توقيت القاهرة المحلي 12:33:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بلاد الميكروباص

  مصر اليوم -

بلاد الميكروباص

بقلم: محمود العلايلي

كما كررت أكثر من مرة سابقة على هذه الصفحة أن الشارع هو اللقاء غير الرسمى بين المواطن والدولة لأنه يعكس قدرة الدولة على تنظيم الفضاء العام، كما أنه يبرز رؤية المواطن لقوة الدولة وهيبتها فى الالتزام بالقواعد والقوانين سواء فى وجود ممثلى الدولة بشكل فعلى أو فى حالة غيابهم.وكما كررت أيضًا وأُعيد ما كتبته أن من ضمن الملاحظات المهمة التى تعترى الشارع فى مصر الميكروباص بمنظومته، والذى تخطى كونه وسيلة مواصلات إلى أن تحول لظاهرة اجتماعية، بل تجاوز ذلك ليصبح نمط حياة، فى تحول خطير فاق القدرة على تحجيمه من التنظيم المرورى فقط إلى الحاجة لضبط اجتماعى وسلوكى وأمنى، وهو ما تدهور على مدى سنوات، ولا يعلم أحد يقينًا كم نحتاج من الوقت لتدارك الأزمة ودرء الخطر.

وللتوضيح، فإن ظاهرة الميكروباص كما نراها لا تقتصر على طريقة القيادة العنيفة والمنفلتة لسائقيه، والتى تحمل تهديدًا مباشرًا مقصودًا لباقى السيارات، فى الوقت الذى ليس لدينا فيه أى وسيلة لضبط ذلك لأننا لا نملك آلية للمحاسبة على طريقة القيادة، ولكن الأمر يتخطى ذلك بكثير من تعامل السائقين والتبّاعين مع المواطنين وشغل الطريق بالوقوف العمدى وتعطيل السير وعمل المواقف العشوائية التى تفرض نفسها مع الوقت، بالإضافة إلى قيادة الأطفال ومدمنى المخدرات وبدون رخص للقيادة ولا للمركبات على السواء.

والحقيقة أننى لم أعنِ بالفقرة السابقة أن أُعرف القارئ ما يعرفه أى شخص ارتاد الشارع ولو لربع الساعة، ولكنى قصدت أن أُذكر بكيفية تحول هذا النمط إلى أسلوب حياة فى بعض الأمور الظاهرة وبعضها الذى ندركه بالخبرة، فإذا نظرنا للإعلام الرياضى مثلًا والكروى منه على وجه الخصوص لوجدنا أغلب خصائص الميكروباص فى طريقة عمله وطرحه للموضوعات والمناقشة حولها، من فرض للقوة، وتجاهل للمعايير والأكواد الإعلامية، والعمل على مستويات منفلتة من التجاوزات لتصبح معايير جديدة لما هو قادم من أداء، ثم الأهم، وهو انقياد الغالبية من المُعدين والمقدمين والجماهير للأنماط المستحدثة بصفتها الوسيلة المضمونة لنَيْل الحق وكسب الرزق، دون قلق من محاسبة أو خوف من عقاب.

وإذا كان الإعلام الكروى قد صار وجهًا صريحًا لنمط الميكروباص، فإن هناك العديد من المشاهد التى تعكس نمط فرض الأمر الواقع على سبيل المثال فى العديد من الأماكن، سواء هؤلاء الذين ينتظرونك أمام المصالح الحكومية ويعرضون عليك المساعدة بأجر دون مواربة بالاتفاق مع الموظفين لإنهاء مصالحك فى وقت أقل، أو هذه المحال والمقاهى التى تحتل الأرصفة والشوارع ببضاعتها ومقاعدها تحت عين الرقيب، الذى قد يظهر فى توقيتات محددة بإجراءات صورية وقد لا يظهر أبدًا، والأهم أنه فى أحيان كثيرة نجد الحكومة تتعامل مع المواطنين بنفس أسلوب فرض الأمر الواقع وعدم الخوف من المحاسبة فى العديد من القرارات الاقتصادية التى تمس حياتهم مباشرة مثلما حدث من وقف الاستيراد، وتحجيم حد السحب والإيداع فى البنوك، دون النظر لتأثير ذلك على حياة المواطنين أو عمل أى وزن لردود الأفعال السياسية والاجتماعية.

إن تعدد الأمثلة ليس مهمة فى ذاته بالقدر الذى تكمن أهميته فى ذهنية المواطنين فى أن هناك مَن يستطيع الخروج عن القانون ويتجنب المحاسبة والعقاب بغض النظر عن مرتبته أو وضعه الاجتماعى، مما يعكس شعورًا خطيرًا بأن البلطجة هى الطريق لتحقيق المآرب، وأن فرض الأمر الواقع هو السبيل الصحيح لنَيْل المكانة، وأن المحاسبة مسألة شكلية قد تتحقق أو يتم التهديد بها فقط من باب الحياء، وقد لا يتم ذكرها من الأساس سواء من هؤلاء الذين يخترقون القانون أو القائمين على تنفيذه فى بلاد الميكروباص.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بلاد الميكروباص بلاد الميكروباص



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon