توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تعديل الدستور

  مصر اليوم -

تعديل الدستور

بقلم - محمود العلايلي

تكتسب بعض الألفاظ دلالات معينة من حيث استخدامها فى سياق معين، وأحيانا تطغى السيادة الدلالية للألفاظ على المعنى الأصلى لها، فمثلاً أصبح ذِكر كلمة دستور أو عبارة تعديل الدستور لا يعنى إلا المواد الخاصة بمدة رئيس الجمهورية وعدد مرات انتخابه، وهى عبارة عن ثلاث جمل من المادة 140 مذكورة فى سطر وثلث ضمن دستور يتكون من 247 مادة، منشور فى 64 صفحة بدايةً من العنوان نهايةً بالفهرس!!.

يعلم أغلب المهتمين بالشأن العام الظرف التاريخى الذى تمت فيه صياغة دستور 2014، والذى يعد تعديلاً لدستور 2012 المعطل، الذى تم تحريره وإصداره فى ظل جماعة الإخوان المسلمين، ولذلك جاء دستور 2014 ليعبر عن مرحلته التاريخية، فخرج دستوراً سياسياً بامتياز، فى محاولة للم شمل الأطياف السياسية المكونة للجمعية المشكلة لصياغته، مع الحفاظ على حد أدنى من عدم الانزلاق فى أى مواد قد تُحدِث أى هزات سياسية أو اجتماعية أو دينية، مع الإقرار بأن الجمعية قد عانت الكثير من الضغوط وقتها من الإعلام والرأى العام من ناحية، ومن بعض ممثلى الهيئات كالأزهر والسلفيين وبعض الهيئات القضائية من ناحية أخرى.

ويرتئى البعض أن الوقت غير مناسب للمطالبة بأى تعديلات دستورية، وذلك لتصدير حالة عامة من الاستقرار السياسى، وإضفاء شعور داخلى وخارجى بصمود الدستور وعدم تعرضه لأى نوع من الأهواء السياسية أو المنافع الانتهازية، بينما يميل الرأى الآخر إلى أن الدستور بما فيه من مواد لم ولن يُنفذ، بالإضافة إلى مواد أخرى ثبت عدم جدواها، بل خطؤها، وهو الذى يعطى انطباعاً بعدم الاستقرار وعدم دستورية العديد من التصرفات والقرارات الحكومية والإدارية.

وبينما واقع الأمر يحتم إجراء تعديلات فى القريب العاجل لأسباب شكلية وأسباب أخرى موضوعية، فأجدها فرصة مواتية لمراجعة الوثيقة ككل، حيث إن هناك واقعاً فرض نفسه بعد إصدار الدستور، وهو معضلة مدينة القاهرة كمقر للحكم ومجلس النواب والمحكمة الدستورية العليا، وهو شأن يضعنا على محك حتمى لتعديل الدستور فى ظل إنشاء عاصمة جديدة تحوى أول ما تحوى مؤسسات الدولة، أما الشأن الموضوعى الجوهرى فهو وجوب إعادة الغرفة الأخرى للبرلمان، وهى ما كان يطلق عليها فى السابق «مجلس الشورى»، ففى حين كان الاتجاه لإلغائه عبارة عن ثورة سياسية صامتة ضد نظام مبارك ورموزه، فقد أثبتت التجربة أهمية وجوده فى إطار دستورى وقانونى منضبط ليقوم بالمساهمة فى السياسة العامة للدولة، وإحداث التوازن التشريعى بالتلازم مع مجلس النواب.

أدرك أن عنوان المقال سيثير لدى البعض شذرات من التوجس، وللبعض الآخر حالة من التشنج، ولكن الواقع يؤكد حدوث ذلك لا محالة عند الاقتراب من الانتهاء من المنشآت الرسمية، والاستقرار على اسم العاصمة أو تحديد توصيفها، وهو ما سيفتح الباب لتعديلات أخرى.. لذا علينا الاستعداد لتعديل وتغيير وتبديل ما قد يحتاج ذلك، بالإضافة إلى حذف كل ما فيه ازدواج وتكرار فى العديد من المواد، والتخلص من المواد المرسلة التى لا تحتاج إلى دستور ينص عليها، بالإضافة إلى ضبط بعض الألفاظ مثل «تكفل وتلتزم وتعمل وتولى»، وتحديد الألفاظ القيمية، مثل «مناسب وعادل»، كما يجب تحرير الدستور من تحديد أرقام فى الموازنة العامة للدولة أو فرض سياسات ضرائبية قد تتغير تبعاً لتغير السياسات المالية والاقتصادية.

إن الظرف التاريخى والوضع السياسى يختلفان عن زمن وضع الدستور، وتعديل المطلوب أسلم من المضى فى ممارسات غير دستورية، والاستقرار يأتى من الممارسات المنضبطة وليس بغض الطرف عن المتناقضات، حيث إننا لا يمكن أن نستمر بدستور تم إقراره لعلاج دستور آخر، كما لا يصح أن نبقى إلى ما لا نهاية فى ظل دستور يحتوى على مواد تمييزية وباب كامل للأحكام الانتقالية نُفذ بعضها انتقاءً، وبعضها لن ينفذ إلى الأبد.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعديل الدستور تعديل الدستور



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon