بقلم - الأب رفيق جريش
طيرت أجهزة الإعلام صورا للرئيس الأمريكى بايدن وهو راكع في كنيسة المهد أثناء زيارته لبيت لحم التي تقع في الأراضى الفلسطينية في نفس البقعة التي ولد فيها السيد المسيح (مت 2: 1) وفى نفس البقعة التي سجد فيها الرعاة الفقراء البسطاء فرحين بميلاد الطفل يسوع مخلصهم (لو 2: 8)، وأيضا في نفس البقعة التي سجد فيها الحكماء- المجوس- الوثنيون الأغنياء الذين قدموا الهدايا للطفل يسوع بعد أن دلت نجمة من السماء أين مكان الطفل (مت 2: 1)، وقطعا ذهب الكثيرون على مر العصور لهذا المكان المقدس.
ذهب بايدن أيضا للزيارة والتبرك والصلاة تحت أضواء الكاميرات، فهل ذهب كالملك هيرودس الذي قتل أطفال بيت لحم ظنا أن أحدا منهم هو المسيح الملك المنتظر ابن داوود التي بشرت به الكتب المقدسة (العهد القديم)، والذى سيأتى ليطالب بعرشه، وبسبب ذلك هجرت العائلة المقدسة من بيت لحم إلى مصر؟ ونحن هنا لا ندين أحدا «لا تدينوا لكى لا تدانوا» (مت 7: 1)، أم ذهب راكعا تائبا مستغفرا، لأنه يوافق على قتل الأجنة وإجهاضهم باسم حرية المرأة في جسدها، مخالفا بذلك تعاليم كنيسته ذاتها من يعلم؟ فالله وحده فاحص القلوب والكُلى، أتى بايدن إلينا وسمع صوت قادتنا من العالم العربى وجميعا طالبوه برفع الظلم والعدوان عن الشعب الفلسطينى الذي ذهب إليه ليرش على فقرائه ومرضاه وأطفاله حفنة من الدولارات، هل أتى الرئيس بايدن إلينا كالملك هيرودس الذي يظهر شيئا ويضمر لنا شيئا آخر؟.
هل الوعد بألا تمتلك إيران القنبلة الذرية الذي وعده بايدن يستطيع أن يكون فيه أمينا ويحققه وإيران حاليا تسرع الخطى ووصلت للمراحل الأخيرة في إنتاج هذه القنبلة الفتاكة أم هي مجرد «كلمات»!.
لا يخفى علينا أن قادة الحزب الديمقراطى أمثال أوباما وبايدن نشروا في الشرق فسادا، ومازالوا يتحالفون مع الأشرار لإيقاع دولنا في براثن الإرهاب والعنف والتفكك ألم يكونوا جميعا مثل هيرودس؟.
لقد أظهر قادتنا كثيرا من وضوح الرؤية فيما طالبوا به الرئيس الأمريكى، بل وضعوا له خريطة طريق، كما فعل الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، وقد اتسموا أيضا بكثير من الشجاعة في إعلان مواقفهم ولم يعد الملك الأمريكى هو«البعبع» الذي يجب أن يرضخ له الجميع، وذلك لا يتأتى إلا بوحدة المواقف والنضوج السياسى الواعى.
أراد بايدن أم أبى، العالم يتجه إلى عالم تتعدد فيه الأقطاب ولم يعد عالم القطب الواحد- أمريكا الذي يلعب دور الواصى والشرطى- ولا عالم القطبين كما كان فيما بعد الحرب العالمية الثانية إلى سقوط حائط برلين. ولذا على قادتنا العمل على مزيد من الترابط ونسج رؤية واحدة، والوعى أن الولايات المتحدة الأمريكية وأعوانها سيعملون جاهدين على تفتيت هذا الترابط العربى بكل ما أوتى لهم من قوة، هذا هو تاريخنا معهم. فلا نريد مزيدا من «الهيرودس»، بل حياة كريمة لشعوبنا العربية.