بقلم - الأب رفيق جريش
اتخذ العالم أخيرًا موقفًا موحدًا ضد إسرائيل، ومستنكرًا بشدة المجازر الإسرائيلية التى طالت مخيمًا للنازحين فى منطقة البركسات بالقرب من مخازن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) شمال غرب مدينة رفح الفلسطينية، والتى أسفرت عن استشهاد 45 وإصابة 249 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال. وقد أدانت مصر، بأشد العبارات، القصف المتعمد لخيام النازحين، واعتبرته انتهاكًا جديدًا وسافرًا لأحكام القانون الدولى الإنسانى، كما اعتبرت فى بيان صادر عن وزارة الخارجية، الحادث المأساوى إمعانًا فى مواصلة استهداف المدنيين العُزّل، والسياسة الممنهجة الرامية لتوسيع رقعة القتال والدمار فى قطاع غزة، لجعله غير قابل للحياة.
يأتى هذا فى الوقت الذى هدد فيه وزراء خارجية الدول فى الاتحاد الأوروبى بفرض عقوبات على إسرائيل إذا واصلت انتهاك القانون الدولى والإنسانى.
تُعد هذه المجزرة وغيرها من المجازر التى قامت بها قوات الاحتلال الإسرائيلى جريمة حرب بكل المقاييس وتمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولى الإنسانى الذى يحظر استهداف المدنيين والمنشآت المدنية، كما أنها تعكس استمرار تحدى حكومة الحرب الإسرائيلية لقرارات الشرعية الدولية وتحديدًا لقرار محكمة العدل الدولية الأخير الذى طالبها بشكل صريح وملزم بوقف عدوانها وهجومها على رفح لما سوف ينتج عنه من كوارث إنسانية ومذابح جماعية، وبهذا القصف والانتقام تبعث إسرائيل برسالة للمجتمع الدولى أنها غير معنية وغير ملتزمة بالقرارات الدولية.
كما أن هذا القصف يعكس مأزق نتنياهو بعد توجه المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة لاعتقاله ووزير دفاعه لما ارتكباه من جرائم حرب فى غزة على مدى الأشهر الثمانية الماضية، وبالطبع آخرها جريمة قصف مخيم النازحين برفح. ويؤكد أيضًا أن هذه الحكومة تسعى إلى استمرار التصعيد العسكرى والقصف العشوائى للفلسطينيين لاستمرار بقائها فى السلطة، إضافة إلى عدم جديتها فى استئناف المفاوضات والتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى ووقف هذا العدوان واللعب بالنار مع الدول الحدودية لها خاصة مصر.
كما أن هذه المجزرة التى ارتكبتها إسرائيل فى رفح تُعد تحديًا للخطوط الحمراء التى وضعتها إدارة بايدن الحليف الرئيسى لإسرائيل بشأن معارضة الهجوم على رفح فى ظل وجود أكثر من مليون و300 ألف فلسطينى فى هذا القطاع، ويثير التساؤلات حول موقف الإدارة الأمريكية من تلك المجزرة وماذا ستفعله بشأن تجاوزات إسرائيل لخطوطها الحمراء فى رفح، ومدى جديتها بشأن منع العدوان الإسرائيلى فى رفح، خاصة أن أمريكا رهنت اجتياح إسرائيل للمدينة بوجود خطة موثوقة لإجلاء المدنيين، وهو ما دفع حكومة الحرب الإسرائيلية لاستمرار الهجوم تحت زعم أنه ليس اجتياحًا شاملًا لتفادى المعارضة الأمريكية، وهو ما يعكس استمرار ميوعة الموقف الأمريكى فيما يتعلق بضرورة ممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل لوقف عدوانها على غزة بشكل عام ورفح بشكل خاص.
من جهته، أكد وزير الخارجية سامح شكرى، خلال مشاركته فى اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبى المنعقد فى بروكسل، ضرورة تحمل إسرائيل مسؤولياتها تجاه المدنيين فى غزة.
لا شك أن مجزرة رفح الأخيرة تضاف إلى سلسلة الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطينى، والتى تتطلب تحرك المجتمع الدولى ومجلس الأمن لوقف تلك المجازر والتنفيذ العاجل لقرار محكمة العدل الدولية.