توقيت القاهرة المحلي 11:29:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شرذمة.. بلا هوية..!

  مصر اليوم -

شرذمة بلا هوية

بقلم : محمد صلاح البدرى

لم تكن المرة الأولى التى أسافر فيها خارج البلاد، سواء لفترة قصيرة أو طويلة، فعملى كأستاذ جامعى يتطلب أن أشارك فى مؤتمرات دولية متعددة، ولكنها كانت المرة الأولى التى أواجه فيها موقفاً بهذا التعقيد!

ففى إحدى محطات المترو بإحدى العواصم الأوروبية، وفى خضم زحام ساعات الذروة، قام أحدهم بنزع حقيبتى الصغيرة التى أحملها على كتفى، ظناً منه أنها تحتوى على ما يستحق السرقة.. الأمر كله تم بسرعة شديدة، لدرجة أننى لم أستوعب ما حدث إلا وباب القطار يتحرك ليغلق واللص يقفز منه باحتراف.. وأنا أقف مذهولاً مما حدث، عاجزاً عن فعل أى شىء!

المشكلة لم تكن فى النقود التى كانت بالحقيبة، فلم أكن أحمل الكثير.. الكارثة كانت فى الأوراق التى كانت بها.. وتحديداً جواز السفر الخاص بى..!

ربما كنت سعيد الحظ يومها.. بعد أن فتح اللص الحقيبة سريعاً والتقط منها النقود ثم ألقاها إلىّ مرة أخرى فى إحباط غاضب.. وقتها حمدت الله أن عاد إلىّ جواز السفر..!

لم أنسَ أبداً تلك الدقائق التى تلت ذلك الحادث.. تلك اللحظات التى شعرت فيها بانعدام الهوية التى فقدتها مع جواز السفر.

لم أنسَ أبداً ما شعرت به من حيرة وضياع فى بلد لا أنتمى إليه ولا أعرفه.

الموقف كله تداعى إلى ذهنى حين قرأت أن الإخوان الذين هربوا من مصر منذ عدة سنوات أصبح لدى البعض منهم مشكلة أن صلاحية جوازات السفر الخاصة بهم قد انتهت.. وباتوا لا يحملون أوراقاً رسمية تثبت انتماءهم للدولة المصرية!

لقد فقدوا «كل ما يثبت» انتماءهم لهذا الوطن قبل أن يفقدوا ما يثبت جنسيتهم التى قرروا التخلى عنها وهم فى أحضان الخليفة العثمانى المغرور.

إنه الشعور بانعدام الأمان.. الشعور بالضياع المطلق الذى لا نهاية له أبداً..!

الطريف أنهم حين هربوا من مصر لم يكن أكثرهم تشاؤماً يتخيل أنه سيصل به الحال إلى هذا الموقف.. كانوا يتخيلون أن الأمر لن يتعدى بضعة شهور ويعودون مرة أخرى.. بعد أن تصل قياداتهم لصيغة مصالحة مع النظام المصرى، أو يعود مندوبهم فى الرئاسة إلى مكانه مرة أخرى بضغوط دولية..!

لقد تحولت تلك الشرذمة من فاقدى الهوية إلى كلاب مسعورة.. تنهش فى جسد الوطن من الخارج عبر أبواقهم الإعلامية، وتنتهز كل الفرص لمحاولة هدم وطنهم الذى عاشوا على أرضه وتحت سمائه!!

أصبح كل انتصار للدولة المصرية هزيمة لهم.. وصار كل إنجاز يحققه الوطن انكساراً لهم..!

الأمر بدا جلياً فى الأيام الأخيرة.. حين نشطوا جميعاً فى نشر الشائعات وتزييف مشاهد المظاهرات التى يتمنون أن تندلع ليهدم استقرار الوطن. أذكر تلك المداخلة التليفونية التى قامت بها سيدة مصرية لتسأل أحد مذيعى القناة القطرية المغرضة إن كان ما زال يذكر أنه مصرى أم لا؟.. لقد أجابها المذيع بأنه مصرى بالطبع.. ولكنها ردت عليه بأنها لا تعتقد ذلك!

كم كنت سعيداً وأنا أرى علامات الإحباط على وجوههم بعد فشل دعوتهم الأخيرة للتظاهر، وأراقب اليأس الذى يتسلل إلى لهجتهم على شاشاتهم الكاذبة.. لقد كفروا بالوطن.. فكفر الوطن بهم!!

ربما لم أنسَ يوماً لحظات فقدت فيها ما يثبت هويتى فى أرض غريبة.. وأحسست وقتها بقيمة الوطن وما يقدمه لى من شعور بالأمان.. ولكن يبدو أن البعض قد نسى أنه فقدها منذ وقت بعيد.. وتحولوا إلى مجرد شرذمة.. بلا هوية!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شرذمة بلا هوية شرذمة بلا هوية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا
  مصر اليوم - بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon