توقيت القاهرة المحلي 22:01:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشرق الأوسط بين الأصل الأميركي والفرعين الإسرائيلي والإيراني

  مصر اليوم -

الشرق الأوسط بين الأصل الأميركي والفرعين الإسرائيلي والإيراني

بقلم - إياد أبو شقرا

ما عاد جائزاً أن تترك الرسائل المتبادلة بين إسرائيل وإيران، بالذات خلال الأسابيع الأخيرة، مجالاً للشكّ في نيّات الجانبين.

أقول نيّات الجانبين، أولاً بالنسبة للقضية الفلسطينية، وثانياً بالنسبة للخريطة الإقليمية بما فيها العلاقات الثنائية بين تل أبيب وطهران.

إذ إن «القصف» التفاوضي الناعم الذي شهدناه، وسط «إخراج» أميركي متقن، كاد يدخل في تفاصيل السلاح المقبول، والأماكن المسموح باستهدافها، بل لولا بقية من حياء، التفاهم على حجم الخسائر عند الطرفين.

لقد كان مفهوماً من الرسائل المباشرة وغير المباشرة أن تل أبيب وطهران ملتزمتان تماماً بـ«قواعد الاشتباك»، بحيث تحافظ كل منهما على ماء وجهها. وهذا، بينما تواصل الأولى ارتكاب المجازر التهجيرية بحق الفلسطينيين، وتسرّع إيقاع الإجهاز على قضيتهم. وفي المقابل، تستمر الثانية بالمزايدة وكسب النقاط الرخيصة على حساب نظام سياسي عربي ومجتمع دولي عاجزين عن إحداث أي تغيير نوعي في حقائق المنطقة.

الأهداف التهجيرية تسابق على إعلانها - عبر التصريحات والخرائط والتدمير الممنهج - على امتداد أشهر منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي كل من بنيامين نتنياهو وإيتمار بن غفير وبتسليل سموتريتش. وأيضاً، لم «يقصّر»، بين الفينة والفينة، زميلاهم وزير الحرب يوآف غالانت وبيني غانتس «جنرال الاستنساب والانتهازية» المتمرّس.

وحقاً، سارت الأمور وفق ما يشتهي هؤلاء، مدعومين بمباركة أميركية مطلقة تراوحت بين جسر الإمداد بالسلاح المتطوّر وسيل «الفيتوهات» في مجلس الأمن الدولي لمنع تعطيل عمل آلة الحرب الإسرائيلية، وبالتالي، المحافظة على قوة دفع المخطط التهجيري، سواء توقّف بعد إسقاط رفح أو تمدّد إلى الضفة الغربية!

وفي المقابل، تمثّل الرد الإيراني بدايةً - كما شاهدنا لعدة أشهر - في تكليف أذرع طهران الميليشياوية في المشرق العربي بالمناوشة والمضايقة مع بعض «العنتريات» اللفظية بهدفي إثبات الوجود ورفع العتب، من دون التأثير على المعادلة العسكرية في قطاع غزة.

ولكن، كان طبيعياً بمرور الوقت أن تطرأ اعتبارات جديدة تعدّل في «قواعد الاشتباك» على المستوى المحلي... بالنسبة لمسرح عمليات كل ميليشيا تابعة لطهران ولـ«حرسها الثوري». وكان في طليعة هذه الاعتبارات، بلا شك، أربعة:

1- الضيق داخل إسرائيل، وتحديداً، عند أهالي الرهائن والمختطفين الذين أخذ يزداد قلق الأهالي عليهم إذا بقيت حكومة نتنياهو. وفعلاً، اعتمد هؤلاء التصعيد عبر التظاهرات والاعتصامات في الشوارع والساحات.

2- متابعة العالم بأسره النقل الحيّ لـ«حرب التجويع» والقصف الوحشي والمناظر المأساوية للضحايا المدنيين الفلسطينيين - وبالأخص الأطفال - والدمار الفظيع على امتداد قطاع غزة، حيث بالكاد سلمت مدرسة أو جامعة أو مستشفى من الاستهداف المباشر. هذا الأمر، على الرغم من شراسة المخطط التهجيري أخذ يترك تداعيات يصعب أن تظل «مجانية» إلى ما لا نهاية...

3- ظهور بوادر «إحراج» خجول في الولايات المتحدة عند إدارة الرئيس جو بايدن، لا سيما في ضوء المعارضة الصريحة التي أخذ يبديها كثيرون من المسلمين والعرب الأميركيين، ناهيك من أفراد التيارات الليبرالية والتقدمية، في ولايات انتخابية محوَرية خلال «سنة انتخابية». وهنا يجب القول، إنه على الرغم من كون شخصية دونالد ترمب استقطابية إلى أقصى الحدود - بحيث من المتعذر نقل الناخب الديمقراطي صوته من معسكره الحزبي إلى المعسكر الجمهوري - فإن مجرد إحجام أعداد كبيرة من الناخبين الديمقراطيين عن الاقتراع في الولايات المحورية... قد يكفي لإلحاق الهزيمة ببايدن.

4- تزايد السخط في أوساط كثيرة داخل العالم العربي صدمتها المواقف العلنية الاستفزازية والمتكرّرة لغلاة المتطرّفين، تُضاف إليه الضغوط غير المسبوقة التي مارستها وتمارسها «لوبيات» إسرائيل داخل الولايات المتحدة وعلى امتداد أوروبا الغربية بهدف كتم أصوات الاعتراض، ومضايقة أي معترض وابتزازه بتهم «معاداة السامية»، وذلك بدءاً من منابر الإعلام، وانتهاءً بالحُرُم الجامعية.

هذه الاعتبارات الأربعة حتّمت إجراء «تعديل ما» في قواعد الاشتباك، من دون أن تمنع نتنياهو وزبانيته من التراجع عن مهاجمة رفح واحتلالها. وهكذا، في ما يشبه حالة «توارد الخواطر» بدأ الجانبان الإسرائيلي والإيراني تعديل «قواعد الاشتباك» تحت سقف المرجعية المطلقة للقرار الأميركي الممسك بكل أوراق اللعبة، بعكس مضامين التسريبات الصحافية والتصريحات الإعلامية الرسمية في واشنطن.

حقيقة الأمر، كما أثبتت «رسائل» الأسابيع الأخيرة بالمسيّرات والقصف الصاروخي، أن كل «أدوات» طهران الإقليميين من العرب، ومثلهم «أصحاب قرار الحرب والسلم» الإسرائيليين... خاضعون لرؤية واشنطن وأولوياتها.

وبالفعل، كانت واشنطن ضابط إيقاع «معزوفة» القصف والقصف المضاد، وهي التي كان يشاورها الكل في المدى المسموح به للتصعيد العسكري، بينما نُسيت تماماً قضية رفح أو كادت...

لقد كانت تلك «الرسائل» الإسرائيلية الإيرانية، وفق تعبير خبير عسكري عربي بالأمس، أشبه بـ«محاكاة لوضع ميداني مرتقب بين جيوش حليفة توزّعت الأدوار بين صديق وعدوّ، وبما يعني أن إسرائيل كانت في تمرين المحاكاة إياه مثيلاً للعدو وليست عدواً ينبغي تدميره».

هذا كلام صحيح وتشبيه دقيق؛ إذ إننا هنا أمام حالة «تكاملية» أكثر منها «تصادمية» بين قوتين إقليميتين تخضعان – رغم الادعاءات المخالفة – لقوة مرجعية عالمية واحدة، وتقاتلان عدواً مشتركاً واحداً، ولا تتكبّد أي منهما أي خسارة... بل إن الخسارة الوحيدة والدائمة يتكبّدها «العدو المشترك»، أي الدول العربية!

وتالياً، بناءً على ما تقدم، ينبغي المصارحة، بالتالي:

1- الأحداث المتلاحقة منذ 7 أكتوبر أكّدت أن إسرائيل بقواها الذاتية وحدها قد لا تتمكّن دائماً من محاربة كل محيطها.

2- ثبت بما لا يقبل الشك أن «التماهي» الأميركي الإسرائيلي كامل ومطلق... سياسياً وعسكرياً ومصلحياً.

3- القيادة الإيرانية – بخلاف مزايدات إعلام أبواقها – لا تخوض «حرباً وجودية» ضد إسرائيل على مستوى الشرق الأوسط ككل، بل إن أقصى غايتها الدخول شريكاً في معادلة تقاسم النفوذ الإقليمي، مع إسرائيل وتركيا.

4- مهما ارتفعت وتيرة التحديات الكلامية وازدادت جرعة التحرّشات الصغيرة والمناوشات المحدودة، لا وجود لمواجهة أميركية – إيرانية، بل إن لإيران ككيان (وليس بالضرورة كنظام) أهمية استراتيجية مركزية في تعامل واشنطن مع العالم الإسلامي... وحساباته الدقيقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرق الأوسط بين الأصل الأميركي والفرعين الإسرائيلي والإيراني الشرق الأوسط بين الأصل الأميركي والفرعين الإسرائيلي والإيراني



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon