توقيت القاهرة المحلي 22:43:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بين حرائق الطبيعة... ومُحرقي السياسة

  مصر اليوم -

بين حرائق الطبيعة ومُحرقي السياسة

بقلم - إياد أبو شقرا

حيثما نظرنا من حولنا على امتداد قارات العالم، نرى أن رقعة «المناطق الساخنة الحمراء» تتوسّع بالتوازي مع تساقط «خطوط السياسة الحمراء» أنطونيو غوتيريش، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، بشَّر العالم أمس بأنَّ «عصر الانحباس الحراري انتهى، وبدأ عصر الغليان العالمي». ثم دعا إلى اتخاذ إجراءاتٍ جذرية وفورية تتعلَّق بالتغير المناخي، بعدما وصف درجات الحرارة المرتفعة بشكلٍ غيرِ عادي خلال يوليو (تموز) الحالي - ولا سيما، في نصف الكرة الأرضية الشمالي - بأنَّها «مرعبةٌ»... وهذه «مجرد بداية».

بالمناسبة، كلمة «الانحباس» في هذا السباق أصحُّ بكثيرٍ من كلمة «الاحتباس» وأبلغ دلالة، بيد أنَّ المهم في كلام غوتيريش توجيهه رسالتين في آن: الأولى تحذير العالم الذي تعمّدت بعض نخبه تجاهل الخطر البيئي. والثانية إدانة غير مباشرة لهذه النخب التي غلّبت مصالحها الآنية على مستقبل البشرية على الرغم من العديد من الدراسات والتحذيرات والرصد المستمر لتزامن ازدياد التلوّث مع انحسار البيئات القابلة للحياة في البر والبحر والجو.

الأمين العام الأممي شدّد في كلمته على الحاجة إلى «أهداف طموحة جديدة» من أعضاء «مجموعة العشرين» للحد من الانبعاثات الكربونية. وركّز على ضرورة تقديم البلدان المتقدمة «خريطة طريق واضحة وذات مصداقية» لمضاعفة تمويل التكيف المناخي بحلول 2025. وأردف أنَّ العالم بحاجة إلى ضمان التزام البلدان المتقدمة التوصلَ إلى صافي انبعاثات صفرية خلال أقرب وقت ممكن من عام 2040. وللعلم، رجّحت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومرصد المناخ التابع للاتحاد الأوروبي أن يكون الشهر الحالي أكثر الشهور حرارة على الإطلاق منذ نحو 100 ألف سنة، بينما تجتاح موجات الحر والحرائق مساحات شاسعة من العالم.

على صعيد آخر، بعيداً عن الهمّ المناخي البحت، أعتقد أنَّ «الإحراق» السياسي للتعايش والمؤسّسات والحكم الرشيد والمُثل العليا لا يقلّ خطراً عن ألسنة اللهب على مستقبل وجودنا... أقلّه في مجتمعات لا تحكمها شريعة الغاب. اليوم؛ حيثما نظرنا من حولنا على امتداد قارات العالم، نرى أنَّ رقعة «المناطق الساخنة الحمراء» تتوسَّع بالتوازي مع تساقط «خطوط السياسة الحمراء». وإذا كانت الحدود السياسية في قلب أوروبا بدأت تفقد حصانتها، وأخذت الشعبوية المتطرفة تهدّد مناعتها الديمقراطية، وسط القلق الديموغرافي من الهجرة وعودة الهواجس إزاء إصرار «الدب الروسي» على كسر قضبان قفصه، لا تبدو منطقتا أميركا الشمالية وشرق آسيا بمنأى عن الخطر.

الولايات المتحدة؛ حيث أيقظ دونالد ترمب «قناعات» كانت قد تراجعت بعد سقوط «المكارثية»، لا يُستبعد أبداً أن تعيد في العام المقبل «تجربة المجرّب» فتراهن على إدارة جمهورية بقيادة ترمب أو من يسير على خطاه.

وأول من أمس، في ولاية آيوا، خلال تجمّع تمهيدي للمرشحين الجمهوريين إلى انتخابات 2024 استنكر الجمهور اليميني المتشدد تجرؤ المرشح الجمهوري الهامشي ويل هيرد على انتقاد الرئيس السابق. فقد قال هيرد، وهو نائب سابق من تكساس، أمام الحضور، أن ترمب «لا يناضل هذا العام من أجل إعادة العظمة إلى أميركا... بل من أجل الإفلات من السجن»، لكن استنكار الجمهور هذا الكلام أكّد أنَّ نفوذ «الحالة الترمبية» لا يزال قوياً في أوساط حركيي الحزب الجمهوري. وبالتالي، على أي سياسي جمهوري يفكّر بـ«إنقاذ» الحزب العريق من «شخصانية» ترمب... إدراك مدى ثقلِ هذه المهمة وحجم المجازفة. فمناصرو ترمب لا يبدون إطلاقاً في وارد التفكير بشخص بديل أو سياسات بديلة، وبالأخصّ، أنَّ الحزب الديمقراطي - بدوره - يبدو عاجزاً عن انتقاء بديل للرئيس الحالي جو بايدن!

في الشرق الأقصى وآسيا، الصورة العامة ليست أفضل بكثير. صحيح أن لا ضعف ظاهراً على الزعامة الصينية الحالية، لكن «الشفافية» تبقى الغائبَ الأكبر عن طبيعة السلطة في بكين على الرغم من قفزات الصين الاقتصادية والسياسية الكبرى. وما حدث في العام الماضي إبَّان المؤتمر الأخير للحزب الشيوعي الحاكم عند إخراج الرئيس السابق هو جينتاو عنوة من القاعة، تكرّر بالأمس مع الإقالة الغامضة الأسباب (لتاريخه) لوزير الخارجية تشين غانغ بعد أقل من سبعة أشهر من تعيينه في هذا المنصب.

ومن ثم، وسط «ألغام» ملف تايوان، وتقارب بكين التكتيكي مع موسكو إزاء أوكرانيا، وتنافسها المكشوف مع «هند» هندوسية وقومية متشددة انقلبت كلياً على إرث غاندي - نهرو، يغدو جهل نيّات القيادة الصينية وآليات صناعة القرار في بكين... مسألة مقلقة جداً للعالم بأسره.

أخيراً، لا بد من التعريج على الشرق الأوسط.

هنا، بعد سبعة عقود من عيش إسرائيل في ظل نظامٍ تمثيلي ديمقراطي واستقلالية قضاء وفّرا لها استقراراً تباهتْ به طويلاً قبالة «الخضّات» العربية شبه الدائمة، صار ما كان «كياناً غريباً» عن المنطقة جزءاً من «محيطه»، ويشبهه في كثير من النواحي... ولا سيما السلبية منها.

لقد أزال بنيامين نتنياهو – الساعي هو الآخر لتفادي زجّه في السجن بتهم الفساد – عبر مشروعه للتعديلات الدستورية، آخر الأقنعة عن «تحالف» قوى التطرّف والأصولية ورموز الفساد ضد مؤسسات الدولة الحديثة التي كان بُناة الدولة العبرية يتباهون بها.

راهناً يُسقِط جموح نتنياهو، عبر اعتماده الكلي على دعم قوى استيطانية وفاشية معادية جوهرياً للسلام والتعايش والاعتدال، وَهم إمكانية نشوء نظام ديمقراطي في كيان قائم على التمييز والتزمّت والقمع والقهر واستغلال السلطة ونسف تداول الحكم وتهميش العدالة.

ولعله ليس هناك ما يعبّر عن عمق الاختلاف داخل المجتمع الإسرائيلي أكثر من الصور التي تنقلها وسائل الإعلام للمتظاهرين الرافضين دخول «سجن» نتنياهو المظلم... من أجل أن يبقى حراً طليقاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين حرائق الطبيعة ومُحرقي السياسة بين حرائق الطبيعة ومُحرقي السياسة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:58 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي
  مصر اليوم - نيقولا معوّض في تجربة سينمائية جديدة بالروسي

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon