توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما بين حارة حريك وطهران: هل "طارت" قواعد الاشتباك!؟

  مصر اليوم -

ما بين حارة حريك وطهران هل طارت قواعد الاشتباك

بقلم - جورج شاهين

أجمعت مصادر سياسية وديبلوماسية على القول إنها اضطرت إلى إجراء قراءتين متلاحقتين بفارق ساعات معدودة فصلت بين عمليتي اغتيال فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية، واسماعيل هنية في طهران. ذلك انّ القراءة للعملية الثانية جاءت مكملة للأولى وأعطتها ابعادا تجاوزت الساحة اللبنانية الى محور الممانعة بساحاته المختلفة، لأنّ استخدام الاراضي الايرانية مسرحاً للاولى يختلف تماماً عن اراض لبنانية. وعليه، ما هي الفوارق الدالّة الى هذه المؤشرات؟
قبل ان تُلملم الضاحية الجنوبية آثار الغارة التي استهدفت قلبها في حارة حريك واستكمال رفع أنقاض المبنى للتثبّت من مصير القائد العسكري الذي استهدفته فؤاد شكر ومن حصيلتها النهائية، فوجئت الأوساط الديبلوماسية والاستخبارية الدولية والمحلية بعملية أخرى في طهران أدت إلى اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية وأحد مرافقيه، ما أدى الى ضرورة اجراء قراءة جديدة لمجريات الاحداث فسقطت بعض النظريات المحدودة وتقدمت أخرى أكثر شمولية عندما يتصل الامر بالمواجهة المفتوحة بين اسرائيل ومحور الممانعة بكل قواه العسكرية والسياسية والأمنية والاقتصادية.
وقبل الدخول في ما يمكن ان تنتهي إليه الفصول الجديدة من هذه المواجهة المفتوحة منذ 7 تشرين الأول الماضي، لا بد من بعض الملاحظات والتي أجمَعت عليها المصادر عينها عند تقييمها المحصور بعملية حارة حريك قبل ان تأتي الأنباء فجر أمس بعملية طهران. ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
- لم يكن استهداف الضاحية الجنوبية سوى تأكيد انه لم يكن هناك اي ضمان اميركي او دولي جدي لدى ايّ من المسؤولين اللبنانيين بشطب بيروت وضاحيتها الجنوبية من لائحة المسارح المرشحة لتشهد الرد الإسرائيلي على ما سَمّته عملية "مجدل شمس" بمعزل عن رفض "حزب الله" هذا السبب، لئلا يشكّل الأمر خطوة خاطئة ومميتة يؤكد من خلالها الحزب مسؤوليته عن العملية التي نفى تورّطه فيها وردها الى أسباب أخرى، ليس أقلها ان يكون "صاروخ المجدل" واحداً من الصواريخ الاعتراضية للقبة الحديد التي واجهت مجموعات صلياتها التي وجّهتها في اتجاه الاراضي السورية والفلسطينية المحتلة، عدا عن النية الاسرائيلية بإحداث فتنة على الساحة الدرزية المتماسكة بنسبة كبيرة بين لبنان سوريا وفلسطين.
- سبق للعمليات الامنية التي نفّذتها اسرائيل مستهدفة عددا من القادة العسكريين الميدانيين من "حزب الله" والقيادات الفلسطينية، بما فيها عملية اغتيال نائب رئيس حركة "حماس" في الخارج الشيخ صالح العاروري  في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت ايضاً، ان اعتبرت أنها من ضمن قواعد الاشتباك بعدما تجاوزت في مسارحها الكيلومترات المحكي عنها في عمق الأراضي اللبنانية والفلسطينية المحتلة المتقابلة على جانبي الحدود، وصولاً الى أعماق الأراضي اللبنانية في جبل لبنان والبقاعين الشمالي والغربي وصولاً إلى بلدة القصير في الأراضي السورية ـ وقد جاءت ردات الفعل عليها دون ما يخشاه كُثر من ان تتحول الى حرب مفتوحة وشاملة في اي لحظة. ورأت فيها ما يبررها طالما انها استهدفت من هم مشاريع استشهاديين في اي لحظة، وأينما وجدوا في اي موقع كان لمجرد قبولهم بالمناصب العسكرية التي يتولّونها وما ألقيت على عاتقهم من مسؤوليات كبرى ومتدّرجة في المواجهة المفتوحة على أكثر من مسرح للعمليات العسكرية من فلسطين ولبنان الى سوريا والعراق واليمن ومجموعة البحار والمضائق المحيطة بها.
- لم يكن الشهيد شكر من اوائل شهداء الحزب، فقد سبقه على الدرب عينها قادة آخرون وإن كانوا في مواقع اقل أهمية منه، سواء أولئك الذين كانوا من بين قادة المحاور والذين يديرون العمليات العسكرية المباشرة على طول الحدود الجنوبية او في الاسلحة الصاروخية وشبكات الإتصالات والاجهزة المتخصصة في الحزب.
والى هذه الملاحظات التي لا تخضع لنقاش مستفيض، فقد شكلت العملية الاخيرة في شكلها ومضمونها وهدفها، توسعة متدرّجة في اتجاه المناصب العليا وتلك التي تشكّل الحلقة المحيطة بالأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله و"المجلس الجهادي" في الحزب. والدليل يَكمن في تصعيدها في اتجاه القادة المستهدفين من لائحة اهدافها التي يحتاج التصويب عليها وصولاً الى اغتيالها قراراً على أرفع المستويات الحكومية والعسكرية والاستخبارية في إسرائيل تحسّبا لنتائجها الخطيرة المحتملة، وهي عملية طاولت حتى الأيام القليلة الماضية عدداً من قادة الاسلحة والمحاور والمرافق الشخصي السابق لنصرالله على طريق دمشق وصولاً الى شكر أمس الأول.
وعليه، فإن أي مقاربة لقراءة الحدث الآتي من طهران تفرض إجراء قراءة أكثر شمولية مما جرى في الضاحية الجنوبية. وقد اشارت اليها المراجع السياسية والديبلوماسية بالإصرار على تجاوزها ردات الفعل المحتملة على عملية الضاحية الجنوبية لو توقّف المسلسل الاسرائيلي عندها. ومَرّد ذلك الى الربط المنطقي والعقلاني لمجرد انّ مسرحها انتقل من الاراضي اللبنانية الى عمق الاراضي الايرانية. وهي عملية قادت الى الربط المحكم بينها وبين العملية التي استهدفت مجموعة المستشارين الايرانيين في القنصلية الايرانية في دمشق في الأول من نيسان الماضي، طالما أنها حصلت على أراض تمارس إيران سيادتها الكاملة عليها من دون اي شريك. وهي العملية التي استجرّت ردا ايرانيا في ليل 13 – 14 الشهر عينه في اتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة بوابلٍ من مئات الصواريخ البالستية والمسيرات البعيدة المدى.
وبناء على ما تقدم من المعطيات التي برزت حتى هذه اللحظة، فإن قراءة الاحداث المقبلة تستوجب التنبّه الى كثير مما هو غامض. وما يمكن ان تقود اليه القرارات المنتظرة على مختلف المستويات السياسية والعسكرية في ظل ما برز من مؤشرات جديدة دلت اليها الاحداث المتسارعة، والتي أقل ما يقال فيها انها شكل من اشكال هجوم اسرائيلي غير مسبوق يمكن ان يحتسب خرقاً لـ"قواعد الاشتباك" التي تحكمت بالعمليات العسكرية من قبلها. وما زاد من خطورتها ان ترافقت كل هذه العمليات مع شبيهات لها في العراق بعدما استهدفت مواقع لـ"الحشد الشعبي" وتردّد انّ قادة منه قد دفعوا حياتهم ثمناً لها بما يوحي بأنها جميعها قد تكون بديلاً من الحرب "التقليدية الشاملة" التي حذّر منها الجميع وسَعت اليها الادارة الاميركية ومعها شركاءها العرب والخليجيين والاوروبيين.
وختاماً، يمكن القول في نهاية هذا العرض، ان ما حصل وما هو متوقّع في الساعات المقبلة يشكل مشهدا جديدا يتميّز بكثير من المفاجآت المحتملة. وهو ما يؤكد ان أيدي القادة العسكريين قد أُطلقت متحررة من اي ضغوط سياسية وديبلوماسية دولية وأممية، فجاءت الأحداث على مخاطرها لتطوي بعضها بعضاً في إطار سيناريو تصاعدي لا يمكن لأي مرجعية ان تترصد مستقبلها القريب والبعيد في انتظار ما يؤكد انّ "العمليات الامنية" المبررة مهما كانت موجِعة لأي من طرفي النزاع. باستثناء إذا كانت تُترجم "مواصفات العملية المحدودة والمؤلمة التي لا تقود الى حرب شاملة". وبالتالي، فإنها لن تشكل خطرا على "قواعد الاشتباك"، وهو أمر يحتاج لبعض الوقت للتثبت من صحته. وما علينا سوى الرصد والانتظار لِما يأتي به "اليوم التالي".

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بين حارة حريك وطهران هل طارت قواعد الاشتباك ما بين حارة حريك وطهران هل طارت قواعد الاشتباك



GMT 00:00 2024 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

بعد العيد ما يتفتلش الكحك!!

GMT 00:04 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

كريم عبدالعزيز ومواصفات السوبرستار

GMT 01:10 2023 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

الاستخبارات الإسرائيلية تدفع ثمن الهزيمة!

GMT 01:14 2023 الأحد ,27 آب / أغسطس

«فاغنر»... الطبخة والطباخ

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon