توقيت القاهرة المحلي 19:48:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاقتصاد الحر

  مصر اليوم -

الاقتصاد الحر

بقلم - محمود العلايلي

يمر العالم بظروف فى غاية الصعوبة بسبب الأحوال الاقتصادية الضيقة لتداعيات وباء الكوفيد 19، وما صاحب انتشاره من إجراءات أدت لتوقف العديد من الأنشطة الاقتصادية أو تعطلها، ثم الحرب الروسية الأوكرانية مؤخرا وما تبعها من زيادة أسعار النفط عالميا، مما أدى إلى تفاقم الحالة المتأزمة من الأساس وخصوصا على مستوى ارتفاع الأسعار فى العالم كله، وبلوغ التضخم نسبا لم تصل إليها منذ أربعين عاما فى دول كثيرةمما أدى ببعض البنوك المركزية لرفع الفائدة على الودائع والقروض، وهو ما فعله البنك المركزى المصرى بالإضافة إلى أنه سمح للبنكين الحكوميين الرئيسيين بطرح شهادات ادخار بفائدة 18% لمحاولة التغلب على مشكلة التضخم وجذب المدخرات لعدم ترك الفرصة للاتجاه لشراء العملة الأجنبية.

وخاصة بعد أن فقدت العملة المحلية أكثر من 15% من قيمتها، بالإضافة أن الحكومة المصرية اتخذت بعض الإجراءات منذ فترة، منها إعادة تسعير الوقود فى الأسبوع الأول من فبراير الماضى، ثم تعديل سعر الخبز الحر منذ حوالى أسبوعين قبل إجراءات البنك المركزى التى ركزت على محاولة التغلب على مشكلة التضخم، الذى تراوحت مستوياته من 13% بحسب التقارير الرسمية إلى 30 و40% بحسب عمليات الشراء الفعلية للمواطنين من أسواق سلع الخضروات والفاكهة والسلع الاستهلاكية.

وقد كانت هذه التدابير على سبيل توجيه الاقتصاد والتحكم فيه من قبيل تنظيمه، ومحاولة حماية اقتصاد الدولة من السقوط وحماية العملة المحلية من الانهيار أمام العملات الأجنبية، وهى إجراءات لم يكن من الممكن تجنبها لحماية الاقتصاد على المدى القصير، ولكن لا يمكن الاستمرار فى الاعتماد عليها على المدى المتوسط أو الطويل؛ لتكلفتها العالية وتأثيرها على مناخ الاستثمار مما يجبرنا على المضى فى اتجاه تحرير الاقتصاد وعدم تدخل الدولة فى آلياته.

سواء بالمنافسة أو الاستحواذ لأن التجارب العالمية والمحلية السابقة أثبتت دائما أن الذين يتحكمون فى الاقتصاد هم التجار الخائبون الذين يملكون السلطة، وذلك لأن توجيه الاقتصاد والتحكم فيه قد يثمر بشكل مؤقت ومؤشرات خادعة، ولكن أثبتت التجارب أنه لا شىء يثمر على مدى الشهور والسنين سوى اقتصاد السوق الحرة، ولا شىء يعمل على توازن الاقتصاد الكلى سوى آليات العرض والطلب على مستوى الاقتصاد الجزئى فى إطار من القوانين الحاكمة والقواعد المنظمة.

وفى هذا الإطار يحاول البعض الدفاع عن مفهوم تدخل الدولة فى الاقتصاد، بالرجوع إلى التجربة الصينية والاستشهاد بنجاحها وصعود الصين فى زمن أقل من ثلاثين عاما لتصبح الاقتصاد الثانى فى العالم، وهو استشهاد يشوبه خلط متعمد يعود على منتهجيه بالعكس، لأنه إذا كانت الحكومة الصينية قد قررت التحكم فى الاقتصاد فقد تحكمت فى أن يمضى النظام الاقتصادى نحو اقتصاد السوق الحرة ليتواءم مع نظام التجارة العالمى.

وتوفير المناخ اللازم لتشجيع الاستثمار المحلى والخارجى، وبوضوح أكثر فقد اختارت الصين أن تفصل بين النظام السياسى السلطوى والشمولى وبين النظام الاقتصادى الرأسمالى الحر، وهو ما انعكس بشكل مباشر على المواطنين الذين خرج 60% منهم من تحت خط الفقر فى بلد تعداد سكانه تجاوز المليار وربعمائة مليون نسمة فى الفترة بين العام 1990 و2014.

وفى الممارسة الاقتصادية جزء نفسى مهم، حيث لا يعتمد علم الاقتصاد على الأرقام وتحليلها فقط وإنما يعتمد أيضا على بعض المؤشرات التى تدل على الرفاهية وسهولة الحياة، والحالة النفسية لمواطنى أى دولة تعمل على جذب الاستثمارات، وهو ما لا يجب المرور عليه دون تركيز أو الأخذ بهذه المؤشرات بتباسط، بالإضافة إلى عامل فى غاية الأهمية وهو الإحساس بالأمان على رؤوس الأموال، والقدرة على تحويل الأرباح، بالإضافة إلى عدم القلق من عدم تكافؤ فرص المنافسة من جانب الحكومة أو المستثمرين الآخرين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاقتصاد الحر الاقتصاد الحر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon