بقلم - رفيق جريش
بينما كثر الكلام هذه الأيام عن تهديدات متبادلة بإلقاء القنابل الذرية والنووية فى الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا بالوكالة عن الغرب وحالة الرعب التى تعيشها الإنسانية، حيث مازالت الدراما اليابانية عالقة فى الأذهان بسبب إلقاء القنبلتين الذريتين على مدينتى هيروشيما ونجازاكى فى أغسطس ١٩٤٥.
فى هذا الجو يظهر فى دُور العرض فيلم «أوبنهايمر» للمخرج كريستوفر نولان عن السيرة الذاتية لـ«أبى القنبلة الذرية» أوبنهايمر، عالِم الفيزياء اليهودى، من أصل ألمانى، شيوعى التوجه. والفيلم يُعرض فى دُور العرض فى مصر، وعليه إقبال كبير جدًّا من قِبَل الجمهور المصرى والعربى.
الفيلم يُظهر باقتدار فائق الازدواجية التى عاشها أوبنهايمر بين العلم وتقدمه والآثار المترتبة على هذا العلم الذى أدى إلى قتل ما يفوق ١٥٠ ألف يابانى ومثلهم مَن تشوهوا من غبار القنبلتين، ومن المشاهد المؤثرة فى الفيلم، وإن مر سريعًا، ظهور مَن ألقوا القنبلة أثناء تجربتها فى صحراء نيومكسيكو ومشهد معروف عن المصابين فى اليابان بعد إلقاء القنبلة عليهم مباشرة كأنهما مشهدان متوازيان. ويبدو أن أبا القنبلة الذرية عاش بقية عمره فى ندم لما أصاب اليابانيين من موت وإصابات، متخوفًا من انتشار أسلحة الدمار.
الهدف المُعلن لإلقاء القنبلتين هو تركيع اليابان واستسلامها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ولكن الهدف الخفى لم يكن اليابان، بل تخويف ستالين والاتحاد السوفيتى إذا بدأت بوادر الحرب الباردة وتقسيم «التورتة» بين حلفاء الأمس والأعداء الجدد.
كان يجب على هذا الفيلم أن يُظهر البشاعة التى خلفها إلقاء القنبلتين والدعوة إلى التخلص العالمى من هذه الأسلحة الأكثر من فتاكة، هذا الفيلم هو شاهد على وحشية الحرب ووحشية الساسة الذين يقررون ما يفوق طاقة الإنسانية وأيضًا الاستغلال الخاطئ للعلم عندما ينقلب ويحطم الإنسان والإنسانية.
منذ ١٩٤٥ حتى اليوم، دخلت دول كبرى ومتوسطة سباق التسليح الذرى والنووى، حيث تنتظر «كبسة زر» لتحطم العالم والبشرية جمعاء، ونتساءل: ما الفائدة من وجود تلك الأسلحة المدمرة إذا كان استعمالها واستغلالها سيحطم البشرية؟.
الإنسانية تحتاج إلى المحبة والأخوة والتعضيد وليس القتل والدمار، فهل من اتفاقية عالمية رشيدة للتخلص من الأسلحة الذرية والنووية؟، أليس هذا أقل ما يُعمل من أجل الإنسان؟.