بقلم - رفيق جريش
أظن أن أسوأ زمن، من قتل جماعى وتجويع شعب وقتل أمة فى القرن الواحد والعشرين وفى العصر الحديث، ما تمارسه إسرائيل على الشعب الفلسطينى، وقد يضاهى المحرقة الهتلرية التى مورست على اليهود فى الحرب العالمية الثانية. ورغم الحالة الاقتصادية السيئة التى يمر بها العالم وبالتبعية مصر فإن «الرؤية الإنسانية» التى تتحلى بها مصر فى ظل أزمة قطاع غزة لهى مقدرة من العالم كله.
المسار الإنسانى قامت به مصر من خلال السلاح الجوى بإسقاط مساعدات إنسانية من الجو على قطاع غزة خاصة فى شمال القطاع لتخفيف المعاناة الإنسانية من نقص فى الغذاء والدواء والمياه فى ظل استمرار الحصار الإسرائيلى واستخدام سلاح الجوع ضد الفلسطينيين لكسر إرادتهم وصمودهم وتهجيرهم قسريًّا.
ورغم التحديات والتعنت الإسرائيلى فى إدخال المساعدات واستهداف الشاحنات فإن مصر تعمل على إدخال المزيد من المساعدات الإنسانية سواء عبر البر من خلال معبر رفح أو عبر الجو من خلال إسقاط المساعدات التى تقوم بها القوات المسلحة المصرية أو عبر مد مواسير لقطاع غزة للمياه العذبة وهو ما يعكس دورها الدائم فى تقديم العون الإنسانى والمساعدات للأشقاء والأصدقاء سواء فى غزة أو الدول العربية الأخرى.
وقد قدمت مصر أكثر من 80% من المساعدات التى دخلت إلى قطاع غزة وهو ما يعكس الدور الإنسانى لمصر فى دعم الفلسطينيين.
كما شاركت الدول الصديقة كالأردن وفرنسا وقطر وغيرها فى هذا الإسقاط. إن مصر تسير على مسارات عديدة متوازية ومتزامنة ومتوازنة بخطى سريعة لدعم الشعب الفلسطينى وفى إطار أولوية وقف العدوان الإسرائيلى المستمر وتخفيف المعاناة الإنسانية عن سكان القطاع، وهو ما يعكس الدعم المصرى المتواصل للشعب الفلسطينى، خاصة منذ عدوان إسرائيل على غزة. فبجانب المسار السياسى هناك المسار الإنسانى الأكثر ضرورة والأكثر إلحاحًا.
فى إطار الأولويات لدى مصر بوقف نزيف الدم الفلسطينى تسعى بكل إمكاناتها للوصول إلى صفقة لوقف إطلاق النار بالتعاون مع الشركاء فى قطر وأمريكا، وذلك قبل شهر رمضان الكريم، حيث تستضيف القاهرة مباحثات صعبة جدًّا بين كل الأطراف من أجل التوصل إلى هدنة إنسانية طويلة وتبادل الأسرى بين قوات الاحتلال الإسرائيلى وبين الفصائل الفلسطينية، وإدخال كميات أكبر من المساعدات.
ورغم العقبات والتحديات حول بعض القضايا العالقة فإن مصر تواصل جهودها واتصالاتها والتنسيق مع الشركاء من أجل إتمام هذه الصفقة، لأن الوقت من دم وكل يوم يمر يسقط فيه عشرات الشهداء من الفلسطينيين، إضافة إلى المعاناة الإنسانية المتفاقمة التى يواجهها سكان قطاع غزة.
ولا شك أن مصر بمسؤوليتها القومية تطرح المبادرات المختلفة، سواء على المسار الأمنى ووقف إطلاق النار، والتوصل إلى هدنة أو على المسار السياسى والعمل على حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية أو على المسار الإنسانى وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، وهو ما يؤكد أن مصر ستظل هى صمام الأمان للقضية الفلسطينية وللدول العربية.