بقلم - رفيق جريش
صرح الرئيس فى ختام جلسات مؤتمر «حكاية وطن»، واصفًا سياسة مصر الخارجية: «أدبيات السياسة لدى هى عدم التدخل فى شؤون الآخرين، وألا تكون الدولة عامل هدم أو تخريب للدول، فضلا عن الاستعداد للصبر الاستراتيجى فى الأزمات والصراعات التى من الممكن أن تواجهها البلاد».
وزارة الخارجية المصرية هى مؤسسة من أعرق مؤسسات الدولة، ومشهود لها فى كل المحافل الدولية، وقد شكلت السياسة الخارجية المصرية خلال السنوات التسع الماضية بقيادة الأستاذ سامح شكرى وزير الخارجية الفائق النشاط، أحد ملامح مصر الحديثة فى تحقيق النهضة الشاملة والتقدم.
وترسيخ أسس الجمهورية الجديدة دوليًا.. فقد ارتكزت السياسة الخارجية على أولوية المصالح المصرية، وتعزيز دور مصر الإقليمى، خاصة العربى والإفريقى والدولى بشكل أعم، جنبًا إلى جنب مع تحقيق التنمية فى داخل البلاد. وفى سبيل تحقيق تلك الأهداف ارتكزت السياسة الخارجية على عدد من الملامح المهمة والثوابت:
أولها: تنويع دوائر السياسة الخارجية لتشمل إلى جانب الدوائر التقليدية (الدوائر التى تكلمنا عنها فى مقالة سابقة) أمريكا وأوروبا الغربية، دوائر مهمة وغير كلاسيكية، خاصة فى آسيا ووسط آسيا وأمريكا اللاتينية وشرق أوروبا ووسط أوروبا، مع اهتمام خاص بإفريقيا، فى إطار الانفتاح المصرى على كافة دول العالم فى جو من الاحترام المتبادل وبناء شراكات استراتيجية- سياسية واقتصادية- مع مختلف الدول- الكبرى والمتوسطة والصغرى- والاستفادة من المزايا النسبية التى تتمتع بها كل دولة فى إطار دبلوماسية التنمية القائمة على توظيف السياسة الخارجية الرشيدة والفاعلة.
هذا بجانب علاقات الرئيس السيسى القوية مع زعماء وقادة العالم، وذلك لجذب الاستثمارات الخارجية، خاصة فى المشروعات القومية العملاقة مثل: محور التنمية فى قناة السويس، والعاصمة الإدارية الجديدة، والدلتا الجديدة، ومشروع توشكى.. وغيرها، وتوطين التكنولوجيا الحديثة، كذلك فتح آفاق وأسواق جديدة أمام السلع والمنتجات المصرية والعمل على زيادة الصادرات.
ثانيها: هو دور مصر الفاعل، سواء على المستوى الإقليمى أو الدولى، حيث لعبت ومازالت الدبلوماسية المصرية دورًا بارزًا فى تسوية الأزمات والصراعات العربية فى إطار تعزيز ودعم مفهوم الدولة الوطنية العربية ومؤسساتها الشرعية، ومن ثم الحفاظ على النظام الإقليمى العربى.
وثالثها: تبنى مصر سياسة الحياد الإيجابى فى ظل حالة الاستقطاب الحادة وغير المسبوقة فى النظام الدولى الحالى بين القوى الكبرى، وهو ما أكسب مصر المصداقية والتقدير العالمى. وكانت عودة العلاقات الطبيعية بين مصر وإفريقيا أحد منجزات السياسة الخارجية خلال السنوات الماضية.
مصر تستحق أن تكون لها كلمتها إقليميًا ودوليًا، فهى بتاريخها وحضارتها وقيادتها تستحق بجدارة هذه المكانة الدولية، رغم كل الإساءات التى تعرضت لها مصر بعد 30 يونيو و3 يوليو وعرف العالم من هى مصر وما هى إرادة الشعب المصرى، فكان العبور الثانى بعد عبور أكتوبر 1973 نحو دولة حديثة والجمهورية الثانية.