توقيت القاهرة المحلي 01:24:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حدود «خلاف» بايدن ــ نتنياهو... فوق أنقاض رفح

  مصر اليوم -

حدود «خلاف» بايدن ــ نتنياهو فوق أنقاض رفح

بقلم - إياد أبو شقرا

ما زلتُ حائراً في تقدير قرار الرئيس الأميركي جو بايدن تعليق شحن «أسلحة نوعية» إلى إسرائيل، ردّاً على تحدّي بنيامين نتنياهو و«حكومة حربه» «التماسات» واشنطن له كي يحجم عن اجتياح مدينة رفح.

بصراحة، لست واثقاً من أن الرئيس بايدن «شرب حليب السباع» أخيراً... بعدما نفد صبره على الاستخفاف الإسرائيلي الفظيع بمصالح واشنطن - ولا أقول بمشاعرها - وإصرار نتنياهو وجلاوزته على مواصلة جريمتي التهجير والإبادة وصولاً إلى آخر جزء من قطاع غزة...

أقول هذا لأنني أعرف جيداً أي إدارة يقود جو بايدن، كما أنني لا أشك لحظة بالهيمنة المطلقة لـ«اللوبي الإسرائيلي» المتغلغل... بمختلف منظماته وشخصياته وشبكات تأثيره وتمويله على الحزبين الديمقراطي والأميركي.

وبناءً عليه، فإنني أستبعد جداً ألا يكون سيد البيت الأبيض قد تلقى «نصائح» من عدد من «مفاتيح» الإدارة الذين تفنّنوا في تبرير الجرائم الإسرائيلية منذ بدء الحرب التهجيرية الحالية. وفي زعمي، لا يمكن ألا يكون هؤلاء قد نبّهوه إلى أنه يتعامل مع قوة نافذة تُحكِم سيطرتها شبه الكاملة على مجلسي الكونغرس، الأمر الذي يعني أنه سيكون من الجنون مواجهتها - بل حتى انتقادها - في سنة انتخابات رئاسية.

وبالفعل، سمعت وقرأت، كما سمع غيري وقرأ، تصريح نتنياهو الذي تحدّى فيه بصلفه المألوف قرار تعليق شحن الأسلحة، معلناً أنه لن يغيّر في الأمر شيئاً، بل «إذا اضطررنا فسنقف لنقاتل بمفردنا. لقد قلت إنه إذا كانت ثمة حاجة فسنقاتل بأظافرنا...»... وفي المقابل، كان هناك كلام جون بولتون، أحد صقور اليمين المحافظ المخضرمين، عن أن قرار بايدن تعليق شحن الأسلحة قد يعرّضه لخسارة الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

ومن ثم، أرى، وجود بضعة عوامل ربّما شجّعت الرئيس الأميركي على المجازفة باتخاذ «موقف» من هذا النوع وبهذا التوقيت - مع ترجيحي أنه لن يقدّم أو يؤخر - أبرزها ما يلي:

1- مزايدات الساسة الجمهوريين. ذلك أنه مهما بالغ الرئيس بايدن في الدفاع عن الموقف الإسرائيلي، فإن دونالد ترمب وآخرين من قادة الحزب الجمهوري لم يترددوا ولن يترددوا أبداً في المزايدة عليه. وهذا ظهر، ليس فقط في سياسات ترمب المعبّرة عن أحلام الليكود إبّان رئاسته، بل أيضاً في تصريحات الرئيس السابق وعدد من الطامحين للعمل معه... أو الحلول مكانه في حال تعذر عليه خوض انتخابات نوفمبر.

2- حرّكت الانتفاضة الطلابية في الأحرام الجامعية على امتداد أميركا من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب المياه الراكدة. وهزّت هذه «الانتفاضة» فعلياً السرّدية الإسرائيلية التي احتكرت الساحة طويلاً، لا سيما أن مشاهد المجازر والدمار الفظيع نقلتها يومياً، وساعة بساعة، تقنيات الإعلام والتواصل الحديثة... إلى كل بيت في أميركا والغرب.

3- «اجترار» اليمين الإسرائيلي المتطرّف خطابات أكثر عدوانية وعتواً وعنصرية على مرّ الشهور منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. فقد اتسمت تصريحات الوزيرين المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وكذلك عتاة الاستيطان ومصادرة الأراضي، بالنبرة الاستفزازية المنفّرة لأي مراقب محايد أو معتدل. وحقاً أثّرت سلباً على كثيرين في الغرب (أميركا وأوروبا على حد سواء) رفضوا التبنّي الأعمى لأكذوبة «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها» التي روّجتها أذرع الدعاية والحرب النفسية الإسرائيلية... وأوكلت أمرها لزُمَر أدواتها حتى داخل الأحزاب ومؤسسات الإعلام الكبرى.

4- الحسابات العربية والإقليمية في الشرق الأوسط. هنا يلمس المتابع تضارب مصالح مباشراً بين قوتين حليفتين: قوة عظمى هي الولايات المتحدة... لديها حساب وصداقات وعداوات في منطقة حساسة جداً من العالم، وبالأخص، مع توسّع الاهتمامات الصينية والهندية عبرها، والواقع الروسي الجيوسياسي الموجود أصلاً في شمالها عبر البحر الأسود وجبال القوقاز. وقوة إقليمية هي إسرائيل... تتمتع بنفوذ ضخم داخل مؤسسة السلطة الأميركية، ولا يهمها إطلاقاً أن تتأثر مصالح واشنطن مع اللاعبين الإقليميين الآخرين (العرب وتركيا وإيران). بل على العكس تماماً، غاية أهداف إسرائيل «احتكار» العلاقة الخاصة بواشنطن، ومن ثم، استغلالها في أي وقت لضرب كل جيرانها ومنافسيها المحليين.

في أي حال، عنصر المجازفة موجود حتماً. ولكن أوضاع الشرق الأوسط بلغت من السوء بحيث إنها قد لا تنتظر نضج ظروف تقديم تصوّر كامل متكامل لمنطقة... تغفو على خريطة وتصحو على أخرى.

إنها منطقة اختلطت فيها المشكلات، وتوالدت فيها العداوات، وتناسلت الأخطاء، وسقطت في العديد من كياناتها مقوّمات الدولة الحديثة والمجتمع المدني.

وحتى اليمين الإسرائيلي، بتوراتييه وانتهازييه و«عسكريتارييه»، قد لا يكون مستوعباً تماماً بعد معنى «الفوضى غير المنظمة» التي ستنتج عن سياسة اغتيال فرص التعايش وقتل مستقبل الناس.

من جهة ثانية، في الغرب نفسه مشكلات، يبدو في أغلب الأحيان مفتقراً إلى شجاعة الاعتراف بها. فالانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر قد تكون «محطة» تنكشف فيها معضلات ترهّل الحياة الحزبية، وتنامي التطرفين الديني والعنصري، وتراجع ثقة الشباب بقدرة المؤسسة الحزبية على الإصغاء إليه.

أما في أوروبا الغربية، فإن الوضع في بعض دولها أسوأ بكثير... لأسباب محلية وقارية، منها أزمة الهجرة التي أسهمت بصورة مباشرة في صعود اليمين «الصِدامي» الفاشي الجديد في عدد من الدول الديمقراطية. ومع تحوّل الفاشيين الجدد إلى القوة (البديل) الوحيدة القادرة على تحدي الأحزاب «التوافقية» الحاكمة، تتهدد هوية الاتحاد الأوروبي ومصالحه المشتركة، ناهيك من علاقاته الخارجية.

وأخيراً، ليس آخراً، هناك الهاجس القديم - الجديد... روسيا.

وفي اعتقادي، ليس ثمة ما هو أخطر على الأوروبيين من روسيا المطمئنة إلى أوضاعها... سوى روسيا التي تشعر بأنها مُحاصَرة ومُستهدَفة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حدود «خلاف» بايدن ــ نتنياهو فوق أنقاض رفح حدود «خلاف» بايدن ــ نتنياهو فوق أنقاض رفح



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon