بقلم - رفيق جريش
استضافت مصر على طول تاريخها القديم والحديث ضيوفًا نزحوا أو هجروا إليها لأسباب مختلفة، ولكن فى أغلبها بسبب الاضطهادات والحروب الأهلية فى بلادهم.. وفى السنوات الأخيرة استقبلت مصر لبنانيين أثناء الحرب الأهلية فى لبنان والتى ظلت خمس عشرة سنة، ثم جاءت الحروب العراقية والغزو الأمريكى لها واستضافت مصر العراقيين، ثم جاءت الحرب فى سوريا مع داعش وأخواتها فجاء السوريون وأقاموا مع غيرهم مشاريع صغيرة وأسسوا كيانًا اقتصاديًا لهم فى أختهم الكبرى مصر، والآن كما فى عهود سابقة جاء السودانيون بعد أن اندلعت الحرب بين الجيش النظامى هناك وقوات الدعم السريع مما نتج عنه هروب كثير من الإخوة ونزحوا إلى مصر.
عدد المهاجرين فى مصر وصل- حسب الإحصاءات المعلنة الرسمية- إلى ما يقرب من عشرة ملايين، وهذا العدد مرشح لأن يزيد، خاصة من الأفارقة.. إذ تشهد القارة الإفريقية تقلبات عدة، ومصر من جانبها تستقبل، فهى الأخت الكبرى للعرب والأفارقة.. ولكن علينا أن نعى بعض المشكلات التى يجب أن تحل سريعًا، حتى لا تقع مصر فى الفخ الذى وقعت فيها دول قبلنا، خاصة الأوروبية، وإن كانت لم تستضف العدد التى تستضيفه مصر.
1- مع الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى يشهدها العالم، ومنها مصر، لن تكفى المساعدات التى تأتينا من دول أو مؤسسات دولية أخرى لمساندة هؤلاء الضيوف، ما سيؤدى إلى عبء ثقيل جدًا على ميزانية مصر، وأيضًا المصريين والأشخاص الذين يساعدون فى رفع المعاناة عن ضيوفنا. (ونحن لهم شاكرون).
2- كثيرٌ من الضيوف الجدد سيمكثون فى مصر مدة طويلة، فيجب إيجاد حلول اجتماعية لمشكلة الانثقاف والاندماج فى المجتمع المصرى مع الحفاظ على هوياتهم وثقافاتهم ولهجاتهم الخاصة، وذلك بفضل معرفتهم عن مصر من خلال الأفلام بلهجتنا المصرية الجميلة والفن والأغانى وغيرها من قوة مصر الناعمة، مما سيسهل كثيرًا من شؤون الاندماج، خاصة الأطفال والشباب الذين سينخرطون فى الدراسة فى المدارس والجامعات المصرية.
3- مع الأزمة الاقتصادية ستكون مصر معبرًا للهجرة غير الشرعية إلى مصر من جهة، ومن مصر صوب دول أوروبا الواقعة على البحر المتوسط، مما يضع مصر فى حرج مع دول الغرب، خاصة أن الهجرة غير الشرعية ترافقها مشكلات مثل: الغرق، والموت فى وسط البحر، وابتزاز المهربين المتاجرين الذين يبيعون الوهم لهؤلاء المهاجرين، وكثيرًا ما يتم القبض عليهم وإيداعهم معسكرات أو سجونا أو يرحّلون عائدين إلى مصر.
هذه بعض من كثيرٍ من المشاكل التى يجب أن نجد لها حلولًا جذرية سياسيًا ودبلوماسيًا واجتماعيًا حتى لا نقع فيما تقع فيه دول أوروبا، التى تتعارك على عدد المهاجرين الذى ستستقبله كل دولة.