بقلم - رفيق جريش
قررت بعض الدول الغربية تعليق تمويلها للأونروا، وذلك فى اليوم التالى من قرارات محكمة العدل الدولية الأخيرة التى تلزم إسرائيل باتخاذ كل الإجراءات التى تمنع الإبادة الجماعية للفلسطينيين فى قطاع غزة، وتوفير المساعدات الإنسانية، ووقف سياسة الحصار والتجويع.
وبدلًا من أن تقوم الدول الغربية التى علقت تمويلها للأونروا بممارسة الضغوط على الحكومة الإسرائيلية لتنفيذ قرارات المحكمة وإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2720، نجدها تتبنى الموقف الإسرائيلى فى العقاب الجماعى ضد الفلسطينيين، والذى فى تقديرى يُعد جريمة إنسانية فى حق الغزاويين والفلسطينيين عمومًا.. ولكن هذا هو الوجه الحقيقى للدول الغربية المساندة إسرائيل الصهيونية، والتى تتجرأ بإعطائنا دروسًا حول حقوق الإنسان.
يحمل قيام بعض الدول الغربية بوقف تمويلها لوكالة الأمم المتحدة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» تداعيات خطيرة، ويفاقم من تدهور الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين فى الضفة وقطاع غزة، الذى يواجه سكانه محنة إنسانية غير مسبوقة مع استمرار العدوان الإسرائيلى. وبدلًا من أن تقوم الدول الغربية بواجبها فى تخفيف المعاناة عن الفلسطينيين ودعم دور الأونروا.
نجدها تمارس سياسة العقاب الجماعى ضد الشعب الفلسطينى تحت مزاعم إسرائيلية غير دقيقة بضلوع عدد من موظفى الأونروا فى أحداث 7 أكتوبر.. وهو أمر يعكس ازدواجية المعايير الغربية فى التعامل الإنسانى، وسياسة الكيل بمكيالين، والتضامن مع إسرائيل فى سياستها من استهداف الفلسطينيين واستخدام سلاح الجوع فى الحرب الشعواء ضدهم، لكسر صموده، وتهجيرهم قسريًا، لتصفية القضية الفلسطينية.
إن وقف تمويل الأونروا له تداعيات خطيرة على أوضاع الفلسطينيين، خاصة أن الوكالة الدولية تشرف على إغاثة وتشغيل أكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطينى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة وفى بعض الدول العربية، منها سوريا ولبنان والأردن والضفة الغربية، إضافة إلى غزة.. ولذلك قَطْع التمويل يعنى إعاقة الأونروا عن تنفيذ مهامها الإنسانية والإغاثية للفلسطينيين، خاصة فى قطاع غزة، وهو ما ينذر بحدوث كارثة إنسانية، خاصة فى ظل ظروف البرد القاسى، وسياسة الحصار الإسرائيلية، ومنع الماء والغذاء والدواء والكهرباء عن الفلسطينيين لتهجيرهم قسريًا.
كما أكد عدنان أبوحسنة، ممثل الأونروا فى قطاع غزة أن ما لدى الأونروا من تمويل يكفى فقط حتى نهاية شهر فبراير الحالى، وأضاف أن أكثر من 140 مقرًا للأونروا تعرضت لهجمات مباشرة وغير مباشرة أودت بحياة أكثر من ثلاثمائة من النازحين فى مدارس الأونروا، كما قتل 152 من مقدمى الخدمة الإنسانية التابعين لوكالة غوث اللاجئين.
والجدير بالذكر أن الجامعة العربية طالبت بضرورة دعم الوكالة وعدم توقف تمويلها؛ نظرًا لصعوبة الوضع الإنسانى فى غزة والمخيمات الفلسطينية.
وأمام هذه المواقف الغربية وازدواجية المعايير، يبرز الموقف المصرى كنقطة مضيئة فى دعم الفلسطينيين وتخفيف المعاناة عنهم، عبر إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة رغم التعنت الإسرائيلى وإعاقة دخول المساعدات من قبل المستوطنين الإسرائيليين، لتقدم مصر درسًا للإنسانية عن معنى الحضارة، وتؤكد موقفها الراسخ والدائم فى دعم الشعب الفلسطينى، سواء على المسار الإنسانى أو على المسار السياسى، من أجل استعادة حقوقه المشروعة المسلوبة منذ 75 عامًا.