توقيت القاهرة المحلي 06:46:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أين هي «أميركا 2024»... وإلى أين تتجه؟

  مصر اليوم -

أين هي «أميركا 2024» وإلى أين تتجه

بقلم - إياد أبو شقرا

مع التدفق السريع لـ«الهدايا» السياسية من كبريات الدول الغربية على إسرائيل في ذكرى «المحرقة النازية»، والتعاطف الواضح مع قادتها بعد صدور موقف المحكمة الدولية إزاء ما ارتكبته - ولا تزال ترتكبه - في قطاع غزة... كان طبيعياً أن تنصبَّ القراءات السياسية على الشأن الإسرائيلي. غير أنَّ الأحداث المتسارعة في الولايات المتحدة، خرجت عن إطار المألوف خلال الأسبوعين الأخيرين.

انسحاب رون ديسانتيس، حاكم ولاية فلوريدا، من المنافسة على ترشيح الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ربما يكون فاجأ بعض المراقبين. إذ إنَّ الرجل، الذي عدّه كثيرون «مرشحاً مثالياً» للفوز في الانتخابات المقبلة، ارتأى أنَّ من الأفضل له تقليص حجم خسائره ومغادرة الحلبة باكراً بعد أول اختبار انتخابي تمهيدي في ولاية آيوا، مع أنَّه حل ثانياً بعد دونالد ترمب.

كان لصالح ديسانتيس وفق حسابات مواطن القوة والضعف بين المرشحين الجمهوريين لمنافسة الرئيس السابق، ومن ثم ضد الرئيس الديمقراطي جو بايدن، الصفات التالية:

1- أنَّه مرشح لا غُبار على يمينيته المحافظة المتشدّدة، داخل حزب يتنامى فيه بقوة وسرعة نفوذ غلاة اليمين المحافظ.

2- أنَّه من الساسة الشباب المتوقع أن يشكلوا مستقبلَ الحزب الجمهوري في مرحلة ما بعد «شخصانية» ترمب.

3- أنَّه من الساسة الذين تنبّهوا باكراً إلى أهمية ركوب موجة التصدّي للهجرة وطالبي اللجوء، ولذا ساروا بلا تحفّظ في ركاب «الترمبية السياسية»، وأحياناً بدا كأنَّه يزايد على «مؤسِّسها»... صاحب مطلب «جدار الفصل» عن المكسيك.

4- أنَّه حاكم ثالث كبرى الولايات الأميركية سكاناً، وهي فضلاً عن ذلك ثالث كبرى «الولايات اللاتينية» الثلاث (بعد كاليفورنيا وتكساس)، ثم إنَّها مع تكساس صارت معقلاً أساسياً للحزب الجمهوري.

مع هذا، يظهر أنَّه في مكان ما، وفي توقيت ما، أقلقت مزايا ديسانتيس «مُرشده». وهكذا تحوّل الرجل في نظر ترمب من تلميذ نجيب إلى خصمٍ لدود يتعجّل وراثته. والحقيقة أنَّ تحسّس ترمب من أي مرشح جدّي يبرز في صفوف اليمين آخذ في التصاعد بالتوازي مع ازدياد تشكيك كثيرين بقدرته على إكمال حملته الانتخابية حتى الخريف المقبل، وهذا وسط «متاهة» القضايا القضائية و«ألغام» المزاعم السياسية المحيطة به.

ويتأكَّد هذا الواقع أكثرَ فأكثر ليس فقط في موقف ترمب من ديسانتيس، بل موقفه أيضاً من المنافسة الثانية نيكي هايلي (الحاكمة السابقة لولاية كارولينا) التي صارت، بعد انسحاب حاكم فلوريدا، المرشح الجدّي الوحيد ضد ترمب. ولعلَّ هايلي ستستفيد أكثر إذا تراكمت مشاكل الرئيس السابق وازدادت الاستفزازات التي يفتعلها، وأحياناً ينزلق إليها.

وحقاً، خرجت أخيراً أصوات حزبية «رصينة»، بعد اختبار آيوا ثم الانتخاب التمهيدي في نيوهامبشير، لتناشد هايلي المضي قدماً في ترشحها ضد ترمب كي لا يجد الحزب نفسه أمام المجهول... إذا حدث معه ما ليس في الحساب خلال الأشهر القليلة المقبلة.

ثم إنَّ الحكم القضائي الأخير ضد ترمب في قضية تشويه السمعة التي رفعتها ضده الكاتبة إي. جين كارول وتغريمه أكثر من 83 مليون دولار، ليس الأول وقد لا يكون الأخير، بينما يواصل الرئيس السابق أسلوبه المعتاد في «تهييج» مناصريه عبر اتهامه الإدارة الحالية باستهدافه، وتسخيرها القضاء لمحاربته.

في هذه الأثناء، ثمة «خليفة» محتمل آخر لترمب اكتشف «فضائل» الأساليب «التجييشية» والشعبوية «التهييجية» لفرض نفسه في الساحة، وهو حاكم ولاية تكساس غريغ آبوت.

آبوت، الذي يحكم ولاية تتاخم المكسيك ولديها تاريخ طويل (سياسي وثقافي ودموي) معها، قرّر أن تكافحَ ولايته الهجرة واللجوء عبر الحدود بقواها الذاتية، من دون العودة إلى الحكومة الاتحادية (الفيدرالية). وكانت المحكمة العليا للولايات المتحدة (رغم غالبيتها اليمينية) قد حكمت الاثنين الماضي، بفارق صوت واحد (5 ضد 4) لصالح حق الحكومة الاتحادية بإزالة أسوار من الأسلاك الشائكة نشرت على الحدود مع المكسيك.

بيد أن آبوت - المنتمي إلى أقصى اليمين الجمهوري - قرّر تحدّي حكم المحكمة، وسياسة الحكومة، التي يتَّهمها بالتساهل في أمر الهجرة، بزيادة عدد الأسلاك الشائكة. ثم شجّع أمثاله من حكام الولايات الجمهوريين اليمينيين على شق عصا الطاعة لواشنطن، وتكليف الحرس الوطني في كل ولاية أمر بحماية حدودها. وفعلاً، انضمت إلى تكساس 6 ولايات؛ بينها فلوريدا المطلّة على البحر الكاريبي، ومونتانا في أقصى الشمال على الحدود مع كندا.

هذا التمرّد، يعيد إلى الأذهان انطلاق شرارة الحرب الأهلية الأميركية عام 1861، عندما تمرّدت ولاية ساوث كارولينا عسكرياً على سياسة الحكومة الاتحادية المناهضة للرّق، وأطلقت من قلعة فورت سمتر بمدينة تشارلستون الطلقة الانفصالية الأولى.

كانت الذريعة في حينه - كما هي اليوم - «حقوق الولايات» في نظام سياسي اتحادي لا يفرض فيه المركز (أي الحكومة المركزية) إرادته فرضاً على المكوّنات (أي الولايات). أمَّا التحدّي الجديد فهو الثاني في التاريخ الأميركي الحديث، بعد اقتحام مناصري الرئيس ترمب مبنى الكابيتول، مقر السلطة التشريعية الاتحادية، يوم 6 يناير (كانون الثاني) 2021... في أعقاب رفض الرئيس المنتهية ولايته الإقرار بخسارته الانتخابات قبل بضعة أشهر.

ماذا نرى أمامنا اليوم؟

أميركا، القوة الأولى في العالم، تعاني من إشكاليات بنيوية خطيرة جداً، في مقدّمها انهيار «التوافق الوطني العريض» على المبادئ والثوابت السياسية، بما في ذلك الاختلاف الصريح على تعريف الديمقراطية، والشرعية السياسية، واستقلالية القضاء، وتداول السلطة، ناهيك بالاستهانة بالحريات العامة وتهديدها... بما فيها الحريات الأكاديمية والإعلامية.

انهيار مثل هذا التوافق العريض في كيان تعدّدي، وفي مناخ استقطاب إلغائي عنيف، وحرية حمل السلاح... يحمل نُذر مخاطر كبرى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين هي «أميركا 2024» وإلى أين تتجه أين هي «أميركا 2024» وإلى أين تتجه



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
  مصر اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 08:48 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
  مصر اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
  مصر اليوم - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:21 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية
  مصر اليوم - إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية

GMT 23:09 2019 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

بورصة دبي تغلق دون تغيير يذكر عند مستوى 2640 نقطة

GMT 21:08 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

باريس سان جيرمان يستهدف صفقة من يوفنتوس

GMT 14:28 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير المصري تدعم إستمرار ميمي عبد الرازق كمدير فني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon