توقيت القاهرة المحلي 10:43:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إستقالة منتصف الليل!

  مصر اليوم -

إستقالة منتصف الليل

بقلم -نبيل هيثم

أخرجت «القوات اللبنانية» نفسها من حكومة سعد الحريري. لا شك أنّ خطوة استقالتها ستلقى تفهُّما لدى جمهور «القوات» على وجه الخصوص، الذي يماشيها في أي موقف تتخذه، اياً كان هذا الموقف، مثله مثل جمهور أي من القوى السياسية التي تتقاسم السلطة في لبنان.
بديهي القول، حيال هذه الاستقالة، انّ «القوات» ترصد ردود الفعل حيال خطوتها، وتفاعُل القوى السياسية معها، إن من ناحية تفهّم اسبابها ودوافعها، او من ناحية تقييمها كخطوة سلبية غبر مبررة لا في الزمان ولا في المكان، وكذلك رصد ارتداداتها وحجم تأثيرها على الجسم الحكومي الذي قرّرت «القوات» ان تغادره.

ليست خافية في هذا السياق، «العاطفة المتبادلة» بين التيار الوطني الحر و»القوات»، ولا بينها وبين «حزب الله» وسائر القوى السياسية وعلى وجه التحديد القوى الممثلة في الحكومة، ومن بينها بالتأكيد تلك القوى التي كانت تربطها بها قرابة سياسية من زمن «14 آذار».

وتبعاً لذلك، فإنّ خطوة الاستقالة، ستجد من بين الاطراف السياسية من يرحّب بها سرًّاً او علناً، ومن بين هذه الاطراف من قد يشكر «القوات» في سرّه، باعتبارها ازاحت من امامه الثقل الذي يمثله وجود «القوات» الى جانبه في الحكومة. وهي في الأصل، أي هذه الاطراف، تتمنى لو انها لم تكن موجودة!
وبمعزل عمّا اذا كانت «القوات» قد أصابت أو أخطات في اختيار التوقيت المناسب لإعلان استقالتها، في وقت يحجب الشارع ومحاولات احتوائه بحلول واوراق اصلاحية، كل ما عداهما، مهما كانت اهميته. فالشارع وما يجري فيه، ومن حوله، احتل صدارة الخبر، فيما بدت الإستقالة كحدث ثانوي لا أكثر.

على انّ القوى السياسية مجتمعة، تقرأ استقالة «القوات» من زاوية عدم تأثيرها على الحكومة، حتى في ظل الوضع الحكومي المأزوم، وكان يمكن لهذه الاستقالة ان تكون مؤثرة ولها صداها، لو أنّها جاءت في «التوقيت المناسب»، ولو أنّها تزامنت مع استقالة وزراء الحزب التقدّمي الاشتراكي. هنا كان يمكن ان يشكّل خروج «القوات» من الحكومة، ضربة موجعة للحكومة المشكو منها ورئيسها، إلّا انّها بطابعها المنفرد، لم تكن سوى حاجة قواتية، في توقيت قواتي، ولهدف قواتي.

وبمعزل عن الاسباب الموجبة التي اوردها رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، حينما اعلن «استقالة منتصف الليل»، والاساس فيها انّ البلد لا يمكن ان تقوم له قائمة الّا من خلال ذهاب الحكومة الحالية وقيام حكومة اختصاصيين تنقذ الوضع، فثمة من يقرأ في طياتها هدفاً آخر، قد يكون اساسياً ايضاً، حدّدته «دراسة جدوى» البقاء في الحكومة وعدمه، والاساس فيه الحد من الخسائر، ومحاولة تعديل الميزان القواتي، بعدما «طبشت» دفة خسائر «القوات» المتتالية بشكل واضح داخل الحكومة، وكل الربح الذي راهنت على ان تجنيه من خلال مشاركتها فيها قد تبخّر، ولم تجنِ منه شيئاً.

والامثلة اكثر من ان تحصى ضمن مسلسل «خسارات القوات» الذي بدأت تتتالى حلقاته منذ تفاهم معراب وسقوط الالتزام بالمناصفة «الموقعة»، التي قضت بتقاسم الوزارات والتعيينات بين التيار الوطني الحر و»القوات». وتمّت ترجمته من طرف واحد وتحديداً فريق رئيس الجمهورية، اولاً في الحكومة الحالية لحظة تشكيلها ومعركة الاحجام، وثمة كلام واضح صدر آنذاك «إن لم يقبلوا فليس ما يمنع ان تُشَكَّل الحكومة من دونهم»، ثم في معركة الحقائب وإبعاد «القوات» عن الحقائب السيادية، ثم في التعيينات والوظائف التي لم تنل منها «القوات» حتى الفتات ولو على مستوى عضو مجلس ادارة، مقابل ما يحصّله التيار الوطني الحر، وصولاً الى التحكّم بالقرار وابراز عدم قدرة «القوات» على التأثير فيه.

امام هذا الواقع، وبحسب هذه القراءة، فإنّ استقالة «القوات» ليست في وجه الحريري، الذي تعلم انه يفضّل لها ان تبقى في الحكومة، بل هي في وجه العهد، وبدرجة متساوية في وجه التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل، الذي تتهمه «القوات» بشن حرب الغاء سياسية عليها. من هنا جاءت الاستقالة على قاعدة:

- انّ بقاء «القوات» في الحكومة في ظل هذا المنحى، معناه الاستسلام له، واكثر من ذلك يعدّ بمثابة تغطية لكل هذا المنحى.
- انّ بقاء «القوات» في حكومة، لم تحقق من خلال مشاركتها فيها اي مكسب طمحت له، معناه انّها تصرف من رصيدها السياسي لصالح اطراف اخرى مزاحمة لها في شارعها.
- قد ترتب استقالة «القوات» من الحكومة خسارة لها، جرّاء خروجها من السلطة، لكن هذه الخسارة، هي خسارة آنية ومفاعيلها محدودة، لانّها في الاساس لم تحصّل شيئاً من وجودها فيها، وبالتالي تبقى هذه الخسارة اقل بكثير من الخسارة التي يمكن ان ترتد عليها في ما لو استمرت في الحكومة، وربما يمكّنها خروجها من تحقيق مكسب من خلال العودة الى جمهورها، بما قد يجعلها تعوّض مسلسل الخسارات التي مُنيت بها، وبالتالي يمكنها من اعادة ترميم الذات وبناء تحصينات ودعائم جماهيرية، تشكّل ذخيرتها الفاعلة التي تستثمر عليها في الانتخابات النيابية المقبلة.
- انّ استقالة «القوات» من الحكومة تبدو مبنية على اعتقاد، يشبه الجزم، بأنّ الحكومة الحالية، قد فشلت، وسقطت سياسياً وشعبياً، وانّها حتى ولو اكملت من دون «القوات» لن يتأتى منها شيء، لأنّها في نهاية المطاف ستكون هدفاً للناس، والناس ستواجهها وتُسقطها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إستقالة منتصف الليل إستقالة منتصف الليل



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon