توقيت القاهرة المحلي 20:16:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«ديمقراطية الاحتلال»... وفق الشرعية الدولية!

  مصر اليوم -

«ديمقراطية الاحتلال» وفق الشرعية الدولية

إياد أبو شقرا
بقلم - إياد أبو شقرا

كما كان متوقعاً، أعلن «التيار الوطني الحر» الذي أسّسه الرئيس اللبناني ميشال عون تحالفه للانتخابات النيابية المقبلة مع حليفه ميليشيا «حزب الله».
في ضوء «التفاهم» الذي عقده الجانبان عام 2006 هذا أمر طبيعي. بل هو طبيعي أكثر في ظل تبني الحزب المطلق لعون كمرشح رئاسي وكزعيم كتلة أرادها الحزب المسلّح الكتلة المسيحية البرلمانية الأكبر، مقابل التزام عون الدفاع عن مصالحه وطروحاته وولاءاته الإقليمية داخل البيئة المسيحية في لبنان. وحقاً خلال السنوات الفائتة التزم عون دعم قتال الحزب (وبالتالي، إيران) في سوريا، وسكت عن الدور الذي أوكلته طهران له بهدف عزل لبنان ونسف علاقاته العربية، وتدمير مؤسسات «الدولة» تمهيداً لاستتباعها لـ«دويلة» الحزب.
وفي الفترة الأخيرة، امتدت هيمنة «الحزب» الاحتلالية - بمساندة عون وخليفته المرتقب جبران باسيل - لتُخضِع القضاء وتستكمل إخضاع النظام المصرفي، بعدما سيطرت على الأجهزة الأمنية، وأنهكت القطاعات التربوية والصحية والخدماتية والسياحية... إمعاناً في تهجير الشباب، وتسريع عملية التغيير الديموغرافي.
عند هذه النقطة يمكن التساؤل عن مصير لبنان. وهنا أقول أن لا جديد في مسألة اختلاف اللبنانيين أو اتفاقهم على وجود علاقة مباشرة بين أزمتهم ومفاوضات الملف النووي الإيراني. ذلك أنه عبر تاريخ لبنان الحالي منذ 1920، بل منذ نشوء ملامح كيانية في جبل لبنان خلال القرن الميلادي الـ16، قلما حصل توافق عريض على هوية جامعة أو مصير مشترك.
هذا الواقع قد لا يكون ظاهرة مريحة لكثرة من اللبنانيين اليوم، لكن التاريخ علّمنا أن الأوطان لا تهبط من السماء معلّبة ومختومة بحدود ثابتة لا تتغير. فثمة حتى جزر في العالم تتقاسمها أو تتنازعها غير دولة، كحال بورنيو التي تتقاسمها ثلاث دول (إندونيسيا وماليزيا وبروناي) وهسبانيولا التي تتقاسمها دولتان (هاييتي والجمهورية الدومينيكانية) وآيرلندا (التي تتقاسمها آيرلندا والمملكة المتحدة).
ثم إنه قبل تبلور مفهوم القوميات في أوروبا مع ولادة الكيانين الألماني والإيطالي، ما كان هناك مفهوم «الدولة - الأمة». أما فكرة «الفيدرالية» (أو الاتحادية) في دول كالولايات المتحدة وكندا وإسبانيا، فقد نشأت أساساً نتيجة لغلبة طرف أقوى واستمرت لاحقاً إما بفعل استمرار الغلبة أو نشوء مصلحة مشتركة مع الطرف (أو الأطراف) الأضعف. بل إن أمامنا اليوم نماذج بدت لفترة طويلة تجارب ناجحة - كحال بريطانيا وإسبانيا - لكنها مع ظهور النوازع والتنظيمات الانفصالية ما عادت كذلك. وبالتالي، لا يُضير اللبنانيين التشكيك في متانة «وحدتهم الوطنية» في بلد يعترف دستوره بوجود 18 طائفة دينية، و«تقونن» مواثيقه وأعرافه المحاصصة بينها في مناصب الدولة ومؤسساتها.
التعدّدية، في حد ذاتها، ليست سبباً للنزاعات، بل سببها الأهم هو جهل الجماعات التي تتقاسم العيش داخل كيانات تعددية بعامل «المصلحة في التعايش»، أو تجاهله، أو حتى رفضه… لدرجة تزوير التاريخ تبريراً لهذا الرفض. هنا، بالفعل، تتحوّل التعددية إلى قنبلة موقوتة. وهذه القنبلة موجودة اليوم في لبنان وبعض الكيانات العربية الأخرى التي فقدت مناعتها الوطنية بعدما امتد إليها مخطط الهيمنة الإقليمية الإيراني.
حتماً سيقول البعض إن كيانات المنطقة كانت دائمة عرضة لمخططات هيمنة وأطماع احتلال، إذ عاش معظم العرب تحت هيمنة الدولة العثمانية لأكثر من أربعة قرون... وهذا صحيح. كذلك شهدت الأرض العربية حالات استعمارية وانتدابية أجنبية عديدة... وهذا أيضاً صحيح. ثم إن العالم العربي تعرّض بعد «الحرب العالمية الثانية» لتحدي تأسيس إسرائيل على أرض فلسطين، وهو تحدٍّ أخفق في التعامل معه سلماً أو حرباً... وهذا طبعاً صحيح.
كل ما سبق حقائق لا تنكر، بيد أن المخطط الحالي أشد وقعاً وأكثر تدميراً وتمزيقاً لما تبقى من هويات جامعة على امتداد العالم العربي.
نحن راهناً أمام خطر يشوه هوياتنا الوطنية والقومية، ويمزّق نسيجنا الديني والمذهبي، ويعطل قدراتنا الاقتصادية، ويزرع العداوات والتعصّب والجهل والتخلّف في كل مكان أطبق عليه.
نعم. لم تُلحِق كل المخططات السابقة الذكر جزءاً بسيطاً من الضرر الذي ألحقه - وسيلحقه مستقبلاً - المخطط الاحتلالي الإيراني في العراق وسوريا ولبنان. هذه الدول الثلاث التي كانت ذات يوم مزدهرة متطورة غدت دولاً فاشلة لسبب معروف تماماً، ليس لأبنائها فحسب، بل للمجتمع الدولي أيضاً.
مع هذا تتغاضى القوى الكبرى عمداً في «مفاوضات فيينا» عن ربط البرنامج النووي الإيراني والعقوبات المالية المفروضة على طهران بسياساتها التدميرية ضد «جيرانها». وأيضاً تتغاضى هذه القوى عن استحالة تعايش سلاح الميليشيات مع المسار الديمقراطي، وعبثية «شرعنة» إرهاب بحجة مكافحة إرهاب آخر.
ما نراه أمامنا في العراق ولبنان ليس ديمقراطية، وما يُمثَّل فصولاً في سوريا لا يبني أطراً دستورية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ديمقراطية الاحتلال» وفق الشرعية الدولية «ديمقراطية الاحتلال» وفق الشرعية الدولية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 23:00 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قواعد الإتيكيت الخاصة بشراء الملابس

GMT 12:07 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الجبلاية تستقر على خصم 6 نقاط من الزمالك

GMT 17:18 2021 الخميس ,26 آب / أغسطس

أشهر مميزات وعيوب مواليد برج العذراء

GMT 23:49 2020 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

ملخص وأهداف مباراة الزمالك والمقاولون العرب في الدوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon