بقلم - رفيق جريش
ماذا كسبت إسرائيل فى حربها ضد حماس؟، هل اكتسبت الأمان والاستقرار؟.. قطعًا لا، بل أصبح شعبها مهددًا بسقوط الصواريخ فوق رؤوسه فى أى وقت، ومعارك هنا وهناك، شمالًا وجنوبًا، فى الداخل والخارج.. إذًا ماذا خسرت؟.
1- خسرت السمعة التى جاهدت لبنائها منذ 75 عامًا بأنها واحة الديمقراطية فى وسط العالم العربى، فها هى تبرهن للعالم بعد الفظائع التى ترتكبها فى غزة أنها دولة قائمة على التمييز العنصرى بامتياز، إذ تَعتبر كل الآخرين «حيوانات»، كما جاء على لسان مسؤوليها.. فأى ديمقراطية هذه التى تميز بين شعب وشعب؟!.
2- خسرت «يهوديتها»، إذ كانت تُنسب دولتها للدين اليهودى، رغم أن كتابهم المقدس يُحرم عليها أن تبيد وتقتل الشعوب الأخرى، بدءًا من وصية «لا تقتل» من الوصايا العشر التى أنزلها الله على موسى (سفر الخروج).. وغيرها وغيرها من الآيات، فأصبحت دولة بلا هوية دينية أو جنسية، إذ أغلب الإسرائيليين يأتون من مختلف بلاد العالم، فمنهم من هو من أصل روسى أو فلاشى أو أوروبى أو مغربى إلى آخره، ولا يوحدهم إلا «الدين»، وكثير من اليهود يرفضون ما يفعله الإسرائيليون الصهاينة، فقد أوضحت تمامًا الفرق بين اليهودية كدين والصهيونية كأيديولوجية قائمة على الاحتلال والقتل وتجريف أراضى الغير، وخلعهم من أراضيهم وتشريدهم فى بلاد العالم. كأنه إسقاط لما تم لليهود من عصر النازى، فها هم يفعلون محرقة للأطفال والنساء والرجال والمسنين الفلسطينيين على غرار محرقتهم.
3- خسرت إسرائيل أيضًا ادعاءها أنها دولة سلام؛ فها هى ترفض وقف إطلاق النار بضع ساعات لأسباب إنسانية وإسعاف الجرحى ودفن الموتى وإدخال المساعدات.. فأى سلام تتحدث عنه الذى يهدم الإنسان كإنسان، بل هى دولة احتلال ولا تريد تحقيق «حل الدولتين»؛ أى إقامة دولة فلسطينية بجوارها، رغم أن العالم كله ينادى بذلك بدءًا من الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة وبقية دول العالم، فهى تعمل على تسويف الوقت وتضييعه، ظنًا منها أن العالم سينسى، وها هو جاء الهجوم الحمساوى ليُذكّر العالم بـ«حل الدولتين»، والذى أصبح الآن فى مقدمة الأحداث لإنهاء الأزمة الفلسطينية - الإسرائيلية.
ماذا كسبت إسرائيل فى ضربها المدنيين العُزّل، إلا صعود كراهية الناس لهم، خاصة الغربيين الذين كانوا مغيبين بسبب إعلامهم المُضلل ومطالبتهم بوقف إطلاق النار كهدنة إنسانية وهى ترفض بحجة عودة الرهائن، وهى تبحث عنهم كإبرة فى قوم قش.
ماذا كسبت إسرائيل إلا تأجيج الغضب والحقد والانتقام.. وكل هذا لا يبنى سلامًا. لم تفهم إسرائيل أنه لا يمكن أن تكون دولة عسكرية تحارب بشتى الوسائل جيرانها، خاصة الذين اغتصبت أراضيهم، فالشر لا يولِّد إلا شرًّا، ولا تنقطع هذه الحلقة إلا بمقاربة سلام.