت اللجنة المنظمة أن البرنامج سيشتمل على نموذج محاكاة للقمة العربية الأفريقية، كما يشمل البرنامج أكثر من جلسة وورشة عمل تختص بالحاضر الأفريقى والمستقبل المرغوب!

الطريف أننا ما زلنا نمتلك الكثير الذى يمكن تقديمه للقارة السمراء فى سبيل تعزيز الدور المصرى، فلمَ لا نتبنى مشروعاً للكشف وعلاج فيروس سى عبر أنحاء القارة كما نفعل فى مصر الآن؟ لمَ لا يتم الإعلان عبر الاتحاد الأفريقى عن مشروع «مواطن أفريقى صحيح» ويتحول مشروع «١٠٠ مليون صحة» إلى مشروع القارة كلها عبر وزارة الصحة المصرية وعبر اتصالات وزارة الخارجية الناجحة فى نظرى؟

إن مشروعاً كهذا كفيل بأن يزرع الانتماء فى الجنوب أكثر بكثير مما فعلت البعثات الدراسية ويقضى على كل آثار السنوات العجاف التى ابتعدنا فيها عن هويتنا السمراء!

لقد أدرك النظام المصرى أن التنمية تبدأ من خلال تلك القارة السمراء، وأن مسئولية الدولة المصرية نحو الجنوب قد باتت ضرورة يفرضها البعد التاريخى قبل الإقليمى وتدعمها مكانة الدولة وتأثيرها بين مواطنى القارة على كل المستويات، ويبقى أن يستمر العمل فى هذا الاتجاه الذى كنا نفتقده كثيراً.

نقلًا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مواطن أفريقى صحيح مواطن أفريقى صحيح



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon