بقلم - رفيق جريش
لقد أثبتت مصر فى الأزمة الحالية بين إسرائيل وغزة كم هى كبيرة ولها دور إقليمى عظيم وكلمتها مسموعة ولا يضغط على قراراتها أى من كان وسيكتمل هذا الدور مع هذه الأزمة ومن الملاحظ:
أولاً: أن الموقف الحاسم الرافض الذى اتخذته مصر فى رفض نزوح الغزاويين إلى جنوب غزة ليكون أمرًا ضاغطًا على مصر، ورفض دخول الأجانب الفلسطينيين ذى الجنسيات الأجنبية الأخرى إلا بعد السماح بدخول المساعدات الإنسانية، لهو موقف بطولى وإنسانى رافض لكل الضغوطات والإملاءات والمؤامرات الخارجية.
ثانياً: تدعو مصر لوقف التصعيد ومنع انزلاق الأمور وعدم خروجها عن السيطرة ما قد ينذر بعواقب خطيرة على المنطقة، فالتصعيد الحالى أدى لسقوط آلاف القتلى والجرحى من الجانبين، إضافة إلى التدمير الشامل فى البنية التحتية فى قطاع غزة، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية كبرى، خاصة أن القوات الإسرائيلية- كما قال السيد الرئيس السيسى وأكده زعماء آخرون- «تجاوزت مبدأ الدفاع الشرعى عن النفس إلى استراتيجية العقاب الجماعى ضد الفلسطينيين».
ثالثاً: يعمل التحرك المصرى على المستوى الإقليمى والدولى على تحقيق التهدئة والبحث فى علاج مسببات الصراع من جذورها، فالتصعيد الحالى ما هو إلا انسداد أفق التسوية السياسية واللامبالاة الدولية التى أدت إلى غياب الأمل لدى الفلسطينيين واستمرار السياسات العدوانية الإسرائيلية المتكررة ضد الشعب الفلسطينى، وبالتالى فإن مفتاح تحقيق الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط لن يتم من خلال منطق القوة وفرض الأمر الواقع، وإنما من خلال تحقيق السلام العادل والشامل والدائم القائم على إعطاء الشعب الفلسطينى حقوقه المشروعة وعلى رأسها حقه فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية أى «حل الدولتين».
رابعاً: العمل على تخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطينى فى غزة، والذى يواجه ظروفاً قاسية وصعبة مع استمرار انقطاع الكهرباء وغياب المياه النظيفة وشح الغذاء وتهاوى المنظومة الصحية بفعل القصف الإسرائيلى، لذلك سارعت مصر إلى تقديم المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطينى للعبور من معبر رفح، والتى تحمل المساعدات الغذائية والطبية وتستقبل مساعدات العالم كله وتأمل فتح المعبر قريبًا.
خامسًا: وفى هذا الإطار، فإن دعوة مصر لعقد مؤتمر إقليمى دولى (على الأرجح السبت القادم – غدًا) حول غزة يعكس التحرك المصرى على الأرض من أجل بلورة توافق إقليمى وعالمى يستهدف وقف التصعيد الحالى وتحقيق التهدئة والبحث فى كسر حالة الجمود فى المفاوضات، وهو ما يعكس الدور المحورى لمصر فى دعم الشعب الفلسطينى وحقوقه المشروعة، وهى ثوابت أساسية فى السياسة الخارجية المصرية.
ختامًا: يتعين احترام القانون الإنسانى، خاصة فى غزة، حيث من المُلحّ والضرورى ضمان الممرات الإنسانية وتقديم المساعدة لجميع السكان. ونقول صارفين! لا تسمحوا بإراقة المزيد من الدماء البريئة، لا فى الأرض المقدسة ولا فى أى مكان آخر! كفى! الحروب هى دائمًا هزيمة! دائمًا.