بقلم - رفيق جريش
منذ نعومة أظافرنا عشنا وتعايشنا مع القضية الفلسطينية بكل حروبها العسكرية والسياسية، فهى جزء لا يتجزأ من تكوين كل مصرى، كما أنه لا يوجد بيت فى مصر إلا وهناك واحد أو عدد من أبنائه خدموا فى الجيش، ومنهم كثيرون قد نالوا الشهادة، فلا مساومة على دعم المصرى حكومة وشعبًا للقضية الفلسطينية التى كانت ومازالت محور السياسة الفلسطينية، وبالتوازى مع المسارين الإنسانى والأمنى، تتحرك مصر بفاعلية على المسار السياسى فى رفض التهجير القسرى للفلسطينيين ليس فقط لأنه جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولى، وإنما أيضًا لأنه يستهدف تصفية القضية الفلسطينية، كما تعمل مصر على تنفيذ حل الدولتين وحشد الدعم الدولى فى هذا الاتجاه انطلاقًا من أن السلام العادل والدائم، المتمثل فى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 4 يونيو 1967، هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط.
ولذلك حذرت مصر مرارًا من مخاطر توسع الصراع إقليميًّا، خاصة بعد تصاعد التوتر الإيرانى الإسرائيلى مؤخرًا ومخاطر ذلك على استقرار المنطقة، ولذلك تبرز المقاربة المصرية فى ضرورة تحقيق السلام العادل والدائم وحل القضية الفلسطينية ووقف العدوان الإسرائيلى على غزة لمنع اندلاع حروب جديدة لن تتحملها المنطقة، كما ستظل مصر عبر مساراتها المختلفة الداعم الأساسى للشعب الفلسطينى.
تتواصل الجهود المصرية الحثيثة على جميع المسارات الإنسانية والسياسية والأمنية والدولية لدعم الشعب الفلسطينى والتعامل مع العدوان الإسرائيلى المتواصل على قطاع غزة، والذى دخل شهره السابع وما نتج عنه من تداعيات كارثية، خاصة على الصعيد الإنسانى، فأولوية مصر هى وقف نزيف الدم الفلسطينى، من خلال الجهود المتواصلة للتوصل إلى صفقة لوقف إطلاق نار دائم وتبادل الأسرى والمسجونين بالتعاون مع الشركاء فى قطر والولايات المتحدة، ورغم العقبات والتحديات العديدة التى تواجه تلك المفاوضات، فإن الجهود والاتصالات المصرية لم تتوقف مع الأطراف المختلفة من أجل العمل على إيجاد أرضية مشتركة أو توافقية لإنجاز هذه الصفقة.
وعلى المسار الإنسانى تتواصل الجهود المصرية لتخفيف المعاناة المتفاقمة عن سكان قطاع غزة، الذين يواجهون تحديات كبيرة نتيجة لسياسة التجويع الإسرائيلية، التى تمارسها قوات الاحتلال ضدهم لكسر صمودهم وتهجيرهم قسريًّا.
من المعروف أن مصر ضغطت على الأطراف كلها، وزاد عدد الشاحنات المصرية اليومية لقطاع غزة، كما قامت مصر بإسقاط المساعدات جوًّا، خاصة فى مناطق شمال قطاع غزة التى تواجه خطر المجاعة، إضافة إلى حشد الدعم الدولى لإدخال المساعدات وتسخير ميناء ومطار العريش لاستقبال المساعدات العربية والأجنبية، فهى أكبر مقدم للمساعدات لغزة بنسبة 87% من إجمالى المساعدات. إن تحقيق السلام أو هدنة طويلة الأمد يحتاج إلى نفَس طويل فى المفاوضات وأساليب ضغط كبيرة، وهو ما تملكه مصر بقدر كبير.