بقلم - رفيق جريش
يتساءل الناس همسا وعلنا عن مستقبل إسرائيل وكيف ترى نفسها خاصة بعد هجمات حماس عليها فى السابع من أكتوبر؟ هل لإسرائيل مستقبل بين الدول العربية وفى منطقة الشرق الأوسط عموما؟ وأى مستقبل هذا فى دولة لا تعرف السلام بل تعيش فى حروب ومعارك مستمرة مع جيرانها وجيران جيرانها؟
أى مستقبل لشبابها فحتى سن الأربعين هم مجندون فى الجيش أو الاحتياط؟ إلى متى ستقوم الدولة على المجازر المتوحشة ضد الشعب الفلسطينى وقتل المرضى العزل والأطفال والنساء حتى متى يستطيع هذا الوضع أن يستمر؟ أى مستقبل واقتصادها موجه للحرب والمعارك والتأمين الأمنى؟ وأى مستقبل عندما يعيش سكانها كبارا وصغارا، شيوخا وأطفالا تحت تهديد الصواريخ التى تطلقها حماس أو حزب الله أو الحوثيون أو غيرهم على رءوس السكان فى أى يوم وأى لحظة؟ أى مستقبل لإسرائيل التى تولد الكره والبغض بسبب أعمالها الإجرامية من قتل ودمار للأبرياء، ألا تخشى الانتقام؟ ومبادلة العين بالعين والسن بالسن؟ أى مستقبل للذى يتكل على الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وإلى أى مدى سيتحملونها ويسندونها؟ ألا ترى ماذا فعل الغرب والولايات المتحدة الأمريكية فى أوكرانيا؟ فبعدما صرخوا وصرحوا بأنهم سيسندون أوكرانيا إلى أبعد مدى إلى أن ذهبت «السكرة وجاءت الفكرة» عندما رأوا أن الحرب طالت ومخازن السلاح تستنفد وخزائن المال تنكمش إضافة للأزمة الاقتصادية العالمية الطاحنة. فبدأوا يتراجعون عن التعضيد المطلق ويتباطأوا بالتفاعل مع دميتهم رئيس أوكرانيا، وقد جرى شىء من ذلك مع إسرائيل ففى الأيام الأولى للسابع من أكتوبر بعد الهجوم الحمساوى ارتفعت نغمة التعضيد من امريكا والغرب وصرحوا أخطر التصريحات وحركوا البوارج وما إلى ذلك، وبعد عدة أيام مع فظائع إسرائيل فى هدم غزة وقتل الأولاد وزيادة عدد الجرحى إلى الآلاف دون مستشفيات وعلاجات، تراجعوا رويدا رويدا وبدأ الاستعانة بدول الجوار واحترام إراداتها وشعبها وحدودها خاصة مصر والأردن وبدأ أيضا التفكير فى السؤال الأهم، وماذا بعد الحرب على غزة؟ هل سيدخل حزب الله وإيران كطرفان فى الصراع؟ هل ستفتح جبهات داخلية فى الضفة الغربية؟ هل حكومة نتنياهو ستذهب ويتم التحقيق معها فى أسباب الفشل الأمنى والعسكرى والحكومى؟ داخل قلب كل عربى تقبع دولة فلسطين فهى دولة محتلة منذ 75 سنة وهى قضية العرب الأولى وهذه المشكلة توارثتها الأجيال فهى مشكلة وأزمة مستمرة فمهما حصل من تطبيع بينها وبين دول المنطقة إلا أن ما فى القلب فى القلب. فكيف ستتعامل إسرائيل ومن ورائها أمريكا فى هذا الشعور البغيض المتبادل بين الشعب العربى وإسرائيل؟ وكيف سيكون المستقبل بينهما؟ كل هذه اسئلة تحتاج إلى إجابات كاملة متكاملة خاصة لصناع القرار. ألم يحن الوقت لتحقيق ما وعد به مئات المرات من الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية ودول العالم «بحل الدولتين»؟ يجب أن نعترف أن حل الدولتين ليس «أحسن الحلول» ولكنه «أنسب الحلول» حاليا وهذا ما ينادى به الجميع خاصة الولايات المتحدة ودول الغرب. فهل إسرائيل ترى نفسها «الدولة الأخرى» وتعمل على نبذ العنف والجرم وتجريف الأراضى واحتلال المدن الفلسطينية أم ستتطلع إلى المستقبل وتهدئ من وتيرة عنفها وتكون دولة سالمة ومسالمة تعمل من أجل سلام المنطقة وتقبل بوجود دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية بجوارها؟ هذا السؤال الذى ينتظر إجابة.