توقيت القاهرة المحلي 23:36:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الحالة الترمبية»... أقوى من حكم القضاء وتقاليد الديمقراطية

  مصر اليوم -

«الحالة الترمبية» أقوى من حكم القضاء وتقاليد الديمقراطية

بقلم - إياد أبو شقرا

يُقال إنَّه عام 1897 قرأ مارك تواين، الكاتب الأميركي الساخر الكبير، في إحدى الصحف خبر نعيه فأطلقَ تعليقه الأشهر: «التقارير عن وفاتي مُبالغٌ فيها كثيراً!»...

هذا يصدق اليوم على حال دونالد ترمب، الرئيس الأميركي السابق - وربَّما المقبل أيضاً - في أعقاب إدانته بـ34 تهمةً جرميةً موجهةً إليه. والسبب أنَّ الرجلَ ما عاد مجرّد سياسي يُفترض به أنَّه يخضع لحكم القانون في دولة ديمقراطية تقوم على نظام قضائي متطوّر، وتسود فيها معايير راسخة للعدالة، وتُحترم فيها من دون تشكيك أحكام مؤسسات بت النزاعات.

ترمب الآن «ظاهرة» شخصانية وشعبوية أثبتت قدرةً هائلة - وخطرة - على تهييج الجموعِ وتجييشها ساعةَ تشاء، وإزاء أي قضية ترفعها.

وبعد ثماني سنوات في قلب الأحداث تتأكّد صحةُ رهانِ ترمب على شارع استنسخه على صورته... فما عادَ يقيم وزناً للتقاليد الدستورية والمفاهيم المؤسساتية بما فيها تداول السلطة والفصل بين السلطات، بدءاً من التحامل الشخصي والتُّهم المطلقة جزافاً على أي متحدٍّ أو غريم، ووصولاً إلى التحريض العلني على الفوضى والعصيان.

وطبعاً هذا بالضبط ما حدث، بعد رفض ترمب الاعتراف بهزيمته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة (2020). وكانت الثمرة اقتحام الغوغاء مبنى الكابيتول، مقر مجلسي الكونغرس ورمز الديمقراطية والشرعية الانتخابية في الولايات المتحدة.

لقد ترسَّخ في قناعة ترمب ليس فقط أنَّه لا يُغلب، بل إنَّه أيضاً لا يخطئ. باتَ يعتبر نفسَه فوق مستوى الخطأ، ومن ثم فوق مستوى المُحاسبة...

أوَلم يقلْ أثناءَ حملته الانتخابية الرئاسية الناجحة عام 2016 إنَّه يستطيع أن يُطلق النارَ على أي شخص في أحد شوارع نيويورك ومع ذلك سيُنتخب رئيساً؟!

وصحَّ يومذاك توقّع ترمب. وفاز تحت شعارات شعبوية خالصة، على رأسها «إعادة العظمة إلى أميركا»، تستقوي بجماعات الانعزاليين المعارضين للهجرة، وغُلاة المسيحيين البيض، والمتشدّدين الإيفانجيليين، وسكان الأرياف المحافظين، والجماعات العنصرية من كل الأشكال والتوجهات.

ومن ثَم، طوال حكم الرئيس الديمقراطي الحالي جو بايدن، استفاد ترمب من واقعين اثنين:

الأول، الأداء الباهت لإدارة بايدن وافتقار رئيسها - المتقدّم في السن - إلى «الكاريزما».

والثاني، الصعود المطّرد لظاهرة الشعبوية الفجّة الميالة إلى العنصرية في العديد من كبريات دول العالم، من غرب أوروبا، إلى البرازيل فالأرجنتين في أميركا اللاتينية، من دون أن ننسى الهند... النموذج الأبرز سابقاً للديمقراطية المأمولة في دول آسيا وأفريقيا.

الحزب الجمهوري الأميركي، اليوم، لم يعد بفعل صعود الشعبوية الترمبية - ومعها اليمين المسيحي - «خيمةً واسعة» تتّسع للمحافظين والليبراليين المعتدلين على السواء. بل يتوقع خلال السنوات الأربع المقبلة أن ينتهي فعلياً وجود البقية الباقية من الجمهوريين الليبراليين المعتدلين في الكونغرس، وبالذات، في الولايات المتأرجحة المتقاربة القوى في شمال شرق الولايات المتحدة وولايات البحيرات الكبرى شمالاً.

وبناءً عليه، في نظر العديد من المراقبين، سقط فعلياً أي احتمال لنشوب «حرب أجنحة» داخل الحزب الجمهوري، وتحوّلت ديناميكيات الصراع على زعامته في المستقبل المنظور إلى مزايدة مفتوحة بين المتنافسين على إبداء الولاء المطلق لمواقف ترمب وقناعاته.

أكثر من هذا، ثمّة مَن يقول إن الإدانة القضائية بحق ترمب ربما تتحوّل إلى «قوة دفع» تخدم حملته في توقيت مثير مع العدّ التنازلي للحملة الانتخابية. ذلك أنه من الناحية القانونية ليس ثمة ما يمنع الرئيس السابق من خوض الانتخابات المقبلة في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بل على العكس، ستصبّ هذه الإدانة في مصلحة أهم نقطتين مُتلازمتين في تكتيكات حملة ترمب، ألا وهما: ادعاء «المظلومية»، وترويج «نظريات المؤامرة».

جمهور ترمب ليس بحاجة أصلاً لمن يُقنعه بأنَّ «قوى واشنطن المعادية»، وعلى رأسها الحزب الديمقراطي والقوى الليبرالية والتقدمية، «تتآمر» على الرئيس السابق لمنعه من تطبيق شعاراته... فكيف إذا زُكّيت عناصر «المؤامرة» بـ«الظلم» المتعمد أمام قوس المحكمة؟!

ثم إنَّ اقتناع جمهور ترمب - الثابت تكراراً - بأنَّه «مظلوم» و«ضحية مؤامرة» قد يقطع الطريق على بروز أي شخصية جمهورية لديها الحد الأدنى من الاستقلالية عن «خط ترمب»... إذا ما تعذّر لأسباب غير منظورة ألا يترشّح في نوفمبر.

وعلى هذا الأساس، أمام الأميركيين والعالم حتى مطلع نوفمبر المقبل أشهر محمومة قد تقرّر لعقود آتية شكل المسيرة السياسية والمقاربات العالمية لأقوى قوى العالم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الحالة الترمبية» أقوى من حكم القضاء وتقاليد الديمقراطية «الحالة الترمبية» أقوى من حكم القضاء وتقاليد الديمقراطية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 21:17 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

نتنياهو يصادق على "عمليات إضافية" في الضفة الغربية
  مصر اليوم - نتنياهو يصادق على عمليات إضافية في الضفة الغربية

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

مصر تتسلم مليار يورو تمويلا جديدا من الاتحاد الأوروبي

GMT 22:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 13:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 11:40 2024 الثلاثاء ,13 آب / أغسطس

نباتات ذات روائح مميزة يمكن زراعتها بالمنزل

GMT 08:12 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

السلطات السورية تفرج عن صحفي أردني بعد 5 أعوام من اعتقاله

GMT 17:48 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مفضلة لتنظيف غرفة النوم وتنظيمها

GMT 07:30 2015 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

محمد عادل لاعب "الاتحاد" يتعرض لإصابة في القدم

GMT 23:07 2016 الأحد ,14 آب / أغسطس

طريقة عمل الملبن بالمكسرات

GMT 23:13 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

مدينة الرقة السورية باتت خالية من داعش بشكل كامل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon