توقيت القاهرة المحلي 09:13:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاقتصاد والحوار الوطنى

  مصر اليوم -

الاقتصاد والحوار الوطنى

بقلم - محمود العلايلي

تزامنت دعوة السيد رئيس الجمهورية للحوار الوطنى مع بعض الإجراءات على صعيد السياسات النقدية، حيث تمت إعادة تقييم سعر صرف العملات الأجنبية ليفقد الجنيه حوالى 17% من قيمته، وتمت زيادة سعر الفائدة بنسبة 2% لكبح جماح التضخم، وهو ما جعل الكثيرين يربطون تلك الدعوة بالحالة الاقتصادية الصعبة التى يعانى منها الاقتصاد المصرى.

والتى لا يمكننا أن نعزلها عن الأزمة الاقتصادية العالمية التى تأثرت بها أكثر الاقتصادات استقرارًا مثل أوروبا والولايات المتحدة جراء تداعيات جائحة كوفيد-19، ثم الآثار المباشرة للحرب الروسية- الأوكرانية وتأثيرها على أسعار النفط وآليات توريده، بالإضافة إلى ارتباك أسواق الغذاء وخاصة الحبوب.

والحقيقة أن فك هذا التلازم المقصود أو غير المقصود ليس مهمًّا فقط على مستوى الشكل، ولكن مهم جدا على مستوى المعنى والمضمون المطلوب من الدعوة للحوار.. وذلك لعدة حيثيات، أولاها أن الدعوة للحوار الوطنى جائزة فى الحالات السياسية الاستثنائية للدول، أما الدعوة لحوار وطنى فى توقيت تكون فيه مؤسسات الدولة السياسية من مجلس وزراء ومجلسى نواب وشيوخ منعقدة ومستقرة مثل حالتنا، فليس معنى هذا إلا أن الإدارة السياسية تريد أن توسع مجال الرؤية لديها بالاستماع لآراء مغايرة عما يدور فى المؤسسات المنعقدة حاليا، لعل ذلك يكون له تأثيره فى بعض القرارات على المدى القصير أو إجراء بعض التعديلات الفعلية السياسية على المدى الأطول.

وهو ما يتطلب تغييرا فى طريقة دعوة أطراف الحوار عن الطرق التى تم بها تشكيل المؤسسات القائمة، حتى لا نصل لنفس النتيجة فى تركيبة لم تختلف فيها إلا بعض الوجوه الذين تناول بعضهم عظمة نتائج حوار لم يبدأ بعد، فى الوقت الذى يمكن للجميع، وبخاصة الإدارة السياسية، أن يغتنموا تلك الفرصة السانحة فى الاطلاع على رؤى مغايرة وآراء جديدة فى نسق غير رسمى وبالتالى غير ملزم.

وثانيها أن الدعوة للحوار الوطنى وانعقاده لا تعنى بأى حال تحسن الحالة الاقتصادية تلقائيًا ولا حتى عن طريق طمأنة الناس عن طريق الإعلام، لأن المواطن يشعر بمدى عمق الأزمة عن طريق الأسعار المرتفعة وتسارع هذا الارتفاع، وبالتالى ما يطمئنه فعلا أن يرى بعينيه فترة تستقر فيها الأسعار ولا يجد الدولة تُعلى من قيمة رسوم الخدمات بشكل مبالغ فيه أو تستحدث بعضها دون سند واضح.

وثالثها: على الجميع أن يعوا أن هذا النوع من الممارسة السياسية لا يعنى به إلا المجتمع السياسى الداخلى، لأن المواطن العادى انشغل بأحواله المادية عن التنظيمات السياسية.. وإذا قصد أحد أن العالم الخارجى قد ينشغل بمثل هذه الممارسة فيجب علينا أن نتيقن أن الشأن السياسى الداخلى المصرى لا يشغل حيزا كبيرا فى فكر صُناع القرار فى العالم الغربى بالشكل الذى نتصوره، وإذا انشغل أحدهم بالشأن المصرى فإنهم يتعاملون مع ما يقدم لهم من تقارير عن المؤسسات السياسية الرسمية، وما تقوم به من مهام، وما يصدر عنها من قرارات وتشريعات.

وعلى هذا، فإذا كانت قاعدة هذا الحوار بين الإدارة السياسية والقوى السياسية غير المشاركة فى دوائر صناعة القرار، فليكن تبادل الرؤى السياسية فيه بأسلوب تتسع فيه الصدور لطرح المغاير من الأفكار من القوى السياسية التى عليها بدورها تفهُّم الأوضاع الاستثنائية التى ستُطرح من جانب القيادة السياسية لتقل الفجوة بين ما علينا أن نفهمه وما علينا أن نقبله، مع الوضع فى الاعتبار أن القوى السياسية إذا تمت دعوتها بشكل حر سيظهر بلاشك اختلافها على الخط السياسى والاقتصادى، وهذا لا يعنى انقسامها على مبادئ الانتماء الوطنى بقدر ما يعنى ثراءً فى الأفكار وتنوّعها، ومحاولة تناول الحلول للمشكلات الوطنية بمنطلقات متعددة فى اتجاه وطرق السير للوصول إلى الهدف المقصود.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاقتصاد والحوار الوطنى الاقتصاد والحوار الوطنى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon